اللغة الأصلية للنص: الفرنسية (فلسطين: السلام عن طريق القانون)
عنوان المقال بالفرنسية:
Palestine: la paix par le droit
رابط المقال الأصلي ومصدره بالفرنسية: هنا
تاريخ نشر المقال الأصلي: 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2020
الكاتب: نُشر هذا المقال في موقع منظمة Ritimo ، وكتبه مركز التوثيق الخاص بقضايا العالم الثالث
ترجمها إلى العربية: يارا حسّان
ل: القانون من أجل فلسطين ©
في جذور صراع لا نهاية له
بدأ المقال بالتساؤل عن ما إذا كان “الصراع الإسرائيلي الفلسطيني” القائم بين قوة احتلال وشعب مُحتل صراع أبدي؟ ورأى الكاتب أنه من الضروري أن نعود بمجريات التاريخ إلى بدايات الصراع في نهاية القرن التاسع عشر لفهم هذه القضية فهمًا وافيًا والتوصل إلى حل عادل ودائم.
يقول الكاتب إن الشعب الفلسطيني عاش مأساة امتدت منذ صدور كتاب “الدولة اليهودية” لتيودور هرتزل عام 1897 ومازالت مأساته قائمة إلى ما بعد تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأخيرة بشأن ضم الضفة الغربية المحتلة.
فكرت الحركة الصهيونية بتوطين كافة يهود الكوكب في “الوطن القومي” في فلسطين، وذلك في ظل استمرار الاضطهاد في أوروبا الشرقية والاستعمار الغربي في القرن التاسع عشر، لاسيما الاستعمار البريطاني.
ومن هذا المنطلق، شهد الفلسطينيون النكبة في عام 1948، التي تبعتها إقامة دولة إسرائيل على الأرض الفلسطينية وبداية ممارستها لعملية طويلة من نزع الملكية والطرد، ولم يقبل القادة الصهاينة منذئذٍ أبدًا بأن يتقاسموا أرض فلسطين مع سكانها التاريخيين، ولم يتوقفوا أبدًا عن احتكار أراضيهم وطردهم من دولتهم وتوطين سكان يهود من دول أخرى فيها.
ويضيف: استمرت هذه العملية التي صاحبت إقامة دولة إسرائيل في عام 1948 مع تواصل الهجمات العسكرية والعنف المستمر ضد السكان المحليين، واستفحلت ببناء مستعمرات جديدة يندد بها القانون الدولي ويحميها الجيش والعديد من الجدران الفاصلة، واستقر حوالي ستمائة ألف يهودي في مستوطنات في الضفة الغربية (يهودا والسامرة كما أسموها) وحول القدس منذ النكسة عام 1967.
الفصل العنصري للدولة
يُقر القانون الأساسي (قانون القومية) الذي يعرّف إسرائيل على أنها “الدولة القومية للشعب اليهودي” والذي صوت له الكنيست الإسرائيلي في 19 تموز 2018 بوجود فئتين من المواطنين: فئة اليهود، وفئة تشمل ما تبقى من سكان آخرين.
ويقول الكاتب إن العديد من أحكام هذا القانون تنتهك الحقوق الأساسية لنحو 1.8 مليون مواطن غير يهودي (حوالي 20٪ من السكان)، بما في ذلك “الأقلية” العربية الكبيرة، كما يحرم هذا القانون اللغة العربية من مكانتها كلغة رسمية بجعله اللغة العبرية هي اللغة الوحيدة لدولة إسرائيل، ويتعرض الفلسطينيون في إسرائيل للعنصرية في المحاكم الإسرائيلية المدنية والعسكرية فيما يتعلق بالجنسية والزواج والحصول على العمل وتصاريح البناء وما إلى ذلك.
يسيطر الجيش الإسرائيلي والسلطة العسكرية في الأراضي المحتلة (التي يبلغ عدد سكانها اليوم 2.5 مليون فلسطيني في الضفة الغربية و 2 مليون في قطاع غزة) على أراضي الفلسطينيين ومياههم وحرية تنقلهم وظروف عملهم، فهم لا أحقية لهم بحد أدنى للأجور ولا بعدد ساعات عمل متساوٍ مع المواطنين الإسرائيليين.
فصل عنصري مُعزز
وصف ريتشارد فولك، مقرر الأمم المتحدة السابق والخاص بحقوق الإنسان في فلسطين، وفيرجينيا تيلي في تقريرهما والمقدم إلى لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا) الممارسات الإسرائيلية برمتها تجاه الشعب الفلسطيني على أنها نظام فصل عنصري “أبارتايد”، وذلك في حجة مستندة إلى مجموعة القوانين والمبادئ الدولية لحقوق الإنسان.
يحلل هذا التقرير الأساليب المستخدمة للسيطرة على جميع السكان الفلسطينيين اعتمادًا على مواقع تواجدهم، ويخلص إلى أن إسرائيل تتبع نظام فصل عنصري متمثل في جغرافية مجزئة تُطبق فيها ممارسات إدارية متنوعة بهدف تقسيم الفلسطينيين والسيطرة عليهم. وذلك من خلال ما يلي:
- تحد القوانين المفروضة على المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل من إمكانية حصولهم على حقوق مساوية لحقوق المواطنين اليهود.
- يتعرض الفلسطينيون المقيمون إقامة دائمة في القدس الشرقية، والذين يعتبرون أجانب بتصريح إقامة غير محدد المهلة، لتمييز ضدهم يبقيهم في موقف محفوف بالمخاطر.
- يُفرض على الفلسطينيين في الأراضي المحتلة في الضفة الغربية وغزة نظام قانوني عسكري معين، بينما يطبق قانون خاص على المستوطنات في الضفة الغربية.
- ممنوع على اللاجئين والمنفيين الفلسطينيين العودة إلى ديارهم في فلسطين، أي جميع أراضي فلسطين الواقعة سابقًا تحت الانتداب البريطاني والتي تخضع حاليًا للسيطرة الإسرائيلية المباشرة.
ويضيف الكاتب أن القضاة الأربعة لمحكمة راسل حول فلسطين وصفوا نظام الهيمنة هذا بالفصل العنصري، وذلك استنادًا للمعايير التي حددها القانون الدولي والأمم المتحدة (قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3068 والصادر بتاريخ 30 نوفمبر 1973).
واسترسل مضيفًا أن الجدار المقام منذ عام 2002 على امتداد 700 كيلومتر، والذي تصفه إسرائيل بالجدار الأمني، بالإضافة إلى الطرق المخصصة للإسرائيليين الذين يعبرون الأراضي المحتلة يفصلان المجتمعات الفلسطينية ويعزلانها عن بعضها ويخرّبان حياة سكانها اليومية.
أما في غزة، فإن الوضع كارثي ولا تحترم سلطة الاحتلال الحقوق الأساسية للفلسطينيين هناك، فقد حُولت هذا البقعة الجغرافية الصغيرة الواقعة بين البحر والصحراء إلى سجن واسع بسبب الحصار العسكري الجوي والبحري والبري الذي تفرضه إسرائيل عليها منذ الانتخابات الفلسطينية عام 2006، ويتكرر قصف السكان المدنيين والمدارس والمستشفيات هناك.
صمت المجتمع الدولي وإفلات إسرائيل من العقاب
ويشير الكاتب إلى أنه وعلى الرغم من أن دولة إسرائيل عضو في الأمم المتحدة منذ عام 1949، إلا إنها لم تطبق أبدًا أيًا من قرارات هذه الهيئة الدولية التي لا تنفك تذكّرها، كونها قوة احتلال، بالتزاماتها تجاه السكان الفلسطينيين اللاجئين منهم ومن هم تحت الاحتلال، بل على العكس تماما، فقد أعاقت إسرائيل إقامة دولة فلسطينية منذ اتفاقات أوسلو المبرمة تحت رعاية الولايات المتحدة عام 1993 والتي خلصت إلى إقامة دولة فلسطينية مع سلطة فلسطينية مؤقتة ينتخبها الفلسطينيون لإتمام عملية التفاوض.
أسفر فشل المفاوضات عن حرمان الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير المصير ومن الجنسية، ومن قضاياه الأساسية (الحدود والقدس وعودة اللاجئين) الممنوعة من النقاش.
تطرق الكاتب أيضا إلى حقيقة انتهاج دولة إسرائيل سياسة الأمر الواقع بدعم سياسي وعسكري واقتصادي من القوى العظمى، بما في ذلك الولايات المتحدة، وبعض القوى الاستعمارية السابقة في الاتحاد الأوروبي، وحتى بعض الدول العربية، مضيفًا أن عدم شرعية الاحتلال والضم، وكذلك انتهاكات حقوق الإنسان، كلها معلومة وموثقة على نطاق واسع سواء على يد هيئات الأمم المتحدة أو العديد من المنظمات غير الحكومية الدولية، وأن المصالح الاقتصادية والتاريخية للولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي في الشرق الأوسط تقف وراء الحصانة ضد العقاب التي تتمتع بها إسرائيل.
مقاومة الفلسطينيين، وحركات التضامن
ويشير الكاتب إلى استمرارية المقاومة المدنية والشعبية الفلسطينية وعدم توقفها أبدًا، وأنها تتصدى بشجاعة لقوة عسكرية ساحقة مدعومة ماليًا ومزودة بأحدث المعدات التكنولوجية والأمنية، واتسع نطاقها منذ نداء المنظمات الفلسطينية غير الحكومية في 4 يوليو 2005 إلى حركة “المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات” المستوحاة من تلك المطبقة على جنوب إفريقيا في عصر الفصل العنصري.
تحظى هذه الحركة بدعم العديد من الشخصيات ورابطات التضامن حول العالم. تطالب هذه الحركات بوضع حد للإفلات المتكرر من العقاب الذي تتمتع به الحكومة الإسرائيلية، مطالبين بما يلي:
- تعليق اتفاقيات الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، والتي تعزز الاقتصاد الصناعي العسكري للاحتلال ومستعمراته (اتفاقية الشراكة، اتفاقية التعاون العلمي والتكنولوجي… إلخ)
- إلغاء الاشتراطات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على المساعدات الممنوحة للمنظمات الفلسطينية غير الحكومية والتي تعامل على أنها منظمات إرهابية.
لن يتحقق السلام إلا بتطبيق القانون
يرى الكاتب أن السبيل الوحيد لتحقيق سلام عادل ودائم هو تطبيق القانون الدولي الذي يجب أن يضع حدًا لواحدة من آخر الوقائع الاستعمارية في القرن الحادي والعشرين، ويجب أن يشمل هذا:
- الاعتراف بدولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية حسب ما جاء في اتفاقات الهدنة عام 1949.
- تطبيق قرارات الأمم المتحدة، لاسيما تلك المتعلقة بالمادة 11 من قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 الصادر في 11 ديسمبر 1948 بشأن عودة اللاجئين.
- احترام الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.
واختتم الكاتب مقاله قائلاً إن الشيء الذي سيسمح ببناء سلمي للمجتمعات الفلسطينية والإسرائيلية هو الاعتراف بسيادة الشعب الفلسطيني على أرضه وحقه في تقرير المصير وفي المساواة في الحقوق.