منظمة القانون من أجل فلسطين تنظم حدثا جانبيا في مجلس حقوق الإنسان حول احتجاز و تعذيب الاسرى الفلسطينيين بعد 7 اكتوبر
نظمت القانون من أجل فلسطين، إلى جانب العديد من المنظمات الحقوقية، بما في ذلك: عدالة – المركز القانوني لحماية حقوق الأقلية العربية في اسرائيل، نادي الأسير الفلسطيني، مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، ديغنيتي- المعهد الدنماركي لمناهضة التعذيب، ومركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية (شمس)، بتنظيم حدث جانبي على هامش الدورة الخامسة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان، بعنوان “تحت القمع: اعتقال اسرائيل وتعذيبها للفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل”. وهدف الحدث الحانبي، الذي اقيم يوم الإثنين الموافق 25 مارس/آذار 2024، الى دق ناقوس الخطر بشأن أوضاع المعتقلين الفلسطينيين في السجون والمعسكرات الإسرائيلية وغيرها من مرافق الاعتقال.
تناول الحدث، والذي تم بثه بشكل مباشر، التقارير المستمرة عن الفظائع، بما في ذلك الاعتقال على نطاق واسع والتعذيب والاعتداءات الجنسية في غزة، بالإضافة إلى الزيادة في أوامر الاعتقال الإداري بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وناقش الانتهاكات المنهجية التي ترتكبها إسرائيل، مثل الاعتقالات التعسفية في الضفة الغربية، واعتقالات الفلسطينيين في إسرائيل، والإسرائيليين اليهود المعارضين للأفعال الإسرائيلية في غزة.
وحضر الحدث ممثلون عن 10 وفود لدى الأمم المتحدة، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي وكندا وسويسرا، وأدارته غادة الريان، منسقة مجلس حقوق الإنسان في منظمة القانون من أجل فلسطين. واستضاف الحدث خمسة متحدثين بارزين، وهم: أمل فقيه، المديرة التنفيذية لمركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية شمس، وعبد الله الزغاري، مدير نادي الأسير الفلسطيني، وباسل صوراني موظف دولي في الضغط والمناصرة في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، وتالا ناصر، محامية حقوق الإنسان في مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، وناريمان شحادة زعبي، محامية فلسطينية في إسرائيل في وحدة الحقوق المدنية والسياسية في مركز عدالة، وناتاشا بروك، المستشارة القانونية في منظمة ديغنيتي – المعهد الدنماركي لمناهضة التعذيب.
أمل فقيه: تحديثات وضع الأسرى الفلسطينيين
القت أمل فقيه الضوء على موقف إسرائيل البارز باعتبارها الدولة الوحيدة التي تشرّع التعذيب، حيث احتلت المرتبة الثالثة عالمياً في إنتاج وتصدير أدوات التعذيب. وشددت على تبرير اسرائيل للتعذيب بحجة مكافحة الإرهاب، مؤكدة على الأضرار الفادحة التي لحقت بالأسرى الفلسطينيين، والتي أدت إلى القتل المأساوي ل 14 اسير فلسطيني في المعتقلات الإسرائيلية منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر.
وكشفت فقيه عن الأزمات المروعة التي يعاني منها المعتقلون الفلسطينيون من غزة والضفة الغربية، بما في ذلك النساء والأطفال، الذين يتعرضون لمجموعة واسعة من الانتهاكات، والتي تشمل الاعتداءات الجسدية، والتفتيش العاري القسري، والتحرش الجنسي، والحرمان من الأدوية الأساسية. وأوضحت كذلك الآلام المروعة التي تواجهها عائلات الأسرى من تحقيقات مستمرة واعتداءات وإطلاق النار وحتى هدم المنازل.
تالا ناصر: محنة الأسرى الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس
تناولت تالا ناصر محنة السجناء الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس، بالإضافة الى التصعيد المقلق لحملات الاعتقال الإسرائيلية، والتي شملت اعتقال 7760 فلسطينيًا منذ 7 أكتوبر 2023، بما في ذلك النساء والأطفال والصحفيين وأعضاء المجلس التشريعي. وأدانت ناصر استخدام إسرائيل سياسة الاعتقال الإداري والإتهام بالتحريض كوسيلة لقمع المعارضة ضد الإبادة الجماعية المستمرة في غزة وتقييد حرية التعبير عن الرأي.
علاوة على ذلك، سلطت ناصر الضوء على الظروف المزرية داخل السجون الإسرائيلية، والتي تتسم بالتجويع ونقص المياه وانقطاع الاتصالات وسوء المعاملة. وشددت على الاستخدام الممنهج للإجراءات القمعية، مما يدل على الانتهاكات الصارخة التي تُرتكب ضد المعتقلين الفلسطينيين.
عبد الله الزغاري: شاهد من داخل السجون الإسرائيلية
شدد الزغاري على التناقض الكبير في أعداد القتلى من المعتقلين في السجون الإسرائيلية منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر. بينما تشير السجلات الرسمية إلى 14 حالة وفاة، يؤكد نادي الأسير الفلسطيني لحقوق الإنسان أن العدد الفعلي يتجاوز 27 أسيرا، ويعود ذلك إلى سياسة الاخفاء القسري التي تتبعها إسرائيل.
وتحدث الزغاري خلال كلمته، عن جريمة القتل المروعة والمتعمدة للأسير ثائر أبو عصب، والذي فقد حياته متأثراً بجراحه نتيجة الضرب المبرح والحرمان من المساعدة الطبية. وبحسب شاهد عيان، وهو أسير كان حاضراً اثناء الحادث المأساوي الذي وقع في 18 أغسطس 2023، في تمام الساعة 7:00 مساءً، قام ثائر خلال الإحصاء الأمني للسجناء، بالسؤال عن وقف محتمل لإطلاق النار في غزة، ليتجنب السجان الإجابة. وفي وقت لاحق، اقتحم حوالي 20 جنديًا مدججين بالسلاح الزنزانة، وأخضعوا جميع السجناء للضرب المبرح لمدة 15 دقيقة. وتجدد الاعتداء، مما أدى إلى فقدان عدد من السجناء وعيهم، ومن بينهم ثائر، الذي أصيب بضربة قاتلة في رأسه. تم حجب المساعدة الطبية عن الأسرى ومن ضمنهم ثائر، والذي تم الإعلان عن وفاته نتيجة تاثره بجراحه بتاريخ 15 يناير 2024.
وناشد الزغاري المجتمع الدولي بممارسة ضغوط منسقة ضد إسرائيل لإجراء تحقيقات شاملة في الظروف داخل السجون الإسرائيلية والظروف المحيطة بوفاة الأسرى. بالإضافة إلى ذلك، دعا اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى الوقوف عند مسؤوليتها، ودعا إلى إعادة تفعيل دورها باعتبارها الهيئة الدولية الوحيدة المرخص لها بزيارة السجون.
باسل الصوراني: أسرى غزة في مواجهة الأهوال
خلال كلمته حول السجناء في غزة المحتجزين لدى إسرائيل، سلط الصوراني الضوء على التعذيب المنهجي المنفذ كجزء من حملة إبادة جماعية أوسع، بحيث تشير التقارير إلى أن ما بين 15,000 إلى 20,000 من الغزيين الذين يحملون تصاريح عمل في إسرائيل تم اعتقالهم بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، سواء اثناء تواجدهم في منازلهم أو أعمالهم أو أثناء محاولتهم الفرار إلى الضفة الغربية.
وأشار الصوراني إلى 35 شهادة تشرح بالتفصيل التعذيب الذي تعرض له العمال والمعتقلون الغزيون في مراكز الاعتقال الإسرائيلية، كما أشار إلى تصنيف آلاف السجناء من غزة كمقاتلين غير شرعيين، مما أدى إلى حرمانهم من التمثيل القانوني أو الاتصال بأفراد عائلاتهم.
كما سلط الصوراني الضوء على حالات الاعتداء الجنسي ضد النساء، بما في ذلك الحالات التي تم فيها فصل الأطفال قسراً عن أمهاتهم لإجراء اختبار الحمض النووي، بالإضافة إلى شهادات تدل على تعرض النساء للضرب المبرح إذا وُجدن نائمات بعد تخديرهن.
شدد الصوراني على وجود نمط من العنف ضد المعتقلين في غزة، والتي تشمل تكبيل الأيدي بشكل مستمر، وتعصيب الأعين، والتهديدات المستمرة، والاعترافات القسرية، والتفتيش العاري القسري، والتعرض لظروف جوية قاسية، مما ادى إلى فقد 27 فلسطينياً مجهولي الهوية لحياتهم نتيجة التعذيب داخل السجون الإسرائيلية.
ناريمان شحادة: الفلسطينيون في إسرائيل – في مواجهة الاضطهاد الداخلي
وفي مناقشتها لمأساة السجناء الفلسطينيين المقيمين داخل إسرائيل، شددت شحادة على الاضطهاد السياسي الممنهج الذي يعاني منه الفلسطينيون، مشيرة إلى القيود الشديدة المفروضة على حرية التعبير عن الرأي والتجمع السلمي، وأرجعت هذا القمع إلى الجهود المتضافرة التي شاركت فيها الجماعات اليمينية المتطرفة والمسؤولون الحكوميون ومختلف المؤسسات الإسرائيلية، بما في ذلك الوزارات مثل: وزارة الصحة ووزارة التعليم، والتي استهدفت الأفراد الذين يعبرون عن تضامنهم مع غزة.
وتحدثت شحادة عن استراتيجية شاملة ضد المتظاهرين الفلسطينيين، ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، وطلاب الجامعات، والموظفين، والتي تستخدم وصم الفلسطينيين ك “أعداء من الداخل” كوسيلة لحجب حريتهم في التعبير عن الهوية أو التضامن.
وسلطت شحادة الضوء على استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين، مشيرة إلى الاتهامات الخطيرة التي يواجهها المدافعون عن حقوق الإنسان ومنظموا المجتمعات المحلية بموجب قوانين مكافحة الإرهاب. كما قدمت المتحدثة تفاصيل عن استهداف النشطاء، مؤكدة على النطاق الواسع لتأثير الاستهداف على السكان الفلسطينيين، وأن الاعتقالات كانت في كثير من الأحيان وحشية، وتم إجراؤها سراً تحت جنح الليل، حيث تعرض المعتقلون إلى تعصيب أعينهم والمعاملة المهينة.
وتطرقت شحادة إلى تطبيق قوانين مكافحة الإرهاب، موضحةً أن الفلسطينيين المعتقلين بموجب هذه التشريعات يصنفون كسجناء أمنيين، مشيرة أن هذه السياسة تمثل تمييزًا ضد الفلسطينيين مقارنة بالمعاملة التي يتلقاها السجناء الإسرائيليون.
ناتاشا بروك: الاتجاه المقلق للتعذيب – من الأضرار العصبية الى الوفاة
افتتحت بروك كلمتها بتسليط الضوء على استخدام التعذيب ضد الأسرى الفلسطينيين منذ فترة تمتد لما قبل 7 أكتوبر، مؤكدة على أن الوضع الحالي لا يمثل إلا تدهورًا في السياسات والممارسات الراسخة، مسلطةً الضوء على التصنيف المحتمل لأعمال التعذيب وسوء المعاملة باعتبارها جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية، لا سيما عندما تكون جزءا من هجوم منهجي ضد الفلسطينيين. وأشارت بروك إلى أن مثل هذه الأعمال يمكن أن توصف بأنها أعمال إبادة جماعية، خاصة إذا تم تنفيذها بقصد تدمير المجموعة الفلسطينية كليًا أو جزئيًا.
ومن خلال معاينتها للظروف داخل مرافق الاحتجاز، تحدثت بروك عن نمط مثير للقلق من التعذيب وسوء المعاملة الذي يتعرض له السجناء الفلسطينيون، بحيث تراوحت هذه الانتهاكات بين الاعتداءات الجسدية والصدمات الكهربائية والحرق بالسجائر، مصحوبة بالحرمان من الحقوق الأساسية مثل: الغذاء والماء والنوم. كما تطرقت المتحدثة إلى المعاناة النفسية التي يعيشها المعتقلون، بما في ذلك التهديدات الموجهة لهم ولأسرهم، إلى جانب الإذلال المستمر، مشددة على التأثير العميق لمثل هذا العنف النفسي، الذي يؤدي في كثير من الأحيان إلى الألم المزمن والإعاقة والأضرار العصبية، وحتى الوفاة.
واختتم المتحدثون كلماتهم بدعوة مدوية إلى العمل، وحثوا جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمجتمع الدولي على التحقيق في وضع الأسرى الفلسطينيين ومساءلة إسرائيل عن ارتكاب جرائم حرب خطيرة من خلال الاستخدام المفرط للقوة. وشددوا على أهمية القوانين الدولية التي تجرم سوء المعاملة والتعذيب، وسلطوا الضوء على العنف المنهجي الذي تعاني منه مختلف شرائح المجتمع الفلسطيني، ودعوا إلى بذل جهود متضافرة لمكافحة الإفلات من العقاب.
التسجيل الكامل للحدث:
احتجاز تعذيب الاسرى الفلسطينيين اكتوبر احتجاز تعذيب الاسرى الفلسطينيين اكتوبر