القانون من أجل فلسطين تشارك في ندوة حول التقرير الأول ل لجنة التحقيق الأممية بشأن فلسطين
شاركت هبة بعيرات، المديرة التنفيذية لمنظمة القانون من أجل فلسطين، في ندوة عبر الإنترنت نظمتها منظمة الدفاع عن ضحايا العنف، وتناولت التقرير الأول للجنة التحقيق المستمرة بشأن فلسطين والتابعة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. عُقدت الندوة باللغة الإنجليزية عبر تقنية Zoom في 6 يوليو/تموز 2022. وإلى جانب بعيرات، شارك في الندوة كل من د. هيثم مناع، رئيس المعهد الاسكندنافي لحقوق الإنسان، و د. صلاح عبد العاطي، رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني.
فيما يلي النص الكامل لمداخلة بعيرات، وقد ترجمها إلى اللغة العربية كريم عساف، من فريق منظمة القانون من أجل فلسطين.
لتحميل المداخلة بصيغة PDF لطفا انقر/ي هنا
—
نص المداخلة:
الخطوة الأولى لمعالجة أي مشكلة هي تشخيصها بشكل صحيح؛ كان هذا ما حاولت لجنة التحقيق الجارية التابعة للأمم المتحدة القيام به في تقريرها الأول المقدم إلى مجلس حقوق الإنسان في دورته الخمسين في يونيو 2022.
في حين أن هيئات التحقيق السابقة التابعة للأمم المتحدة، بما في ذلك لجان التحقيق، أجرت نوعًا من التحقيقات المقيدة والعرضية التي أغفلت الأسباب الجذرية لاستمرار العنف ضد الشعب الفلسطيني، والتي ساهمت في نهاية المطاف في تثبيت تشرذم الفلسطينيين من قبل الإحتلال الإسرائيلي؛ سعت هذه اللجنة من خلال تفويضها الشامل إلى معالجة الأسئلة العامة التي أثرت على حقوق الإنسان لجميع الأفراد الفلسطينيين أينما كانوا.
لقد ذهب التقرير إلى أبعد من التقارير السابقة المماثلة الصادرة عن الهيئات والآليات التابعة للأمم المتحدة من خلال تبني نهج شامل تجاه فلسطين، والنظر في السياق الكامل للمسألة الفلسطينية ومعالجة تقسيم وتشرذم الشعب الفلسطيني.
يشير التقرير الأول لجنة التحقيق الأممية، و بالنظر في نطاقها وولايتها ونتائجها وتوصياتها، إلى تغيير في نهج الأمم المتحدة تجاه حقوق الإنسان في فلسطين؛ علماً بأن هيئات التحقيق المختلفة التابعة للأمم المتحدة رفضت منذ فترة طويلة معالجة حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني ككل.
إذا أردنا الخوض في التفاصيل وتعداد ما يجعل هذا التقرير مختلفًا وواعدًا أكثر من التقارير السابقة المماثلة، فيمكننا القول:
1-تتمتع لجنة التحقيق الحالية بولاية غير مسبوقة: من خلال الاطلاع على التقرير الأول للجنة التحقيق، يلاحظ وجود البنود المنتظمة طوال الوقت والتي تعد انتهاكات متكررة ومستمرة للقانون الدولي مثل المستوطنات، وعمليات الهدم، والاستيلاء على الملكية، والتشريد، والجدار العازل، وحصار قطاع غزة كأسباب تغذي استمرار العنف وتصعيد الصراع.
إلا أن لجنة التحقيق الأممية الحالية مكلفة بأوسع من ذلك، فهي مكلفة “بالتحقيق في الأسباب الجذرية للتوتر المتكرر وعدم الاستقرار وإطالة أمد الصراع”. لذلك، لا تركز هذه اللجنة على القضايا المجزأة والمؤقتة كسابقاتها بل تركز على الأسباب الجذرية والأنماط الأوسع للانتهاكات المتكررة. كما أن اللجنة غير مقيدة من ناحية الجغرافيا أو السكان، فهي مكلفة بالتحقيق في فلسطين التاريخية (على جانبي الخط الأخضر) بما في ذلك الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس وإسرائيل. كما لا يقتصر الأمر على خط زمني محدد لعملها حيث أن هذه اللجنة مستمرة.
سلط التقرير الضوء على الاحتلال الدائم والتمييز المستمر ضد الفلسطينيين في كل مكان كأسباب جذرية للتوتر وعدم الاستقرار والصراع في المنطقة، وأقر بأن إنهاء الاحتلال هو أولوية قصوى. ولم يتوقف التقرير عند هذا الحد، بل اتخذ خطوة أبعد؛ حيث كشف عن التفويض المستقبلي والطبيعة المستمرة للجنة من خلال توضيح أن إنهاء الاحتلال وحده لا يكفي لإنهاء التمييز ضد الفلسطينيين على جانبي الخط الأخضر؛ بدلا من ذلك، هناك حاجة لاتخاذ مزيد من الخطوات بعد إنهاء الاحتلال وفقاً للقانون الدولي.
2-وضع التقرير مسألة إنهاء الإفلات من العقاب كأولوية قصوى، تكتسب هذه النقطة حساسية خاصة في هذا الوقت الحرج؛ ففي الأسابيع الأخيرة، دعت العديد من الحكومات حول العالم – بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية – إلى إجراء تحقيق مستقل في مقتل شيرين أبو عاقلة. ولكن بدلاً من دعم التفويض، فق اتهمت عدداً من الدول بقيادة الولايات المتحدة اللجنة بأنها متحيزة وغير منصفة في محاولة لحماية إسرائيل من التحقيق.
سلط التقرير الضوء على ثقافة الإفلات من العقاب والانتهاكات التي ترتكبها مختلف الجهات المسؤولة في فلسطين بهذا الخصوص، بما في ذلك السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، والحكام الفعليون لقطاع غزة وإسرائيل بشكل أساسي. كما سلط الضوء على الواجبات التي تضطلع بها الشركات والدول غير الأطراف للنزاع بموجب القانون الدولي.
4-لأول مرة، خاطب التقرير الشعب الفلسطيني ككل. أحال التقرير بإحالات مهمة إلى اللاجئين الفلسطينيين مشيراً إلى أن اللجنة ستسعى إلى التواصل مع فلسطيني الشتات على نطاق أوسع.
تتطلب معالجة السياق الكامل لفلسطين الاعتراف بالرفض المستمر لتطبيق حق العودة كسبب جذري للقمع والنكبة المستمرين ضد الفلسطينيين منذ عام 1948.
بعد تحديد نقاط القوة في التقرير وحدود ولاية اللجنة، ما الذي يغيب عنهما؟
لم تتناول اللجنة مصطلحات الاستعمار الاستيطاني والفصل العنصري في تقريرها الأول، إلا أنها تناولت بعض مظاهرهما مثل تغيير التركيبة السكانية من خلال تهجير الفلسطينيين واستبدالهم بالمستوطنين الإسرائيليين. كما أشارت إلى استخدام نظام تشريعي تمييزي على جانبي الخط الأخضر؛ قوانين مثل القانون الدولة القومية اليهودية (القانون الأساسي) وقانون المواطنة والدخول إلى إسرائيل.
لم تتناول اللجنة مصطلحات الاستعمار الاستيطاني والفصل العنصري في تقريرها الأول، إلا أنها تناولت بعض مظاهرهما
كما أشار التقرير إلى انضمام فلسطين إلى الاتفاقية الدولية لعام 1973 بشأن قمع ومعاقبة جريمة الفصل العنصري، مما يدلل على أن الفصل العنصري قد يكون جزءًا من التقارير والتحليلات القادمة.
وتجدر الإشارة إلى أن اللجنة مكلفة بالنظر في التمييز والقمع المنهجيين على أساس الهوية القومية والعرقية والوطنية والدينية. ومع ذلك، فإن تشخيص المشكلة باستخدام مصطلحات دقيقة أمر لا بد منه؛ فالتمييز يختلف عن الفصل العنصري، حيث يستلزم كل منها آليات قانونية مختلفة ويتم التعامل معهما بشكل مختلف بموجب القانون الدولي وأمام المحكمة الجنائية الدولية.
تكتسي حجة الفصل العنصري أهمية خاصة في ظل الإجماع الدولي المتزايد لدعم فرضية الفصل العنصري، بعد أن حاججت عدد من كبريات المنظمات الدولية مثل هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية وبتسيلم وغيرها بأن إسرائيل تطبق نظام الفصل العنصري على الفلسطينيين، حيث تتكاثر الأصوات التي تعترف بواقع الفصل العنصري للفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل.
لا يزال على اللجنة أن تبحث في المواضيع المفصلة والأنماط الأوسع للانتهاكات في تقاريرها القادمة، والتي نأمل أن تحافظ على تفويضها غير المسبوق ونهجها الشامل مع تجنب أوجه القصور وتسمية الأشياء والانتهاكات بأسمائها وإعطائها التوصيف الدقيق.
–
حول التقرير لجنة التحقيق الأممية