مجلس حقوق الإنسان يستضيف مناقشة نقدية حول تقرير لجنة الأمم المتحدة: الحث على اتخاذ إجراءات عالمية ضد الإبادة الجماعية
جنيف، 20 يونيو 2023 – ضمن نشاط مشترك، استضافت منظمة القانون من أجل فلسطين والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان – فلسطين والمجلس النرويجي للاجئين ندوة جانبية في مجلس حقوق الإنسان في جنيف، بالتزامن مع تقديم لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة بشأن الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وإسرائيل، تقريرها إلى المجلس. هدفت هذه الندوة إلى تسليط الضوء على النتائج التي توصلت إليها لجنة التحقيق الدولية، وتناول الإبادة الجماعية في غزة، وكيفية وقف معاناة المدنيين، ومناقشة دور المجتمع الدولي والدول الثالثة في تنفيذ القرارات والأوامر القانونية الدولية.
وباعتبارها الندوة الوحيدة خلال الدورة الحالية لمجلس حقوق الإنسان التي تظهر فيها لجنة التحقيق الأممية منذ إصدارها تقريرها، وفرت الندوة فرصة مهمة لمناقشة نتائج التقرير. وضم الحضور ممثلين عن مختلف الدول والبعثات في جنيف، ومنها بعثة الاتحاد الأوروبي وسويسرا وبلجيكا والعديد من الدول العربية والإسلامية، إلى جانب الباحثين ونشطاء المجتمع المدني.
أدارت النقاش أنيشا باتل من منظمة القانون من أجل فلسطين، وضم الحدث أربعة متحدثين: جميل سرحان (نائب مدير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في قطاع غزة)، كريس سيدوتي (مفوض لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة)، إيتاي إبشتين (كبير مستشاري القانون الدولي الإنساني والسياسات في المجلس النرويجي للاجئين)، وشهد حموري (مستشارة أولى في منظمة القانون من أجل فلسطين ومحاضرة في القانون في جامعة كينت).
جميل سرحان: ممارسات إسرائيل في غزة تشكل جرائم حرب وإبادة جماعية
سلط سرحان، في كلمته الافتتاحية، الضوء على الأزمة الإنسانية الحادة التي يعيشها قطاع غزة، مشددًا على استمرار معاناة المدنيين بسبب الإجراءات الإسرائيلية خلال الأشهر التسعة الماضية. وقدم إحصائيات حول إصابة أكثر من 90 ألف مدني، وفقد 10 آلاف تحت الأنقاض، إلى جانب أكثر من 1.7 مليون نازح قسريًا إلى مواقع مكتظة وغير آمنة. وشدد على أن تدمير البنية التحتية الحيوية، مثل محطات الصرف الصحي ومولدات الكهرباء وآبار المياه، أدى إلى تفاقم الظروف القاسية. وتشكل هذه الأفعال، إلى جانب تصريحات التحريض التي يدلي بها القادة الإسرائيليون، جرائم حرب وإبادة جماعية بموجب المادة 2 من اتفاقية الإبادة الجماعية.
وأشار سرحان أيضًا إلى تأكيد المقررة الخاصة للأمم المتحدة أن الوضع في غزة يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعية، وأشار إلى استنتاج محكمة العدل الدولية بأن على إسرائيل اتخاذ تدابير مؤقتة لتجنب استهداف المدنيين. وعلى ضوء ذلك، انتقد تقرير لجنة التحقيق الأممية الأخير لفشله في وضع الأسباب الجذرية لأحداث 7 أكتوبر في سياقها. ودعا سرحان إلى تحرك دولي، مسلطًا الضوء على مسؤولية الدول الثالثة بموجب مبدأ مسؤولية الكافة erga omnes للتدخل وإنهاء هذه الفظائع.
كريس سيدوتي: التحقيق في جرائم الحرب والانتهاكات الإنسانية
وسلط سيدوتي الضوء على النتائج والتحديات الرئيسية التي واجهها تقرير لجنة التحقيق، مشيراً إلى أن اللجنة بدأت تحقيقاتها في 7 أكتوبر بعد التقارير الأولية عن الأحداث. وبالاعتماد بشكل كبير على المعلومات الرقمية، جمعت اللجنة ما يقرب من 10000 قطعة من المواد الرقمية المتعلقة بالحوادث في إسرائيل والضفة الغربية وغزة. وناقش سيدوتي العقبات التي تمت مواجهتها، بما في ذلك منع إسرائيل من دخول فريق التحقيق، وانقطاع الاتصالات والتيار الكهربائي في غزة.
وركز التقرير المكون من 200 صفحة على التأثير الشديد للعنف القائم على النوع الاجتماعي في غزة واستخدام الموارد الأساسية مثل الغذاء والمياه والكهرباء والرعاية الطبية كسلاح. وشدد سيدوتي على النتائج التي حملت السلطات الإسرائيلية المسؤولية عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وانتهاكات للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان. وتشمل هذه الجرائم الإبادة، والهجمات المتعمدة على المدنيين والأعيان المدنية، والقتل، واستخدام التجويع كسلاح في الحرب، والنقل القسري، والعنف القائم على النوع الاجتماعي الذي يرقى إلى مستوى التعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية.
إيتاي إبشتين: التطبيق الانتقائي للقانون الدولي في غزة
وأكد إيتاي في كلمته على الوضع المزري في غزة والتطبيق الانتقائي لمبادئ القانون الدولي، بما في ذلك قوانين النزاعات المسلحة. وشدد على أن جهود الإغاثة وحدها غير كافية، ودعا المجتمع الدولي، بما في ذلك المنظمات الإنسانية، إلى اتخاذ إجراءات شاملة لمعالجة الوضع في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، بما يمهد الطريق للأمن الإنساني والسلام.
وشدد إبستين على أن مجلس حقوق الإنسان يجب أن يعطي الأولوية لإنهاء الأعمال العدائية، ومنع المزيد من الانتهاكات للقانون الدولي – وخاصة التهجير القسري الجماعي للفلسطينيين واستيلاء إسرائيل على الأراضي الفلسطينية – وتقديم تعويضات للأفراد المتضررين، ومحاسبة الجناة بموجب القانون الدولي، وإنشاء دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة.
وسلط الضوء على التصريحات المثيرة للقلق الصادرة عن القادة الإسرائيليين بشأن استمرار العمليات العسكرية في غزة حتى عام 2025 على الأقل، مما سيؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية. واختتم إيتاي حديثه بحث مجلس حقوق الإنسان والدول الأعضاء فيه على تعزيز آليات المراقبة والمساءلة لدعم مبادئ القانون الدولي.
شهد الحموري: ضرورة قول الحقيقة وتسمية الأشياء بمسياتها في أوقات الإبادة الجماعية
وانتقدت شهد الحموري لجنة التحقيق الدولية لفشلها في تحديد وتناول الفظائع الجارية بدقة، مؤكدة على الحاجة إلى قول الحقيقة وتسمية الأشياء بمسياتها خلال أوقات الإبادة الجماعية. وأدانت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لعجزهما عن منع ارتكاب الفظائع المنهجية في غزة، وقارنت ذلك بالمآسي الماضية في صربيا ورواندا. وقالت الحموري إن هيئة التحقيق فشلت في ولايتها من خلال عدم ربط الأحداث التاريخية والحالية، مما أدى إلى روايات مجزأة تحجب حقيقة الإبادة الجماعية المستمرة. كما انتقدت الاعتماد على أدلة مشكوك فيها وتطبيع الأيديولوجيات اللاإنسانية، التي تزيد من شرعية الفظائع ضد الفلسطينيين.
وأشارت الحموري إلى أن التقرير يحاول الموازنة بين الوضع السياسي الراهن والتطبيع مع الإبادة الجماعية، بدعم من القوى العالمية الكبرى. ودعت إلى اتخاذ إجراءات ملموسة، مثل فرض حظر على الأسلحة والطاقة على إسرائيل، لمعالجة الانتهاكات المنهجية والهيكلية للقانون الدولي. وأشارت إلى تواطؤ الدول القوية، بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، في توريد الأسلحة والحفاظ على الوضع السياسي الراهن الذي يؤدي إلى التطبيع مع الإبادة الجماعية. وشددت الحموري على واجب المجتمع الدولي بمنع الإبادة الجماعية على الرغم من الضغوط السياسية، وحثت على اتخاذ إجراءات حاسمة لوقف الفظائع في غزة ودعم مبادئ القانون الدولي.
واختُتمت الندوة بمناقشة مع الحضور حول غياب الإرادة السياسية لإنهاء الإبادة الجماعية في غزة، ودور آليات العدالة الدولية، والاستخدام الاستراتيجي للغة في الصراعات. وبحث المشاركون الأسباب الكامنة وراء التقاعس عن العمل وفعالية الهيئات الدولية في التصدي لمثل هذه الجرائم، مع تسليط الضوء على الحاجة إلى استجابة عالمية أقوى.
* لمشاهدة تسجيل الندوة، انقر/ي هنا
تقرير لجنة المتحدة الجماعية