عرض ومراجعة كتاب – رسالة دكتوراه: الأمم المتحدة وقضية فلسطين: دراسة في التهميش القانوني الدولي
بقلم: دلال جبر *
مؤلف الكتاب (رسالة الدكتوراه): أرضي إمسيس**
اللغة الأصلية للكتاب: الإنجليزية
الناشر: جامعة كامبريدج (أطروحة دكتوراه). مصدر هنا
سنة النشر: 2019
عدد الصفحات: 245 صفحة
ترجمه إلى العربية: كريم عساف
حرر الترجمة العربية: آلاء ماضي. تدقيق: هبة بعيرات وإحسان عادل
مع التحول لدراسة الاحتلال الصهيوني لفلسطين أكاديميًا كنموذج استعماري استيطاني، أصبح من الضروري الآن أكثر من أي وقت مضى إعادة تقييم موقف الأمم المتحدة من القضية الفلسطينية. منذ إنشائها، كحاملة لشعلة السلام والأمن الدوليين، تم تكليف الأمم المتحدة بتمهيد الطريق باتجاه إيجاد “حل” لقضية فلسطين. ومع ذلك، فإن الملاحظة الواضحة للخسائر السياسية والقانونية والاقتصادية الفلسطينية على مدى السنوات الأربع والسبعين الماضية تترك المرء في حالة من الشك في كفاءة قيادة الأمم المتحدة. لفترة طويلة، كان هناك نقص في الأدبيات التي تتناول تجربة الأمم المتحدة في التعامل مع الشعب الفلسطيني من منظور النظرية القانونية النقدية. من الملح بالفعل البدء في دمج الأساليب غير التقليدية في فحص هيكل الأمم المتحدة ومنهجيتها والاستجابة لها بطريقة تقدم إجابات أفضل على النموذج الاستيطاني الاستعماري بعيدًا عن التحليل السائد الذي عفا عليه الزمن.
بعد أن كان باحثًا قانونيًا في القانون الدولي وفلسطين وعمل في إطار منظومة الأمم المتحدة لسنوات عديدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، يأخذ د.أرضي إمسيس يأخذ على عاتقه مهمة التدقيق في مشاركة الأمم المتحدة في اللحظات الحاسمة في مسيرة النضال الفلسطيني من منظور مغاير. في كتابه، يبحث امسيس بضمير حي في الفجوة بين متطلبات القانون الدولي وموقف الأمم المتحدة بشأن فلسطين ويخلص إلى فشل الأمم المتحدة في تلبية الإطار القانوني الحاكم للمساءلة. يشكك امسيس في ولاء الأمم المتحدة لسيادة القانون الدولي حيث يبدو أن ممارستها، في الواقع، هي قاعدة السيطرة بموجب القانون لا سيادة القانون ذاته. يجادل امسيس بأن الإجراءات التي اتخذتها الأمم المتحدة خلال السعي لتحقيق “سلام عادل ودائم” بين الإسرائيليين والفلسطينيين قد وضعت فلسطين وشعبها في حالة من التهميش القانوني الدولي (International Legal Subalternity – ILS). يوضح امسيس أن حالة التهميش القانوني الدولي تلك تنعكس في الوعد بالعدالة تحت مظلة الشرعية في الوقت الذي يتم على أرض الواقع حجبها دون رحمة.
الإطار التأسيسي
التساؤل الأولي في دراسة امسيس هو ماذا يحدث عندما لا تتوافق تصرفات الأمم المتحدة أو امتناعها عن التصرف مع القانون الدولي، مع الأخذ في الاعتبار وضعها كوصي عالمي للنظام الدولي؟ اختار امسيس فلسطين كدراسة حالة للتحقيق في مثل هذا التساؤل لسببين: أولاً، القضية الفلسطينية قديمة قدم منظمة الأمم المتحدة وتمثل فرصة لفحص عملها على امتداد وجودها بالكامل. ثانيًا، لا توجد دراسة علمية مستقلة ونقدية تجمع بين الأدبيات القانونية الدولية حول القضية الفلسطينية وتجربة الأمم المتحدة في التعامل معها. يتبنى امسيس في تحليله النهج النظري المغاير إضافة لمقاربة العالم الثالث لمدرسة القانون الدولي المعروفة اختصارا باسم TWAIL. يعتبر امسيس أن الأساس الإمبريالي الأوروبي للقانون الدولي تم تأسيسه لتنظيم الاستعمار ويطلق عليه مسمى “السيطرة بالقانون”.[1] يهدف امسيس إلى إظهار تطور السيطرة بالقانون في مساهمات الأمم المتحدة في حالة فلسطين بعد الحرب العالمية الثانية، أي في وقت الانتقال العالمي إلى مفهوم سيادة القانون بين أعضاء المجتمع الدولي، بحيث أن جميع أشخاص القانون الدولي متساوون. يوضح امسيس أن الدراسة تركز في جوهرها على الواقع المعاش للشعوب الأصلية في فلسطين على أنهم “مستعمَرين، مسلوبي الممتلكات، منفيين قسريًا، محتلين، يتم التمييز ضدهم” بالإضافة إلى أنه كان لهم “تاريخ مستدام، ووجود، وشخصية خاصة بهم”. وقادرون على تمثيل أنفسهم. وبهذه المصطلحات، تتساءل الدراسة عن كيفية تعرض مكانة فلسطين في النظام العالمي للخطر من الناحية القانونية.[2]
يهدف امسيس إلى إظهار تطور السيطرة بالقانون في مساهمات الأمم المتحدة في حالة فلسطين بعد الحرب العالمية الثانية، أي في وقت الانتقال العالمي إلى مفهوم سيادة القانون بين أعضاء المجتمع الدولي
يفرق إمسيس بين سيادة القانون والسيطرة بالقانون، معتبرا أن الأخيرة هي ممارسات امبريالية مقننة في القوانين واللوائح للسيطرة على السلطة والحفاظ عليها. في حين عرض إمسيس سيادة القانون على أنه القانون الدولي المفضل الذي يدعو إلى المساواة، الأمر الذي فشلت الأمم المتحدة في تطبيقه على قضية فلسطين، مما أدى إلى وجود حالة من التبعية القانونية. وفي الحقيقة، لا يسع المرء إلا أن يكون فضوليًا لتحديد مصدر سيادة القانون وما إذا كان الالتزام بمتطلباته سيؤدي في الواقع إلى نتيجة مختلفة لفلسطين. بالنظر إلى نهج إمسيس بالاعتماد على “منظور العالم الثالث لتحليل القانون الدولي”، ألا يمكن المجادلة بأن القوى الاستعمارية الأوروبية التي فرضت سيطرة بموجب القانون، هي نفس الأطراف التي أسست كيان الأمم المتحدة وصاغت سيادة القانون الخاص بها؟ وبالتالي، فإن مصالحهم ستكون بالضرورة مدمجة في النظام، وبعبارة أخرى، فإن سيادة القانون والسيطرة بالقانون قد يكون لهما أصول ذاتها من الناحية العملية، مع كون الأول أكثر قابلية للتعديل عند الطرح والتطبيق المستجد.
استند مفهوم سيادة القانون الذي نشأ في السنوات الأولى بعد الحرب العالمية الثانية بشكل أساسي إلى المبادئ العرفية التي طورتها أوروبا لتحكم توسعها واستغلالها، بعيدًا عن الحق في التحرر السياسي أو تقرير المصير لأولئك الذين تحكمهم. لذلك، يتساءل المرء ما إذا كان تطبيق مفهوم سيادة القانون من شأنه أن يمنع إنتاج أو استمرار حالة التهميش القانوني لفلسطين، خاصة عند مقارنة فلسطين بمكانة دول العالم الثالث الأخرى في حقبة ما بعد إنهاء الاستعمار، والتي يناقشها إمسيس في الفصل الرابع من كتابه.
أصول التبعية القانونية الدولية لفلسطين
لا يدعي امسيس أن الأمم المتحدة هي التي خلقت حالة التهميش القانوني. عوضاً عن ذلك، أدت معاملة فلسطين في ظل النظام القانوني الدولي السائد ذي المركز الأوروبي في فترة ما بين الحربين 1915 و1947، إلى هذا الحرمان من الحقوق. يجادل امسيس بأن إضفاء الطابع المؤسسي على حالة التهميش القانوني لفلسطين وجد لأول مرة في نظام الانتداب لعصبة الأمم. فالانتداب، بوصايته الحضارية – التي حولت ثنائية “الهيمنة / التهميش والتابعية” لقانون، كان أداة “لتدويل” وضع التبعية القانونية للمستعمرات على المستوى العالمي، وبالتالي إنتاج حالة التهميش القانوني.[3] يضيف إمسيس أن اعتماد الصهيونية الهيكلي على الإمبريالية الأوروبية وثيق الصلة بفهم تطور التهميش في حالة فلسطين.[4] فقد روج هرتزل للصهيونية كفكرة استعمارية، معتبراً إياها رسالة حضارية. ومع ذلك، كان الهدف إنشاء أمة يهودية في فلسطين “محمية بالقانون العام” من خلال تبني خطابات قانونية لتحضير أرض غير أوروبية مأهولة بالفعل بالسكان. أدار الانتداب البريطاني لفلسطين سيطرة دوليةً بموجب القانون من خلال منح الأفضلية القانونية لمشروع الوطن القومي اليهودي للصهاينة على حساب الحقوق السياسية المضمونة مسبقًا للأغلبية الأصلية.[5]
هنا، يغوص امسيس بالفعل بعمق كبير في تداعيات المشروع الاستعماري الاستيطاني الصهيوني على حالة التهميش القانونية الفلسطينية. يمكن القول، مع ذلك، والكلام لأمسيس، أن تطبيق نظام الانتداب، حتى لو لم يكن هناك شرط إقامة وطن يهودي، كان من شأنه أن يضع فلسطين في حالة مماثلة من التهميش القانوني الدولي. وبدلاً من ذلك، فإن وجود المشروع الصهيوني قد وضع فلسطين والشعب، على عكس المستعمرات الأخرى المنتدبة، تحت تهديد وجودي إضافي بالقضاء المنهجي عليها. سهلت السيطرة الأوروبية بموجب القانون تنفيذ مثل هذا الإلغاء، أي أن الأوروبيين كانوا بحاجة إلى إنتاج حالة تهميشية أولاً من أجل جعل المهمة الصهيونية ممكنة. علاوة على ذلك، فإن الحفاظ على النظام الاستعماري الصهيوني حتى يومنا هذا اقتضى إعادة إنتاج واستمرار حالة التهميش، كما يوضح إمسيس. ومع ذلك، يبدو أن امسيس قد تجنب مناقشة التسلسلات الهرمية العنصرية الصهيونية ومقدارها في خلق انقسام أعلى / أدنى بين اليهود والفلسطينيين مما يبرر القضاء على الطرف الأخير. كان من المثير للاهتمام قياس عواقب حالة التبعية والتهميش الداخليين على الوضع القانوني للتابع والمهمش الذي قدمه امسيس.
القرار 181 (2): الأمم المتحدة تواصل السيطرة الدولية بموجب القانون
بمجرد تأسيسها عام 1945، ورثت الأمم المتحدة تجسيد البريطانيين لحالة التهميش لفلسطين على أرض الواقع في إدارتها للقضية، وبالتالي اعتبرت موقعًا لاستمرار السيطرة بالقانون. يجادل امسيس بأن هذا أصبح واضحًا لأول مرة في قرار الجمعية العامة رقم 181 (II) لعام 1947 الذي اقترح التقسيم (إطار الدولتين) ضد رغبات الأغلبية الأصلية، مع إعطاء الأولوية للمصالح الأوروبية على حساب سيادة القانون الدولي كما تم تطبيقها آنذاك على فلسطين. حيث وفقاً لمبدأ سيادة القانون لن يكون التقسيم قانونيًا بدون موافقة صريحة من المحكومين. يُقرأ هذا في ضوء أن وعد الانتداب بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين قد تم الوفاء به بالفعل [تأكيد على الوعد بوطن، وليس دولة]. باءت الجهود المبذولة لطلب رأي استشاري من محكمة العدل الدولية[6] بشأن استحقاق الجمعية العامة لتقديم توصية دون موافقة الشعب، أي تقديم القرار 181 (II)، بالفشل في اللجنة المخصصة المعنية بقضية فلسطين (اللجنة).[7] وبالفعل، انضم المندوب الكوبي بعد ذلك إلى الاعتراضات الكولومبية والعراقية وأشار إلى أن رفض طلب رأي محكمة العدل الدولية “كان خطأ” و “قد يعطي الانطباع بأن الجمعية تتجنب الحلول التي تتماشى مع القانون”.[8]
تحايلت اللجنة على الواقع الفعلي للسكان الفلسطينيين الأصليين وحقهم الديمقراطي في تقرير مصير المنطقة بأكملها وخلقت دولتين على أساس عنصري
تكشف سجلات المداولات التي أدت إلى تمرير القرار 181 (II) ثلاثة عوامل تعكس تأثير السيطرة الدولية بموجب القانون في صياغته. أولاً، كان هناك انحياز في تكوين اللجنة[9] المكونة من أغلبية أوروبية واستعمارية استيطانية (بدون عرب). وكما أشار جون كويجلي، فإن اللجنة كانت “لجنة صديقة للوكالة اليهودية من وجهة نظر ثقافية”.[10] ثانيًا، لم تكن هناك مشاركة كافية للآراء العربية الفلسطينية في النقاشات. فإبان المداولات، قاطعت اللجنة العربية العليا لفلسطين لجنة الصياغة؛ ومع ذلك، كانت الأخيرة غير راغبة في تشجيع أو تسهيل المشاركة وبدلاً من ذلك تعاملت مع المقاطعة بنهج إلقاء اللوم على الضحية وإلقاء العواقب على التابع. وبالتالي، افتقرت بعثة تقصي الحقائق التابعة للجنة إلى الموضوعية أو الإنصاف في الاستماع إلى كلا الجانبين.[11] ثالثًا، تحايلت اللجنة على الواقع الفعلي للسكان الفلسطينيين الأصليين وحقهم الديمقراطي في تقرير مصير المنطقة بأكملها وخلقت “دولتين على أساس عنصري”، مما عمل على انتهاك نظام الانتداب وميثاق الأمم المتحدة، في استمرار للنظام الدولي الإمبريالي الأوروبي المركزي وحالة التهميش القانوني في منظومة الأمم المتحدة.[12]
ومما يزيد الطين بلة أن الأمم المتحدة كانت على علم بالمواجهات العسكرية بين العرب واليهود والبريطانيين في ذلك الوقت والقدرات العسكرية النسبية لكلا الجانبين. ولم تغفل عن احتمالية وقوع أعمال عنف بعد التقسيم. يشير هذا إلى عدم رغبة الأمم المتحدة بأخذ القوة التي قد تكون موجهة ضد السكان المدنيين العرب غير المحميين بعين الاعتبار، مما قد يغير “الوضع الديموغرافي والسياسي الراهن للبلاد”. يسمي امسيس هذا الموقف “التنافر المعرفي” من جانب الأمم المتحدة.[13]
يعيد امسيس النظر في القرار 181 (II) في مقالة له عام 2021 بعنوان “إعادة النظر في خطة الأمم المتحدة لتقسيم فلسطين: أساس التهميش القانوني الدولي لفلسطين”.[14] ويفصّل فيها أيضًا حول النهج الانتقائي في تطبيق القانون وإساءة تطبيقه في تشريع إطار الدولتين كحجر زاوية للموقف القانوني للأمم المتحدة بشأن فلسطين. إن تفكك إمسيس لأحداث عام 1947 التي أدت إلى القرار 181 (II) يعيد تأكيد القلق بشأن مسألة سيادة القانون المذكورة. يعود امسيس إلى مواد نظام الانتداب باعتبارها القانون المرجعي الذي انتهكته اللجنة في توصيتها، في حين كان في البداية قد انتقد الانتداب باعتباره سيطرة بالقانون rule by law، مدفوعة بالمصالح الإمبريالية الأوروبية. من وجهة نظري، يمكن القول بأن إعطاء مثل هذه المرجعية من شأنها أن تضفي الشرعية على نظام الانتداب الذي أوجد حالة التهميش القانوني الدولي ILS في الأساس.
إن اعتبار امسيس أن وظيفة الأمم المتحدة تدور حول العدالة الملموسة يستبعد انتقاد الأمم المتحدة باعتبارها مجرد أداة وغطاء مصمم للحفاظ على الهيمنة الغربية بمهارة، وبالتالي المحافظة على مصالحها
كما أن عرضه للمحادثات الداخلية وسجلات اللجنة يعكس استمرار الفصل بين “الهيمنة / التبعية والتهميش” المتأصل في السيطرة بموجب القانون، سواء في إهمال الأصوات غير الغربية التي تدعو إلى تدخل محايد أو تجاهل الاستياء الفلسطيني من التوصية بالتقسيم. إن الحفاظ على مثل هذا الانقسام واضح أيضًا من خلال الأمثلة اللاحقة التي ذكرها امسيس للمناقشات الداخلية للأمم المتحدة حول فلسطين. وهذا يقود المرء إلى التساؤل عما إذا كانت آلية عمل الأمم المتحدة، بهيكلية تسمح بمثل هذا الانقسام، تعكس في الواقع سيادة القانون. وهكذا، يبدو أن موقف امسيس في جميع حججه يميل إلى التساهل في التعامل مع الأمم المتحدة، الأمر الذي قد يزيد من ترسيخ ما يُعرف ب “الاستثناء الفلسطيني”، بمعنى أن فلسطين هي الاستثناء الوحيد داخل الأمم المتحدة. إن اعتبار امسيس أن وظيفة الأمم المتحدة تدور حول العدالة الملموسة يستبعد انتقاد الأمم المتحدة باعتبارها مجرد أداة وغطاء مصمم للحفاظ على الهيمنة الغربية بمهارة، وبالتالي المحافظة على مصالحها. وعليه، فإن هذا الاعتبار يعني ضمناً أن نهج الأمم المتحدة تجاه فلسطين ربما كان استثناءً وحيدا لما هو في العادة حكم رشيد. ولكن عندما يدرك المرء الهياكل المتأصلة التي تدعم ديناميكيات القوة داخل منظومة الأمم المتحدة، يتساءل عن شرعية النظام ككل. في الواقع، يطرح هذا تساؤلا عن ما هو النظام القانوني الذي يقبل أن يصبح أي فعل غير قانوني أساسًا قانونيًا للإجراءات اللاحقة؟ في بداية كتابه، أوضح إمسيس أن فلسطين هي دراسة حالة لفحص مكانة الأمم المتحدة باعتبارها الوصي العالمي للنظام الدولي. لكن يبدو أن امسيس قد قيد تركيزه على تقديم نهج الأمم المتحدة تجاه حالة التهميش المتعلقة بفلسطين، بينما تجنب فحصا أوسع أو استنتاجا لوضع الأمم المتحدة باعتبارها حاميا عالميا وما إذا كانت هناك حاجة إلى تغيير جذري للنظام.
حقبة إنهاء الاستعمار والأراضي الفلسطينية المحتلة كتجسيد لتهميش وتبعية العالم الثالث
أدت المكاسب المتعددة لدول العالم الثالث في حقبة إنهاء الاستعمار إلى الاعتراف التدريجي من قبل الأمم المتحدة بالذاتية والحقوق القانونية الفلسطينية، بما في ذلك الحق في تقرير المصير في الأرض الفلسطينية المحتلة[15] ضمن إطار الدولتين. ومع ذلك، يوضح امسيس أن بعض التفاوتات الهيكلية التي أعاقت الاستقلال الكامل لسياسة وثقافة واقتصاد العالم الثالث ظلت قائمة. أدت شبه السيادة في العالم الثالث إلى حالة من عدم المساوة بين هذه الدول و نظرائها الغربيين في الأمم المتحدة، وبالتالي حافظت على وضعها الهامشي كأعضاء تابعة.[16]وهذا يعزز الافتراض القائل بأن فرض حالة التهميش على فلسطين وشعبها كان سيستمر حتى بدون مشروع صهيوني. كانت فلسطين لتكون في وضع مماثل لنضال دول العالم الثالث الأخرى في السعي لتحقيق سيادة متساوية، والفرق الوحيد هو أن مهمة الإزالة (التطهير) الصهيونية قد حولت النقاش حول فلسطين التاريخية إلى مناقشة حول الأرض الفلسطينية المحتلة وإسرائيل.
تكشف إجراءات الأمم المتحدة بشأن قضية فلسطين في حقبة ما بعد 1967 عن الحفاظ على حالة التهميش من خلال ديناميكية السيطرة بالقانون. على الرغم من التخفيف الواضح من تلك حالة في فلسطين من خلال زيادة اعتراف الأمم المتحدة بحقوق الفلسطينيين بعد إنتهاء الاستعمار، فقد تم الحفاظ على الوضع بشكل كبير، ولكن بشكل مختلف. يوضح امسيس أن فشل الأمم المتحدة عن طريق تجاهل تطبيق سيادة القانون المعيارية الكاملة في معالجتها للوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي تعاملها مع الفلسطينيين المحرومين قد ثبّتت وضع التهميش ذاك. فشلت الأمم المتحدة في الإشارة الواضحة إلى عدم شرعية الاحتلال العسكري الإسرائيلي طويل الأمد للأراضي الفلسطينية المحتلة، مع كل ما يترتب على عدم الشرعية بموجب القانون الدولي، بما في ذلك إنهاء الاحتلال دون قيد أو شرط. وبدلاً من ذلك، اكتفت باتباع نهج إنساني يقوم على توثيق انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان. علاوة على ذلك، عززت الأمم المتحدة اعتمادها على مفاوضات ثنائية غير متوازنة في ظل سوء نية مثبتة واحتلال أقوى لا يترك مجالًا للفلسطينيين لممارسة السيادة. أدى افتقار الأمم المتحدة لموقف مبدئي إلى اعتراف رمزي ومشروط بحقوق الفلسطينيين، حيث يتم تأكيد الحقوق فقط إلى حد ما وترك تطبيقها لـ “هيمنة إسرائيلية شرعية”، مما يجعل تحقيقها مستحيلاً من الناحية العملية.[17]
استعرض امسيس أيضا ممارسات الأمم المتحدة في ست حالات[18]من الاحتلال الأجنبي، حيث كان موقفها مخالفًا لنهجها في حالة الاحتلال الإسرائيلي. يوضح امسيس أن نهج سيادة القانون الدولي لا يسمح بالتفاوض من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، بل يستوجب وضع حد له دون قيد أو شرط بناءً على قانون مسؤولية الدول. فيما إن السيطرة بالقانون في مثل هذه الحالة -وليس سيادة القانون- تجذر حالة التهميش للسكان المحتلين الأضعف موقفاً وتضفي في الوقت ذاته شرعية سياسية على المحتل، مما يبقي السكان الضعفاء في حالة من الحصار، كما يوضح امسيس. ثم يواصل الاستفسار عما إذا كان لدى الأمم المتحدة باب مفتوح لتصحيح موقفها والتخفيف من حالة التهميش في فلسطين. ويقدم سوابق كان اللجوء فيها إلى القانون الدولي لغايات مكافحة الهيمنة قد أعطى المهمشين نوعاً من التعويض، وبالتحديد حالة ناميبيا.[19]
يوضح امسيس بإسهاب في مقالة له عام 2020 بعنوان “التفاوض على غير القانوني: الأمم المتحدة والاحتلال غير القانوني لفلسطين، 1967-2020”[20]، بالتفصيل عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة الذي دام 53 عامًا حتى ذلك الحين، موضحًا الانتهاك المنهجي للقواعد الثلاثة الآمرة في القانون الدولي: حظر الاستيلاء على الأراضي من خلال التهديد بالقوة أو استخدامها، والالتزام باحترام حق الشعوب في تقرير مصيرها، والالتزام بالامتناع عن فرض أنظمة أجنبية، بما في ذلك أنظمة التمييز العنصري. يوضح امسيس في مدونته على موقع المجلة الأوروبية للقانون الدولي EJIL لعام 2021[21] “رجال القش والأمم المتحدة والاحتلال غير القانوني: رد تعقيبي على ديفيد هيوز[22]” أن الاحتلال لا يمثل حالة غير قانونية تتطلب إنهاءًا فوريًا. بل، “إن شرعية الاحتلال التي يتم قياسها من خلال الانتهاك المنهجي للمعايير المذكورة أعلاه تؤدي إلى التزامات محددة بموجب قانون مسؤولية الدول لإنهاء الاحتلال فورًا ودون قيد أو شرط”.
إن شرعية الاحتلال التي يتم قياسها من خلال الانتهاك المنهجي للمعايير المذكورة أعلاه تؤدي إلى التزامات محددة بموجب قانون مسؤولية الدول لإنهاء الاحتلال فورًا ودون قيد أو شرط
أحدثت حقبة إنهاء الاستعمار تغييرات في استمرار الأمم المتحدة في تطبيق حالة التهميش القانوني الدولي على فلسطين، حيث اتخذت شكل إغفال تنفيذ القانون الدولي القائم. ورغم أن هذا صحيح، إلا أنه يمكن للمرء أيضًا أن يجادل بأن الأمم المتحدة أيدت وضع التهميش من خلال انتهاك سيادة القانون، فضلا عن الامتناع عن تنفيذه. فشلت المنظمة في تقرير عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي وفشلت في الدعوة إلى إنهائه بشكل غير مشروط، لكنها أيضا انتهكت القانون الدولي من خلال اتباع نهج تفاوضي في الوقت الذي لا يسمح القانون فيه بذلك. لكن ما يميز حقبة إنهاء الاستعمار هو التكوين الجديد للجمعية العامة، ويلفت امسيس الانتباه هنا إلى جهود الجهات الفاعلة في العالم الثالث في توجيه نهج الأمم المتحدة. ومع ذلك، يثور الفضول لاستكشاف تأثير الحركات الاجتماعية العابرة للحدود، الأشخاص العاديين في الأساس، على الديناميكيات المؤسسية للأمم المتحدة خلال هذه الفترة. كان من الممكن لهذه الحركات وتحالفاتها أن تلعب دوراً مهماً في ذلك الوقت، ومن ناحية أخرى يمكن المحاججة ضد الاعتقاد الأعمى لتلك الحركات، حيث كانت تعتقد بقدرة تحريرية للأمم المتحدة، وتولي خطابها ثقة في غير محلها. يوجد العديد من الدروس التي يمكن تعلمها هنا والتي يمكن أن تساعد الشعوب، ولا سيما الفلسطينيين، من أجل تجنب حالة حجب الأمم المتحدة المتكرر للحقوق، وربما توجيه البوصلة نحو إحداث ثورة تغييرية في هياكلها.
العضوية في الأمم المتحدة واستمرار حالة التهميش والتبعية القانونية الدولية
يدعي امسيس أن فشل الأمم المتحدة بمنح فلسطين العضوية الكاملة بموجب المادة 4 (1)[23] من الميثاق يظهر استمرار حالة التهميش القانوني لفلسطين. ويوضح امسيس أن تفسيرات الأمم المتحدة السابقة ذات الطابع الليبرالي والمرن قد تم التخلي عنها تحت ضغط الولايات المتحدة الذي مارسته على العديد من أعضاء لجنة قبول الدول لتبني تفسير ضيق وخاطئ بغير وجه حق بشأن فلسطين. وأصدرت اللجنة تقريرها الذي أفادت فيه بأنها “غير قادرة على إصدار توصية بالإجماع” بشأن قبول فلسطين، ما يعني الرفض الفعلي. كل عضو من أعضاء مجلس الأمن ممثل في اللجنة، وبالنظر إلى المقعد الدائم للقوى العظمى في مجلس الأمن، فإن القرارات الخاصة بقبول عضو جديد في الأمم المتحدة تبقى في إطار مصالح تلك القوى المهيمنة ما يعني الاستخدام التعسفي لسلطتها. إن الممارسة الخبيثة للسلطة الإمبريالية الجديدة لاتخاذ مثل هذه القرارات تحت “عباءة إضفاء الشرعية من ميثاق الأمم المتحدة” هي جوهر فرض حالة التهميش على المحرومين من حقوقهم.[24]
في الواقع، فرض بعض أعضاء لجنة القبول شروطاً في التقييم لا صلة لها بالمادة 4 (1) من ميثاق الأمم المتحدة، بما في ذلك النظر في “السياق السياسي الأوسع” وإعادة التأكيد على “تسوية تفاوضية” لتكون “الخيار الوحيد لسلام مستدام وطويل الأمد”. يبدو أن استنتاج اللجنة يتماشى مع بيان ممثل الولايات المتحدة في مناقشات المجلس حول هذه المسألة: “نعتقد أن الجهود الفلسطينية للسعي للحصول على وضع دولة عضو في الأمم المتحدة لن تدفع عملية السلام بل ستعقّد، وتؤخر، وربما تعرقل احتمالات التوصل إلى تسوية تفاوضية. لذلك، عارضنا باستمرار مثل هذه المبادرات الأحادية الجانب”. رغم أن الولايات المتحدة أيدت سابقاً قبول إسرائيل لعضوية الأمم المتحدة في عام 1949 دون مطالبات بإبرام اتفاقيات سلام مع الدول المجاورة لها، بل وقدمت عوامل خارجية للدفاع عن قضية القبول. وقدمت فلسطين حججاً مفادها أن طلب العضوية لا يتعارض مع عملية السلام السياسي وليس بديلاً عن مفاوضات ولكن بدون جدوى. وأوضح السفير اللبناني في النقاش أنه بخلاف ذلك، “ستكون الدولة الفلسطينية رهنا بموافقة إسرائيل، الأمر الذي يمنح السلطة القائمة بالاحتلال حق النقض على حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني”. في هذه الحالة، فإن ممارسة سلطة المجلس، ولا سيما الولايات المتحدة هنا، للتسبب في فشل فلسطين في الحصول على العضوية، تُجسِّد استمرار حالة التهميش في النظام.[25]
يوضح امسيس الممارسة الطويلة الأمد للأمم المتحدة في تقييم المادة 4 (1) لشروط الدولة من خلال معايير مونتفيديو الأربعة: “(أ) سكان دائمون؛ (ب) إقليم محدد؛ (ج) حكومة؛ (د) القدرة على الدخول في علاقات مع الدول الأخرى، “ويوضح المعاملة المزدوجة التي تم اتخاذها لتقييم طلب فلسطين مقارنة بعملية قبول إسرائيل في عام 1949 بموجب المادة 4 (1). تتضح المعاملة المزدوجة في تقييم اللجنة لمطلب “الإقليم المحدد” على الرغم من اعتراف الأمم المتحدة بحدود الأراضي الفلسطينية المحتلة على أنها حدود عام 1967 مع القدس الشرقية كعاصمة لها. ومع ذلك، قُبل طلب إسرائيل للانضمام للعضوية خلال حرب عام 1948، حيث تم تحديد الأراضي اليهودية الأصلية بموجب القرار 181 (II)، على الرغم من التوسعات المستمرة من خلال العمليات العسكرية آنذاك. ثم تحدثت الولايات المتحدة في المجلس ردًا على رفض الدول: “لا تجد في المعالجة الكلاسيكية العامة لهذا الموضوع أي إصرار على أن أراضي دولة ما يجب أن تُحدد بدقة من خلال حدود واضحة ومحددة”.[26]
تجسد الخلاف الثالث بين أعضاء اللجنة في ما إذا كانت فلسطين قد أوفت بمتطلبات اختبار سيطرة حكومية فعالة ومستقلة، بالنظر إلى الانقسام في عام 2007 بين فتح وحماس وسيطرة الأخيرة على 40٪ من السكان. يدعي امسيس أن مثل هذه الإجراءات من جانب الأمم المتحدة تتعارض مع ممارساتها طويلة الأمد. يستشهد امسيس بقضية قبول الكونغو عام 1960 عندما انقسمت حكومتها المركزية بين فصيلين، ومع ذلك وافقت الأمم المتحدة على عضويتها. أخيرًا، اختلفت اللجنة حول المطلب الرابع الذي يتساءل عما إذا كانت السلطة الفلسطينية لديها القدرة على إدارة العلاقات الدولية في ضوء قيود اتفاقيات أوسلو. ومع ذلك، فإن هذا التردد لا يرتبط بممارسات الأمم المتحدة فيما يتعلق بأوكرانيا وموناكو وجزر المارشال والعديد من الدول الأخرى، حيث لم يتم التنازل عن العلاقات الخارجية للدولة كليًا أو جزئيًا لدولة أخرى. علاوة على ذلك، تقيم فلسطين علاقات خارجية منذ عام 1988 في الأمم المتحدة ومع إسرائيل، وفي الواقع، تعترف أكثر من 130 دولة بفلسطين كدولة مستقلة ذات سيادة. كان النهج تجاه تطبيق إسرائيل مختلفًا تمامًا فيما يتعلق بهذا المطلب؛ حيث جادلت الولايات المتحدة في مقاربة ليبرالية آنذاك قائلة: “لدينا بالفعل، من بين أعضاء الأمم المتحدة، بعض الكيانات السياسية التي لا تمتلك الحرية السيادية الكاملة لتشكيل سياستها الدولية الخاصة”.[27]
يخلص امسيس إلى أن الكيل بمكيالين في تطبيق مبادئ الأمم المتحدة والقواعد الدولية يوضح استخدام ثنائية المهيمن – التابع/المهمش بموجب القانون من خلال ممارسة السلطة الإمبريالية الجديدة وبالتالي إدامة حالة التهميش القانوني الدولي لفلسطين وشعبها.[28]
يتطرق إمسيس إلى تأثير قرار الجمعية العامة 7/19 في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2012 والذي كان متأثرا بصبغة العالم الثالث على حالة التهميش القانوني لفلسطين. يرى امسيس أن حصول فلسطين على وضع دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة جاء كمحاولة لاستخدام أدوات مكافحة الهيمنة للتخفيف من حالة التهميش. ومع ذلك، فإن الوضع الجديد يحد من مشاركة فلسطين في الأمم المتحدة في “قضايا الفلسطينيين والشرق الأوسط”. حيث لا يمكنها التصويت أو تقديم مرشيحها للانتخابات أو التعيين. وهكذا، فإن هذا التحديث كشف عن “كل من الوعود والحدود للقانون الدولي بالنسبة للشعوب التابعة والمهمشة”. إن عدم قدرة فلسطين على أن تصبح دولة عضو بسبب الممارسة الخبيثة للقوى الإمبريالية الجديدة يضعها في حالة عدم يقين دائمة، وبالتالي في حالة من التهميش القانوني الدولي.[29]
إن عدم قدرة فلسطين على أن تصبح دولة عضو بسبب الممارسة الخبيثة للقوى الإمبريالية الجديدة يضعها في حالة عدم يقين دائمة، وبالتالي في حالة من التهميش القانوني الدولي
وهكذا يبدو أن امسيس يتناول طريقاً ثالثًا لاستمرار حالة التهميش: الممارسة التعسفية للسلطة في عمليات صنع القرار داخل الأمم المتحدة. يؤكد عرض امسيس لرحلة فلسطين نحو عضوية الأمم المتحدة الافتراض بوجود سيطرة بموجب القانون متأصلة في عمل المنظمة الدولية وهيكلها الحالي. إنها اللحظة التاريخية الأكثر وضوحًا لأولئك الذين تم التطرق إلى أحوالهم في رسالته والتي تعكس الافتقار إلى حكم حقيقي لسيادة القانون. لا أقول هذا لأشير إلى أن الأمم المتحدة قد انحرفت عن نهجها القائم على سيادة القانون؛ بل لأنوّه إلى أن القانون الدولي القائم والذي استشهد به امسيس كان ولا يزال في الواقع “سيطرة بموجب القانون”، محميًا بمظلة من الشرعية المؤسساتية.
ما التالي لفلسطين وشعبها؟
يختتم امسيس عرضه بالإشارة إلى التشوه البنيوي بعيد المدى في إدارة الأمم المتحدة لقضية فلسطين والظروف الناجمة عنه والتي تسبب بمعاناة كبيرة لفلسطين وشعبها. يخلص امسيس إلى أن الصراع ضد الهيمنة يستمر مع إيمان المهمشين بنظام عالمي فاضل. ومع ذلك، يبدو أنه يشك فيما إذا كانت محاولة فلسطين للتحرر من حالة التهميش والتبعية عبر وسائل تكتيكية مضادة للهيمنة ستنجح. تقدم الجهود الفلسطينية عبر التحولات الدورية العالمية المختلفة مثالاً على “سياسة ونطاق وحدود القانون والتنظيم الدولي المعاصر”. تظل قضية فلسطين “اختبارا حاسما” لصلاحية النظام الدولي ككل.[30]
في الواقع، هناك تساؤل حول الأدوات المتاحة للفلسطينيين لتحقيق سيادة حرة ومتساوية في مثل هذا النظام. يضع امسيس في كتابه الأساس للتأصيل الأكاديمي الذي تشتد الحاجة إليه والذي يتضمن تحليلًا قانونيًا نقديًا، لا سيما من منظور العالم الثالث للقانون الدولي، تجاه قضية فلسطين. إنه يزدري -بحق- الخيال الساذج لعالم عادل حيث يسود العدل على حساب المصالح الغربية. في المقابل، فإن إعادة توجيه البوصلة نحو تدابير مكافحة الهيمنة تعطي بعض الأمل عندما نبدأ في فهم التحيز الكامن داخل النظام الدولي. إن كشف إمسيس عن تعزيز الأمم المتحدة للتبعية والتهميش للفلسطينيين يوجه الأكاديميين والنشطاء على حدٍ سواء للسعي للإصلاح الفوري لتوصيف الأمم المتحدة للقضية الفلسطينية والتوجه نحو توفير حلول لها. ربما يكون الطريق إلى الأمام هو طريق ثوري بدلاً من طريق التوظيف الأعمى للقواعد السائدة.
* دلال جبر باحثة في منظمة القانون من أجل فلسطين، محامية وباحثة في القانون الدولي، حاصلة على درجة الماجستير في القانون من الولايات المتحدة وعلى درجة البكالوريوس في الحقوق من فلسطين. تعمل كمساعدة في مجال السياسة العامة والمناصرة في واشنطن، وتسعى الآن للحصول على درجة الحقوق في الولايات المتحدة. تهتم بالنظرية القانونية النقدية والحركات الاجتماعية والمحاماة الثورية.
** أرضي أمسيس: أستاذ مساعد في القانون بجامعة كوينز، كان عضوًا في لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة بشأن الحرب في اليمن (2019-2021). بين عامي 2002 و2014، عمل في مناصب قانونية وسياسية عليا مع الأونروا في فلسطين. قدم شهادة خبير بصفته الشخصية أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في مناسبات متعددة. هو مؤلف كتاب الأمم المتحدة وقضية فلسطين: السيطرة بالقانون وهيكل التهميش القانوني الدولي (مطبعة جامعة كامبريدج، سيصدر قريباً)، وقد تم اقتباس أفكاره ونظرياته في مجموعة متنوعة من المجلات الدولية. إمسيس هو رئيس التحرير السابق للكتاب السنوي لفلسطين والقانون الدولي (بريل؛ 2008-2019)، وهو باحث في هارلن فيسك ستون وحاصل على زمالة حقوق الإنسان في كلية الحقوق بجامعة كولومبيا. حاصل على دكتوراه (كامبردج)، ماجستير في القانون (كولومبيا)، ليسانس الحقوق (دالهوزي)، وبكالوريوس (مع مرتبة الشرف) (تورنتو).
الهوامش:
كتب امسيس (ص6): “تكشف القراءة النقدية لتاريخ القانون والمؤسسات الدولية أن الاليات والعقائد والتقنيات التي تم إنشاؤها كوسيلة لتحقيق نظام [1]
عالمي قائم على الحقوق اللبرالية أظهرت أحياناً أنها الأدوات ذاتها التي من خلالها تم إحباط هذا النظام أو تقويضه على حساب الطبقات التابعة.”
امسيس، أرضي، الأمم المتحدة وقضية فلسطين: دراسة في التهميش القانوني، جامعة كامبريدج (2019)، ص 1-7[2]
https://doi.org/10.17863/CAM.37976.
[3]إقتبس امسيس من بيدرسين (ص27): “العملية التي يتم من خلالها إزاحة بعض القضايا والوظائف السياسية من المجال الوطني أو الإمبراطوري،
وإلى العالم الدولي.”
[4]ص25-28
[5]ص29-42
تم لاحقًا تسمية اللجنة المخصصة المعنية بالقضية الفلسطينية باسم لجنة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بفلسطين (UNSCOP).[7]
صرح المندوب السوفيتي ، على غرار ممثلي هولندا والنرويج وبولندا وأوروغواي ، “لن يكون من العدل عدم النظر في هذا الأمر وإنكار حق [9]
الشعب اليهودي في تحقيق هذا التطلع. سيكون من غير المبرر حرمان الشعب اليهودي من هذا الحق ، لا سيما بالنظر إلى كل ما مر به خلال الحرب العالمية الثانية. وبالتالي، فإن دراسة هذا الجانب من المشكلة وإعداد المقترحات ذات الصلة يجب أن تشكل مهمة أولوية للجنة الخاصة “. عبرت اليمن أمام الجمعية العامة: “لو تعرض اليهود للاضطهاد في أوروبا، فما علاقة الشعب الفلسطيني بذلك؟” ومع ذلك، فإن المخاوف العربية المعلنة كانت بلا جدوى.
أرضي إمسيس، إعادة النظر في خطة الأمم المتحدة لتقسيم فلسطين: حول أساسات التهميش القانوني الدولي لفلسطين، 57 [14]
Stan J. Int’l L. 1 (2021)، ص 1-54
, https://law.stanford.edu/publications/the-united-nations-plan-of-partition-for-palestine-revisited-on-the-origins-of-palestines-international-legal-subalternity/
الأراضي الفلسطينية المحتلة.[15]
امسيس، ارضي، دراسة في التهميش القانوني الدولي ، الحاشية 1 أعلاه ، الصفحات 99-105.[16]
[18]يعرض امسيس ممارسات الأمم المتحدة في الاحتلالات الاخرى، لا سيما في ست حالات، ناميبيا وأفغانستان والكويت، حين أعلنت الأمم المتحدة أن احتلال هذه الدول غير قانوني، والصحراء الغربية وقبرص الشمالية وتيمور الشرقية، حين التزمت الأمم المتحدة الصمت. يسلط امسيس الضوء على العلاقة بين اعتبار الامم المتحدة للاحتلال غير شرعي والمطالبة بإنهائه بصورة غير مشروطة مقابل الحالات الثلاث الأخيرة حيث يتوقف إنهاء الاحتلال على التفاوض. ويوضح أن عمل الأمم المتحدة في الحالات الثلاثة الأولى جاء متسقًا مع القانون الدولي في حين أن موقفها في الثلاثة الأخيرة كان سيطرة بموجب القانون ويتعارض مع القانون المتعلق بمسؤولية الدول.
[20] أرضي امسيس، التفاوض على اللاقانوني: الأمم المتحدة والاحتلال غير الشرعي لفلسطين، 1967-2020، 31 المجلة الأوروبية للقانون الدولي 3 (2020)و ص 1055-1085 https://doi.org/10.1093/ejil/chaa055
المجلة الأوروبية للقانون الدولي.[21]
[22]أرضي امسيس، رجال القش، الأمم المتحدة والاحتلال غير الشرعي: رد على ديفيد هيوز، مدونة على المجلة الأوروبية للقانون الدولي، فبراير 18، 2021https://www.ejiltalk.org/of-straw-men-the-united-nations-and-illegal-occupation-a-rejoinder-to-david-hughes/ (تمت المشاهدة أبريل 13، 2022).
عدد امسيس معايير المادة (4) للحصول على العضوية بعد تأسيس الأمم المتحدة على النحو التالي: “1-العضوية في الأمم المتحدة مفتوحة لجميع [23]
الدول الأخرى المحبة للسلام التي تقبل الالتزامات الواردة في هذا الميثاق، وفي رأي المنظمة قادرة وراغبة في تنفيذ هذه الالتزامات؛ (2) قبول أي دولة من هذا القبيل في عضوية الأمم المتحدة يتم بقرار من الجمعية العامة بناءً على توصية مجلس الأمن “.
[24] امسيس، دراسة في التهميش القانوني الدولي، الملاحظة السابقة 1، ص 156- 169
تعرف على المزيد عن تجربة فلسطين في الأمم المتحدة عبر هذه الندوة المسجلة التي ناقشنا فيها مجموعة من المقررين الخواص للأمم المتحدة لفلسطين: جون دوغارد وريتشارد فولك ومايكل لينك، برفقة أرضي أمسيس