مؤتمر فلسطين والقانون الدولي: الفاعلية والأفق
الجلسة الأولى: قضايا تحت الاحتلال : منظور القانون الدولي وفاعلية التدويل – القدس و الأسرى نموذجاً
29 نوفمبر 2021
لمشاهدة التسجيل الكامل للجلسة، انقر هنا
لتحميل التفريع النصي الكامل للجلسة، انقر هنا
المتحدثون:
سحر فرانسيس: محامية ومديرة مؤسسة الضمير
د. منير نسيبة: أستاذ القانون الدولي في جامعة القدس
ميسّر الجلسة: د. أحمد شهاب: أستاذ القانون الدولي بالجامعة الإسلامية بغزة
مقدمة:
د. أحمد شهاب: صباح الخير للجميع. بداية أرحب بجميع الحضور من مختلف دول العالم في واحد من أهم الأنشطة والفاعليات المناصرة لفلسطين وهو مؤتمر فلسطين والقانون الدولي الفاعلية والأفق الذي يعقد في يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني.
كما أيضًا أرحب بالمتحدثين في الجلسة الأولى للمؤتمر والمخصصة للحديث عن قضايا تحت الاحتلال من منظور القانون الدولي وفاعلية التدويل : القدس و الأسرى نموذجًا.
كما نعلم أن التدويل يهدف بالإضافة إلى آليات ووسائل دولية أخرى لتحمل المجتمع الدولي مسئولياته السياسية والقانونية عن استمرار الاحتلال وعدم تطبيق القرارات الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية وفي مقدمتها انهاء الاحتلال وتقرير المصير وعودة اللاجئين وغيرها من القضايا العالقة و اعتماد اطار دولي كآلية لحل الصراع كالمؤتمر الدولي والرباعية الدولية. أيضًا طلب الحماية الدولية للشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال وتوظيف الضغط الدولي على دولة الاحتلال لنيل حقوق الشعب الفلسطيني الوطنية أو جزء منها واستخدام وسائل نضالية لا تتعارض مع القانون الدولي لمقاومة الاحتلال.
المتحدثون في الجلسة الاولى معنا هم الاستاذة سحر فرنسيس المديرة العامة لمؤسسة الضمير لحقوق الانسان ومحامية بالتدريب والعضو البارز لمدة أربع سنوات في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال فرع فلسطين وأيضًا هي عضوة في لجان العمل الزراعي في فلسطين، أهلا وسهلا بها، والتي ستتحدث عن فرص واليات تدويل قضية الاسرى في سياق القانون الدولي والمجتمع الدولي.
أيضا معنا المتحدث الثاني في الجلسة الاولي وهو الدكتور منير نسيبة عضو مجلس امناء منظمة القانون من أجل فلسطين واستاذ مساعد في كلية الحقوق جامعة القدس ومدير ومؤسس مشارك للعيادة القانونية فيها. يحمل الدكتوراه في القانون من جامعة ويستمنستير في لندن وهو مستشار سياسات لدى شبكة السياسات الفلسطينية.
ضيوفنا الاعزاء والحضور الكريم سنخصص وقتا للمناقشة والاسئلة والاجابة عليها من قبل المتحدثين. أولًا سنبدأ مع المتحدثة الاستاذة سحر فلتتفضل في حدود ال 12 دقيقة. الاحتلال القانون التدويل القدس الأسرى
كلمة الأستاذة سحر فرنسيس:
صباح الخير، وشكرًا جزيلا لدعوتي للمشاركة في هذا المؤتمر المهم ولي الشرف أن أكون من المتحدثين وكما تفضلت نقوم بالتركيز على موضوع الأسرى وقضية الأسرى السياسيين الفلسطينيين. طبعا دولة الاحتلال منذ بداية الاحتلال في العام 1967 وظفت واستخدمت الاعتقال كآداه لفرض الهيمنة والسيطرة على المجتمع الفلسطيني وطورت القوانين العسكرية والاوامر العسكرية ومنظومة كاملة من القوانين والمحاكم والاجراءات أمام هذه المحاكم بهدف ابقاء السيطرة على الشعب الفلسطيني وتجريم كافة الافعال النضالية ضد هذا الاحتلال و لكن الكثير ايضا من الانشطة السياسية والمدنية المسموحة بموجب القانون الدولي تندرج ضمن الجرائم في تعريف دولة الاحتلال بموجب الأوامر العسكرية.
ولهذا نحن دائمًا كمؤسسة الضمير ومن خلال عملنا اليومي مع قضية الأسرى أمام المحاكم العسكرية والمحاكم المدنية داخل دولة الاحتلال ومن خلال مراقبة ورصد وتوثيق انتهاكات حقوق الانسان التي يتعرض لها الاسرى بشكل منهجي وبشكل دائم نستطيع ان نقول ان هذه المنظومة التي بنتها دولة الاحتلال بعيدة كل البعد عن العدالة وقيم العدالة والمحاكمات العدالة بموجب القوانين الدولية ولهذا نحن نقول أنه قد اتى الوقت لمحاربة والنضال أمام المحاكم العسكرية والمنظومة التي تفرضها المحاكم العسكرية بسبل قانونية غير تقليدية، بمعنى المثول من قبل المعتقليين الفلسطينيين بشكل يومي أمام هذه المحاكم لم يأت بثمار ولم يأت بالنتيجة المرجوة وهي انهاء الاحتلال وانهاء هذه المنظومة العسكرية
حتي يمكننا الحديث اكثر عما هو مطلوب منا اعتقد أنه يجب أن نستطلع اولا هذه المنظومة وكيف تطورت وكيف نشأت وما هي الجرائم الاساسية التي يمكن الاشارة اليها من خلال تطبيق منظومة المحاكم العسكرية
طبعا دولة الاحتلال بدل من أن تحترم اتفاقيات جنيف وخاصة الاتفاقية الرابعة الخاصة بالمدنيين واعتقالهم لانه يجب التأكيد ان غالبية المعتقليين الفلسطينيين يندرجوا ضمن الاتفاقية الرابعة وليس ضمن الاتفاقية الثالثة التي تُعنى بأسرى الحرب وطبعا هناك اتفاقية لاهاي للعام 1907 والتي تحدد الاطار القانوني وما هو مسموح لدولة الاحتلال من ناحية التشريع واقامة محاكم وكيف لها أن تدير الارض المحتلة
دولة الاحتلال لم تحترم هذه الاتفاقيات ومباشرة بدأت عملية تشريع الاوامر العسكرية من قبل القائد العسكري الذي يعتبر هو الصفة القانونية التشريعية وايضا الصفة التنفيذية في الارض المحتلة وحاليا هناك اكثر من 1800 امر عسكري يطال كافة جوانب الحياة الفلسطينية، حيث كان هناك اوامر عسكرية لها علاقة بالأرض، بالسكن، بالتحرك، في مغادرة الارض المحتلة والدخول مرة اخرى للأرض المحتلة، في بناء المساكن، في المجالات التعليمية والتثقيفية، في الجامعات، حتى في اعطاء الرخص المهنية مثلا للعاملين في المجال الحقوقي كالمحامين أو للأطباء وما إلى ذلك. اذ تدخلت في كافة تفاصيل حياتنا اليومية.
وطبعا بموجب هذه الأوامر العسكرية تم الاعلان عن كافة الاحزاب السياسية الفلسطينية كاحزاب غير قانونية، تم تجريم كافة الحركات الطلابية الفلسطينية ، النقابات العمالية ، والعشرات والمئات من مؤسسات المجتمع المدني وطبعا مؤخرا تم استهداف الزملاء حتى مؤسسة الضمير والمؤسسات الخمس الاخرى (الحق والحركة العالمية و لجان العمل الزراعي ولجان المرأة ومركز بيسان للابحاث) وطبعا دولة الاحتلال طورت هذه الاوامر العسكرية منذ العام 1967 وحتى اليوم. وبسبب الضغط والانتقادات كان هناك عمل على تطوير الاجراءات امام هذه المحاكم من اجل ما تدعيه دولة الاحتلال من تبني مبدأ المحاكمات العادلة ولكن من صلب عملنا اليومي نستطيع أن نقول أن هذه الاجراءات التي تبنتها او طورتها المحاكم العسكرية تستند بالاساس على القانون الجنائي الاسرائيلي وايضا بشكل انتقائي اذ قامت المحاكم العسكرية بانتقاء الاجراءات المناسبة لفرض مزيد من السيطرة وعدم احترام معايير جوهرية في الاجراءات الجنائية كتوفير الحماية ويظهر هذا الموضوع في محاكمة الاطفال فليس فقط كانت الاشكالية في عمر الطفل وتعريف الطفل حتى سن 16 ولكن ايضا في معايير التعامل مع الاطفال في المحاكمة نفسها وماذا يعتبر ادلة ومالا يعتبر ادلة وما هي الدفوع القانونية التي يستطيع ان يستند اليها الاطفال في هذه المحاكمات
هناك تفاصيل عديدة لا استطيع ان اقف علي كافتها، ولكن مهم التركيز ان الخروقات بالاساس لم تحترم المنظومة العسكرية ان القانون يجب ان يطبق فقط في الارض المحتلة بمعني صلاحية المحاكم العسكرية يجب ان تقتصر فقط على الارض المحتلة ولكن للاسف دولة الاحتلال نفذت هذه القوانين والاجراءات بصورة خارج اطار الارض المحتلة وهو ما سمح للمحكمة العسكرية بمحاكمة ناشطين فلسطنيين ودوليين ايضا على افعال قاموا بارتكابها خارج الارض المحتلة
ومؤخرا قبل ثلاث سنوات او اربعة تم محاكمة شاب فلسطيني يحمل الجنسية البلجيكية حين قدومه لزياره للارض المحتلة على افعال في بلجيكا انها تهدد امن المنطقة وتم اعتقاله لعدة شهور ضمن المحكمة العسكرية. وايضا تعريف الجرائم اشكالية حقيقية فكما قلنا ان هناك العديد من الحقوق المدنية والسياسية تعرف على انها جرائم داخل المحكمة العسكرية هناك محاكمات لقضايا تتعلق بمخالفات سير ومخالفات جنائية يجب من ناحية منظور القانون الدولي الا تكون ضمن صلاحيات المحكمة العسكرية. والدخول الي دولة الاحتلال دون تصريح تتم محاكمة عشرات ومئات العمال الفلسطينيين امام المحاكم العسكرية بمعنى انها لا تقتصر هذه المحاكمات على المخالفات الاشد خطورة والتي جاء القانون الدولي ليعطي صلاحية لدولة الاحتلال بمحاكمتها
كيف لنا ان نتعامل مع كافة هذه القضايا وهذه الخروقات؟ يجب التركيز ان كافة القضايا العسكرية تضع المعتقل الفلسطيني من اللحظة الاولى للاعتقال عندما يبدأ التعذيب والانتهاكات والعنف الممارس على المعتقل استمرارا في التحقيق والتعذيب واجراءات المحاكمة كل ذلك يضع المعتقل في اجراءات قهرية لاختيار سبل الحصول على صفقة ادعاء بمعني الاتفاق مع النيابة العسكرية لضمان اقل حكم ممكن امام هذه المحكمة.
اكثر من 99% من هذه الملفات تنتهي من خلال هذه الصفقات ولا يتم النظر والبحث في الادعاءات او البيانات التي تقدم امام المحكمة. ان المؤسسات الحقوقية ومنها مؤسسة الضمير، الحركة العالمية، نادي الاسير، الهيئة المستقلة، العديد من المؤسسات التي تعنى بقضايا الاسرى نحن نقوم برصد هذه الانتهاكات نقوم باستغلال هذه الادوات التي توفرها الاليات الدولية ضمن مجلس حقوق الانسان، معاهدة مناهضة التعذيب، حقوق الطفل، وكافة المعاهدات الدولية التي تتيح اما تقديم تقارير او شكاوى فردية ولكن للاسف تبقى هذه الشكاوى او التقارير في خانة التوثيق لأننا كما نعلم لا توجد اليات للفرد او لاجبار دولة الاحتلال على احترام التزاماتها من خلال هذه المعايير
ايضا المؤسسات توجهت لتقديم قضايا وتقارير للمحكمة الجنائية الدولية، عندما باشرت فتح مرحلة التحقيق المسبق ودراسة الوضع في الارض الفلسطينية المحتلة ولكن حتى الان -للاسف- لم يكن هناك قرار واضح من مكتب الادعاء العام بفتح اي تحقيق فيما يتعلق بقضايا الاسرى ونحن نقول ان هناك اربع جرائم عمليا تندرج ضمن اطار محكمة الجنايات الدولية وهي التعذيب، الاعتقال التعسفي من خلال استخدام الاعتقال الاداري بصورة منهجية واسعة النطاق، نقل الاسرى قسرا إلى سجون داخل دولة الاحتلال، حيث يندرج هذا ضمن جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية، وعدم توفير محاكمات عادلة هي ايضا جريمة اخرى تندرج ضمن صلاحية المحكمة بموجب ميثاق روما. ولهذا نؤكد على المدعي العام بمحكمة الجنايات الدولية مباشرة هذا التحقيق وفتح ملف قضية الاسرى والاطلاع على هذه الانتهاكات المنهجية التي ترتقي لتكون جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية.
هناك ايضا مجال لتفعيل القضاء الدولي -القضاء الجنائي- (الاختصاص العالمي) في مواضيع جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية ولكن مع كل اسف حين حاولت بعض المؤسسات الفلسطينية ومنها مثلا المركز الفلسطيني لحقوق الانسان -الزملاء في غزه- برفع قضية تعذيب في دولة استوانيا قامت الحكومة الاستوانية وبضغط سياسي بتعديل الاجراءات واغلاق الباب امام الشكاوى الفلسطينية، وحدث هذا ايضا في بريطانيا وبلجيكا وغيرها.
هذا يقودني الي الاستنتاج الاهم وهو عدم امكانية فرض المعايير الدولية من ناحية القانون واستخدام الادوات القانونية الدولية دون ارادة سياسية حقيقية اولا من الجانب الفلسطيني بالضغط على هذه الدول وممارسة الدور السياسي والدبلوماسية للضغط على هذه الدول لفتح ابوابها امام التقاضي والقضايا الخاصة بموضوعات التعذيب والاعتقال التعسفي وجرائم عدم توفير محاكمات عادلة لان كافة هذه الدول بصفتها موقعة على اتفاقيات جنيف الرابعة هي ملزمة عمليا بمنع جرائم الحرب ومحاكمة مرتكبي جرائم الحرب وبالتالي على هذه الدول يقع مسئولية الايفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي فالمسئولية لا تقع فقط على المحكمة الجنائية الدولية و اعتقد ايضا على دولة فلسطين ان تنظر الي الاختصاص بموجب توقيع الاتفاقيات الدولية. وهذا يتيح لدولة فلسطين تعديل القانون الجنائي الفلسطيني الداخلي بما يتيح محاكمة مجرمي الحرب ومنتهكي حقوق الانسان وهنا يجب توفير ارادة سياسية حقيقية لفرض هذه المعايير حتى يكون هناك فعلا عملية ردع والزام لدولة الاحتلال لاحترام كافة هذه الاتفاقيات وكافة الحقوق المتعلقة بقضية المعتقليين الفلسطنيين.
د. أحمد شهاب:
المتحدث الثاني في الجلسة الاولى هو الدكتور منير نسيبة للحديث عن اليات وفرص وتحديات تدويل قضية القدس في سياق المجتمع الدولي والقانون الدولي. الاحتلال القانون التدويل القدس الأسرى
كلمة د. منير نسيبة:
شكرا جزيلا لك يا دكتور احمد يشرفني ان اكون معك في هذه الجلسة وايضا يشرفني أن اكون في نفس المنصة مع المدافعة الفذة عن حقوق الانسان الاستاذة سحر فرنسيس زميلتنا وصديقتنا. واشكر المنظمين القائمين على هذا المؤتمر على الجهد العظيم الذي بذلوه في انجاحه وشكرا جزيلا لكم.
كما تفضلت د. أحمد سأتحدث عن قضية تدويل قضية القدس من الناحية الحقوقية وسأبدأ بأننا نشعر بالاحباط كمقدسيين وفلسطنيين بشكل مستمر بسبب عدم امتثال دولة الاحتلال إلى القرارات المختلفة التي صدرت عن الامم المتحدة وغيرها من المنظمات بوقف انتهاكاتها.
نحن نشهد بشكل يومي مصادرة للأراضي، تهجيرا قسريا للسكان، استيطانا في مدينة القدس وفي غيرها من الارض الفلسطينية المحتلة، نشهد تعذيبا وعقوبات جماعية ونشهد اعتداء على المقدسات الاسلامية والمسيحية وقمعا لحرية التعبير ولمؤسسات المجتمع المدني وكثير من الانتهاكات الممنهجة الاخرى
نشهد ذلك ويشعرنا بالاحباط لأن هذه الانتهاكات ممنهجة ومستمرة منذ النكبة عام 1948 ومع ذلك لن تكون مداخلتي مركزة على الاحباط بل على العمل الذي يبذل في سبيل …. للأسف الشديد
وسأبدأ بأن مدينة القدس في القانون الدولي تعتبر مدينة ذات شأن خاص لا يزال حتى يومنا هذا المجتمع الدولي بغالبيته العظمى لا يعترف بالسيادة الاسرائيلية على مدينة القدس غربيها وشرقيها. والامم المتحدة تعتبر مدينة القدس محتلة واضرب على سبيل المثال قرار مجلس الامن رقم 478 لعام 1980 حيث قرر مجلس الامن قرارا مهما من ضمن ما جاء فيه “ان جميع الاجراءات والاعمال التشريعية والادارية التي اتخذتها اسرائيل (القوة المحتلة) والتي غيرت من معالم مدينة القدس الشريف -لم يقل هنا القدس الشرقية- ووضعها واستهدفت تغييرها خصوصا القانون الاساسي الاخير بشأن القدس هي اجراءات باطلة اصلا ويجب الغاؤها”
ويعني ذلك ان كل ما تقوم به دولة الاحتلال في القدس من مصادرة للاراضي وبناء وتهجير وكل ذلك لا يعترف بشرعيته القانون الدولي وهذا يجب ان يذكرنا دائما بالمستقبل بأنه في اليوم الذي ستتحرر فيه القدس من هذا النظام العنصري سيكون واجبنا اعادة الوضع الي ما يجب ان يكون عليه لو لم تقم دولة الاحتلال بهذه الانتهاكات وبالتالي من المهم أن نتذكر دائما ان المجتمع الدولي لا يعترف بالسيادة الاسرائيلية على القدس، والمجتمع الدولي يعتبر مدينة القدس ارضا محتله وبالتالي يعتبر دولة الاحتلال لا تتمتع بأي سيادة فيها. وهذا دفعنا كمجتمع مدني خلال السنوات الماضية وايضا كدوائر مرتبطة بالامم المتحدة أن يكون هناك سعي مستمر لتوثيق الانتهاكات بشكل يومي واستثمار هذا التوثيق من خلال الامم المتحدة وغيرها لجذب قرارات جديدة تشجب وتستنكر الاجراءات وتؤكد عدم الاعتراف الدولي بها وهذا هو الاطار العام الذي كان متعلقا بالقدس وباقي الضفة الغربية وقطاع غزة. كنا نرى أن الاطار هنا متعلق بالقانون الدولي الانساني وهو اطار مرتبط بحالة الاحتلال الحربي وبالتالي كان العمل يركز على انتهاكات ضمن هذا الاطار وربما من اهم الاعمال القانونية التي حققها الفلسطنيون هو استصدار رأي استشاري من محكمة العدل الدولية عام 2004 الذي اكد ان القدس محتلة واكد ان الجدار الذي بنته دولة الاحتلال والذي قسّم القدس مع الضفة الغربية وفصلها عما تبقى من الضفة الغربية انه غير قانوني وكان لهذا القرار اهمية كبري.
ولكن مع الاسف الشديد ان هذا القرار الاستشاري وغيره من القرارات من مجلس الامن او من الجمعية العامة او من مجلس حقوق الانسان لم تؤت اكلها التي نأملها وهو وقف هذه الانتهاكات فورا وجبر الضرر لجميع الضحايا وتقديم ضمانات بعدم التكرار.
ثم في العام 2018 جاء قرار دونالد ترامب الذي اعترف من خلاله بالسيادة الاسرائيلية على القدس ونقل سفارته -منتهكا القانون الدولي وقرارات مجلس الامن السابقة- الي مدينة القدس وكان لهذا القرار خطورة شديدة بأنه شجع دولة الاحتلال بأن تنتهك القانون الدولي بشكل أكبر واخطر وأن تتوقف عن الاهتمام بما يقوله الغير، لان الولايات المتحدة اذا قالت ان ما تفعله اسرائيل شرعي فلا يهم ما يقوله الغير. ومن ثم وجدنا من العام 2018 اجراءات مكثفة لتأكيد اسرلة وتهويد القدس منها اعلان تسوية الاراضي في مدينة القدس الشرقية ومنها عمل دؤوب وبموازنات ضخمة اسرللة التعليم في القدس وبطبيعة الحال هذا مقلق.
ولكن من النقاط المضيئة الموجودة بالقدس النشاط الشعبي المقدسي والمقدسيون مفصولون بشكل شبه كامل عن الضفة الغربية وقطاع غزة اذ لا يمكن ان يزور سكان الضفة الغربية او قطاع غزة القدس الا بتصريح يصعب الحصول عليه الا ان المقدسيين ومن يتمكن من الوصول الي مدينة القدس من الفلسطينيين عبروا عن اعتراضهم ومقاومتهم بشكل شعبي عدة مرات مما برز على الساحة الدولية الاعلامية. وسأذكر مثالين هنا، المثال الاول هو المسجد الاقصى المبارك وهبة عام 2017 عندما حاول الاحتلال الاسرائيلي ان ينصب بوابات الكترونية محاولا خرق الوضع القائم في المسجد الاقصى المبارك، وسأذكر ايضا هبة الشيخ جراح في العام 2021 والتي كانت لها اصداء اعلامية وحقوقية واسعة ابرزت قضية القدس بشكل عام.
ولا يمكننا ان ننسى أن هناك نشاط مدني مهم من مؤسسات المجتمع المدني سواء المقدسية أو المتواجدة فيما تبقى من الضفة الغربية وقطاع غزة او المؤسسات الموجودة في ال48 والتي تعمل بشكل مستمر على التركيز على قضايا القدس
ولكن في الدقائق التي تبقت لي سأتحدث عن نشاطات واعدة اعتقد انها مهمة في الدفاع عن القدس وعن فلسطين بشكل عام. أول هذه النشاطات هو التحول الذي نشهده هذه الايام على الساحة الحقوقية الفلسطينية والدولية في التركيز على اطار الفصل العنصري. لقد تحدثت سابقا عن القانون الدولي الانساني وهو الاطار الاساسي الذي تعامل به الفلسطينيون ومؤسسات الامم المتحدة وغيرها ولكن النقلة التي نشهدها في هذه الايام هي انتقال الحديث عن القانون الدولي الانساني وعن الاحتلال ولكن بشكل محدد عن جريمة محددة ومعرفة في القانون الدولي وهي جريمة الفصل العنصري apartheid وهي جريمة بالمناسبة مختلفة عن جريمة التمييز العنصري.
لقد خشي الفلسطينيون لسنوات من هذا الاطار لان بعضهم اعتقد اننا اذا بدأنا الحديث عن الفصل العنصري فان الجواب لهذا الامر هو المساواة وكيف يمكن ان نطلب المساواة بين المستوطن والمواطن. بطبيعة الحال هذا مالا يعنيه ابدا اطار الفصل العنصري
اطار الفصل العنصري هو الاطار الذي بحسبه تقوم دولة باضطهاد ممنهج لمجموعة عرقية معينة لاجل ان تقوم مجموعة عرقية اخرى بالسيطرة عليها domination وهذا الاطار يتزايد الاعتراف به يوما بعد يوم. لقد شهدنا منذ فترة قيام عدد مهم من المؤسسات الحقوقية الفلسطينية باستخدام هذا الاطار وشهدنا مؤخرا قيام مؤسسات اسرائيلية مثل بيت سيلم ويشدين ودولية مثل مؤسسة هيومن رايتس ووتش ونوقع المزيد من المؤسسات التي ستستخدم هذا الاطار.
ولاحظنا مؤخرا أن المقرر الخاص في الارض الفلسطينية المحتلة بروفيسور مايكل لينك الذي سيتحدث في هذا المؤتمر اليوم اطلق نداء لمؤسسات المجتمع المدني لتزويده بمعلومات لأنه يكتب تقريرا متخصصا عن هذا الموضوع وبالتالي استخدام هذا الاطار سيكون له اهمية لفلسطين كلها المحتلة وللقدس بشكل محدد، لان كل الانتهاكات التي بدأت حديثي بها كلها تساهم في هيمنة عرق معين على عرق اخر في مدينة القدس، وهذه كلها انتهاكات في القانون الدولي الانساني، وهذا لا يلغي تلك لان الاطاران يعملان بشكل متوازي مع بعضهما البعض.
امر اخر اعتقد انه واعد ويوجد جهد كبير بالعمل به وهو قرار الغرفة التمهيدية للمحكمة الجنائية الدولية الذي صدر في اوائل عام 2021 (في شباط)، والذي اعترف بأن فلسطين دولة طرف في ميثاق روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية وقال ان دولة فلسطين تمتد الي الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة وبالتالي فاننا نعلم أن اليوم لمحكمة الجنايات الدولية ولاية قضائية على مدينة القدس الشرقية ونعلم ايضا ان كثير من المؤسسات تزود المحكمة بمعلومات وبالتالي انا متفائل وآمل أن يكون هذا الامر شامل.
د. أحمد شهاب:
شكرا جزيلا على المعلومات الثرية والالتزام بالوقت،عندنا مجموعة من الاسئلة، سبع اسئلة سنقسمها بينك وبين الاستاذة سحر
الاسئلة الموجه للأستاذة سحر:
- السؤال الأول: متعلق بالتقدم المحرز امام المحكمة الجنائية الدولية، حضرتك تحدثِ عن الموضوع ولكن السائل يحتاج المزيد فيما يتعلق بالمحكمة الجنائية الدولية والتقدم المحرز بملف المحكمة الجنائية الدولية في شأن فلسطين؟
- السؤال الثاني: متعلق بمنظمات المجتمع المدني وهل تم تقديم ادلة حقيقية على علاقة هذه المؤسسات بالارهاب ام لا؟
- السؤال الثالث: هل تعتمد اسرائيل على بنود اتفاقيات جنيف في الاعتقال خاصة البند الخامس لاتفاقية جنيف الرابعة والذي يعطي الحق لاعتقال المدنيين في حال اشتباه القوة القائمة بالاحتلال في ضلوعهم باعمال ضد امنها؟
- السؤال الرابع للاسف الشديد لا وجود لدور حقيقي ملموس للمؤسسات الحقوقية التابعة للأمم المتحدة في ممارسة دورها في حماية حقوق الاسرى الفلسطينيين ، وما هو الوضع القانوني للاسري والمعتقلين والمحتجزين لدى دولة الاحتلال الاسرائيلي وما هي الضمانات الواجبة ضمن القانون الدولي لحماية حقوقهم ومدى مسئولية دولة الاحتلال والمجتمع الدولى تجاههم.
الاسئلة الموجه للدكتور منير هي كالاتي:
- ما هي احتمالية طرح ملف عودة اللاجئين الفلسطنيين ضمن الملفات التي ستقدمها دولة فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية؟
- هل هناك اليات قانونية تكفل التحرك للمؤسسات الحقوقية الدولية للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني حال عدم وجود توجهات حقيقة لدى القيادة السياسية الفلسطينية لتحريك الملفات التي تعتبر انتهاكا في ضوء القانون الدولي، وهل تعتبر الاليات القانونية فعالة في هذا الاطار ام لا
- ما هي الفائدة الحقيقة للقانون الدولي في ظل الانتهاكات الاسرائيلية التي تضرب بها عرض الحائط وكافة القرارات الدولية وحق الفيتو وموجه التطبيع التي تقوم بها الدول العربية مع اسرائيل وهل مازالت تؤمن كمحاضر واستاذ في القانون الدولي بفاعلية القانون الدولي كداعم للقضية الفلسطينية ام لا
نبدأ بالاستاذة سحر ونخصص دقيقتين للاجابة عن كل سؤال ضبطًا للوقت.
سحر فرنسيس:
شكرا.
طبعا بموضوع محكمة الجنايات الدولية هناك مؤسسات فلسطينية مثل الزملاء في مؤسسة الحق والمركز الفلسطيني لحقوق الانسان ومؤسسة الميزان والضمير في غزة هي على قرب اكثر من عمل محكمة الجنايات الدولية لطبيعة تحديد الجرائم في موضوع العدوان على غزة في 2014 وفي موضوع الاستيطان , ولكن عمليا نستطيع ان نقول ان التحقيق قد بدأ وهناك ملفات تقدم وطاقم مكتب المدعي العام يقوم باجراء لقاءات مع هذه المؤسسات والاطراف المعنية من الجانب الرسمي الفلسطيني، ولكن دولة الاحتلال وكما عودتنا من منع حضور اي فريق تحقيق دولي ان كان من الامم المتحدة او اي طرف اخر فباعتقادي لن تسمح لمكتب الادعاء العام من المحكمة الجنائية الدولية بزيارة الارض المحتلة وهذا يطرح اهمية توفير المعلومات من قبل المؤسسات الحقوقية وهذا احد الاسباب التي بسببها دولة الاحتلال اعلنت عن المؤسسات الست كمؤسسات ارهابية. (الحق، الضمير، الحركة العالمين للدفاع عن الاطفال،..) قد قدمت عدة ملفات للمحكمة الجنائية الدولية ونحن نحاول أن نبقى هذه القضية على سلم الاولويات. وخصوصا مؤسسة الحق السبب الرئيسي وراء اعلانها كمؤسسة ارهابية وخصوصا من قبل وزير الامن في دولة الاحتلال (غانس) هو عملها امام محكمة الجنايات الدولية لانه يعلم انه واحد من المتهمين الرئيسيين بمسئولية عن الحرب على غزة وجرائم الحرب التي ارتكبت هناك.
وبالتالي جوابًا على السؤال التاني بخصوص تصنيف المؤسسات لا يوجد ادلة بيد الاحتلال وعمليا الملف الذي اعدته الوزارات المختلفة وقدم للاتحاد الاوروبي في شهر ايار المنصرم من اجل اقناع الاتحاد الاوروبي ان هذه المؤسسات هي مؤسسات ارهابية ويجب قطع التمويل عنها لم يقنع الاتحاد الاوروبي ولم يكن هناك اي تعاطي مع هذا القرار ومن هنا جاء التصعيد من خلال استخدام قانون منع الارهاب للعام 2016 والاوامر العسكرية عبر اصدار امر عسكري باعتبار هذه المؤسسات خارجة عن القانون ولهذا نحن نواصل الحملة للضغط على دولة الاحتلال لالغاء هذه القرارات لأننا نعتقد انه لا يوجد اساس قانوني والاستناد الي ملف سري هو ايضا يمثل نسج جوهري في عملية الدفاع الفعالة عن حقنا كمؤسسات وكجميعات خاصة بموجب القانون الفلسطيني لأننا مؤسسات مسجلة لدى المؤسسات والوزارات الفلسطينية المختصة.
طبعا كما ذكرت لا تلتزم دولة الاحتلال باتفاقيات جنيف هي عمليا تدعي ان لها صلاحية لاعتقال المدنيين بموجب القانون الدولي ولكن تستند للاوامر العسكرية والقوانين المدنية الاسرائيلية واحيانا للقانون الاردني والقانون العثماني في قضايا الاراضي. ولكن في قضايا المعتقلين انظمة الطوارئ والقانون العسكري والقانون الجنائي الاردني والقانون الجنائي الاسرائيلي هي ما يشكل المنظومة امام المحاكم العسكرية وطبعا بموجب الاوامر العسكرية اعتقال كل شخص فلسطيني على شبهة ارتكاب اي فعل يمس بالامن، ليس فقط كما ينص القانون الدولي بشأن الجرائم الاشد خطورة بحق قوات الاحتلال ولكن كما قلت دولة الاحتلال تعتقل الطلاب على كل نشاط طلابي، وتعتقل كل ناشط سياسي بسبب انتماؤه لأي تنظيم فلسطيني. كل صحفي وكل ناشط مجتمعي يقوم بتدوين اي خبر على صفحات التواصل الاجتماعي قد يعتبر تحريضا على العنف ويستوجب المحاكمة
السؤال الاخير من ناحية الوضع القانوني باعتقادي يجب الا نفقد الامل من استخدام القانون الدولي حتى لو حاليا لا نرى نتائج مباشرة او حقيقية لاستنفاذ الاجراءات بموجب القانون الدولي، هذا لا يمنعنا عن مواصلة العمل وبجهد عال لان هناك اهمية ايضا لموضوع التوثيق وتوثيق حقيقة اننا حاولنا استخدام هذه الادوات ولكن اغلقت الابواب امام المجتمع الفلسطيني لان التاريخ يوما ما سوف ينصف القضية الفلسطينية من ناحية المسئوليات حول جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية وربما انفتاح فرص في المصالحة في المستقبل ومن ثم يجب ان جاهزين لبناء الملفات بكل التفاصيل وبكل الادلة والوثائق التي تثبت مصداقية عملنا وادعائتنا ان هناك جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية تمارس بشكل منهجي بحق الفلسطينيين وليس فقط بحق المعتقلين
د. منير نسيبة:
بالنسبة للسؤال الاول حول طرح ملف قضية عودة اللاجئين للمحكمة: يجدر التوضيح بداية ان هذه المحكمة هي محكمة جنائية اي انها تحاكم الافراد في اطار جغرافي معين على جرائم اقترفوها في خلال فترة زمنية محددة. الاطار الجغرافي الذي نتحدث عنه هو الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة كما اكدت الغرفة التمهيدية للمحكمة في بداية هذا العام والفترة الزمنية التي نتحدث عنها تبدأ في الثالث عشر من حزيران عام 2014 كما طلبت دولة فلسطين حين الانضمام إلى هذه المحكمة
وبالتالي نحن نتحدث الآن عن افراد اقترفوا جرائم ربما يكونوا سياسيين بمستوى عال، قد يكون رئيسا للحكومة قد يكون وزيرا للحرب قد يكون وزيرا للداخلية قد يكون عسكريا أو ضابطا او جنديا الخ .. ولكن طبعا لن تلاحق الجنود كما نعرف عن المحكمة هي تلاحق الرؤوس اكثر وتحاكمهم على جرائمهم ولكن هل لهذا الامر تداعيات على حق العودة للاجئين
لا يوجد تداعيات مباشرة ولكن من المهم ان نعرف ان التهجير القسري وهي جريمة، ولابد ان نعرف ان هناك جريمتان: جريمة الابعاد وهي اخفاء الشخص خارج حدود دولة معينة والنقل القسري وهي ابعاد شخص مدني عن منزله الي مكان اخر داخل نفس الدولة وبالتالي نتحدث عن جريمتين هنا تقترفهم اسرائيل بشكل يومي وآمل ان يكون في ادانة هذه الجرائم تأكيدا على ادانة المجتمع الدولي والقانون الدولي لهذا النوع من الجريمة الذي تسبب في لجوء 48 ولجوء ونزوح 67 والنزوح المستمر الذي يحدث،لكن لا يوجد تأثير مباشر
بالنسبة للسؤالين الثاني والثالث وهما في نفس المحور، في محور فاعلية القانون الدولي ومدى ايماني بهذه الفاعلية، فإنني اقول في هذا السؤال ان القانون الدولي ليس له اسنان، هذا من المشاكل. أنا اعلم القانون الدولي في جامعة القدس وللاسف الشديد ابدأ مساقاتي في القانون الدولي بأن اشرح للطلاب والزملاء بأن القانون الدولي ليس له اسنان
ماذا يعني ذلك؟ يعني ذلك أنه ليس هنالك في النظام الدولي ما يجبر الدولة التي تخترق القانون الدولي وتنتهكه ان تتوقف عن ذلك وبالتالي هذا سبب الاحباط الذي بدأت به مداخلتي ومع ذلك فاني اضم صوتي الي صوت الاستاذة سحر فيما تفضلت به بأن هذا يجب الا يثنينا عن الاستمرار بالعمل في اطار القانون الدولي، لأنه اطار مهم وهو اطار حقوقي معترف به دوليا وهي لغة مشتركة لجميع دول العالم ونتحدث بها يفهمومننا وبالتالي يبعدنا عن الحديث فقط من وجهة نظر وطنية او وجهة نظر دينية هي وجهة نظر مشتركة عالمية نتحدث بها ويفهمها كل العالم.
ولكن بالاضافة الي ذلك -وكما تفضلت أ. سحر- فنحن نؤمن ونحن نعلم ان نظام الفصل العنصري والاحتلال لن يستمر الي الابد. يجب أن نؤمن بذلك والا فلا لن نتمكن من الاستمرار بالعيش في بيوتنا في فلسطين. ونؤمن بالعدالة واعتقد بناء على ذلك بأننا في يوم من الايام سنتحرر وفي ذلك اليوم سنحتاج كل ملف وكل ورقة كتبها حقوقي ومنظمة حقوقية سواء كانت فلسطينية او دولية او تابعة للامم المتحدةلت او غيرها. نحتاج الي ذلك الارشيف لنعيد الامور الي نصابها.
انا درست موضوعا في الدكتوراه يسمى العدالة الانتقالية والحمد لله هذا الموضوع اعطاني تفاؤلا كبيرا لأنني قرأت الكثير عن الشعوب التي ترزخ تحت الاحتلال وانظمة عنصرية وانظمة ديكتارتورية وغيرها من أنواع وضروب الظلم الأخرى ورأيت كيف أن الامور تغيرت ، ربما لم يكونوا يتوقعون وهم تحت وطأة هذه الانظمة بأنها ستتغير ولكنها تغيرت. وعندما تغيرت بدأت هذه الشعوب تعمل على الاجلاء عن الحقيقة وجبر الضرر للضحايا ومحاسبة المجرمين واصلاح النظام القانوني وهذا ما سنعمل عليه يوما من الايام وبالتالي نحتاج الي التوثيق لتأكيد عدم شرعية هذه الاجراءات وهذا ما اعتقد اني اؤمن به ، ربما كرست عملي في حقوق الانسان وضمن القانون الدولي لانني مؤمن بأن هذا اليوم ات، ولكن يجب الا نعول فقط على القانون الدولي على الرغم من ان هذا العمل مهم جدا سواء للحاضر بأننا لا يجب ان نترك الاسرائيليين ينتهكون حقوقنا ونحن صامتين هذا اكيد، يجب أن نعمل بشكل مستمر ولكن بنفس الوقت يجب ان يكون هنالك نضال سياسي مستمر يحملنا في نهاية المطاف على التحرر، ان العمل في مجال حقوق الانسان والقانون الدولي ليس كافيا ، لن يحرر فلسطين هذا ما يجب ان نعلم، ويجب ان نعمل من اجل تحرير انفسنا ولكن يجب ان نتذكر ان هذا العمل مهم جدا للحاضر وبالتأكيد للمستقبل.
د. أحمد شهاب:
اشكرك دكتور وانا اتفق مع ما ذكرت جملة وتفصيلا في اول محاضرة لي لتدريس القانون الدولي دوما ابدأها بجملة للطلاب حتى لا نسأل دوما حول مدى جدوى القانون الدولي لاستعادة حقوقنا الوطنية الفلسطينية، انا اقول دائما لطلابنا الاعزاء نحن ندرس القانون الدولي فيما يجب ان يكون، ليس فيما هو كائن. اذا نظرنا الي الواقع سنصاب بالاحباط واليأس في ظل الاليات التي نراها كفلسطينيين غير منصفة لكن يجب الا نغفلها او نتركها ويجب ان نتمسك بكل اليه تنصف او تساعدنا على نيل حقوقنا الوطنية.
هناك ثلاثة اسئلة ختامية، ولكن سنخصص دقيقة فقط لكل منهم حتى نلتزم بالوقت المتاح لنا
السؤال الاول من الاستاذ باسل للدكتور منير: مدى اهمية اعتبار دولة فلسطين طرف في ميثاق روما والمحكمة الجنائية الدولية
السؤال الثاني للاستاذة سحر حول تصنيف منظمات المجتمع المدني كمنظمات ارهابية هل لهذا القرار الاسرائيلي تأثير على المنظمات والعاملين فيها
السؤال الثالث للاستاذة سحر بغض النظر عن الارادة السياسية لدول مثل اسبانيا وبلجيكا وغيرها في رفض محاكمة الاسرائيلين هل هذا الامر تعتبريه امر انساني وقانوني او يأت في اطار قانوني مشروع في رفض محاكمة مجرمي الحرب الاسرئليين امام المحاكم سواء الاسبانية او البلجيكية
سحر فرنسيس:
ابدأ من السؤال الثاني اذ انني اعتقد ان الموضوع يرتبط بقرارات سياسية ليست قضايا قانونية او انسانية ، فعدم محاسبة مجرمي الحرب الاسرائليين نابع من عدم توفر ارادة سياسية ومصالح سياسية تقوم هذه الدول الاوروبية بالتعاطي معها و تغليبها على المسئوليات القانونية التي تكون ملزمة لها بموجب القانون الدولي.
لماذا وقعت هذه الدول على الاتفاقيات الدولية وعلى اتفاقيات واصبحت جزء من اتفاقية جنيف الرابعة؟ هناك ازدواجية في المعايير في القانون الدولي وهو امر واضح، ولكن كل هذه الاشكاليات كما اكد زميلي د. منير يجب الا تثنينا عن طرق الابواب ومحاولة استخدام كل هذه الوسائل. طبعا بالاضافة للوسائل الاخرى
وبخصوص المؤسسات، فالاعلان عنها كمنظمات ارهابية فالان تستطيع قوى الاحتلال اقتحام المكاتب واغلاقها عمليا كما حدث مع الزملاء في لجان العمل الصحي ولجان العمل الزراعي، وتستطيع اعتقال الطواقم ومجالس الادارة واعضاء الهيئة العامة واغلاق الحسابات البنكية واتخاذ كافة الاجراءات المتاحة بموجب القانون الاسرائيلي والاوامر العسكرية مع الاسف
د. منير نسيبة: (بخصوص اعتبار فلسطين كدولة طرف في ميثاق روما)
اعتقد ان هذا له اهمية كبيرة من ناحية فان اعتبارها دولة طرف في ميثاق روما اكد على كونها دولة، وهو امر محل نقاش كبير في القانون الدولي ولكن ربما هنالك فوائد معينة من هذا الاعتبار ولكن بالاضافة الي ذلك فان وجود فلسطين كطرف في ميثاق روما وهو الاهم صراحة فهو الفرصة التي يفتحها انضمامنا لميثاق روما وولاية محكمة الجنايات الدولية على الارض الفلسطينية المحتلة وولايتها القضائية فنأمل أن تكون هناك محاسبة لمجرمي الحرب ومن قاموا بجرائم حرب وجرائم ضد الانسانية وهي كثيرة في الاراضي الفلسطينية المحتلة وان تتم محاسبتهم وان تكون من ضمن المحاسبة ليس فقط المحاسبة ولكن ان تتشكل ايضا من ضمن الحماية -حيث ذكر في الجلسة الافتتاحية -عندما لوحت فاتوبنسودا (المدعية العامة) بأن اخلاء الخان الاحمر يشكل جريمة حرب دفعت نتينياهو ان يوقف هذا الامر حتى هذه اللحظة وبالتالي فقد ارتدع قليلا، فهو لم يرتدع عن جرائم الحرب ولكن ارتدع على الاقل عن تنفيذ وارتكاب جريمة واحدة بحد عينها، وهذا يعطي تفاؤل.
د: أحمد شهاب
شكرا جزيلا للدكتور منير والاستاذة سحر، الحديث في هذا المجال يطول فموضوع الاسري والقدس ذا اهمية كبيرة وطنيا وقانونيا ودوليا
وبالاجابة على الاسئلة نعلن ختام الجلسة الاولى ، اشكر ضيوفنا الاعزاء والحضور الأكارم واترك الكلمة والمايك مع الاستاذة منى.
الاحتلال القانون التدويل القدس الأسرى
* لا تتحمل القانون من أجل فلسطين أية مسؤولية عن محتوى هذه المادة. تعبر المادة عن آراء المتحدثين ولا تعبر بالضرورة عن آراء المنظمة.
التسجيل الكامل للجلسة: