القانون من أجل فلسطين تناقش الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية: فرض المساءلة، ومعالجة الفصل العنصري، وإقصاء إسرائيل من الجمعية العامة للأمم المتحدة
في 17 ديسمبر/كانون أول 2024، استضافت منظمة القانون من أجل فلسطين، بالتعاون مع الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان – فلسطين، ندوة عبر الإنترنت عبر تطبيق زووم، وتم بثها أيضًا مباشرة على اليوتيوب. وتأتي الندوة كباكورة أعمال الموسم الثالث من ملتقى القانونيين من أجل فلسطين، وحملت عنوان “تحويل فتوى محكمة العدل الدولية بشأن إسرائيل إلى أفعال: تعزيز المساءلة الدولية، وإعادة تشكيل إطار الفصل العنصري، وإبعاد إسرائيل من الجمعية العامة للأمم المتحدة”.
تناولت الندوة الآثار القانونية لقرار محكمة العدل الدولية بشأن عدم شرعية احتلال إسرائيل لفلسطين، وناقشت استراتيجيات قابلة للتنفيذ من أجل المساءلة والعدالة. سلطت الندوة الضوء على الالتزامات القانونية للدول الأطراف الثالثة لإنهاء التواطؤ في احتلال إسرائيل ونظام الفصل العنصري، وتطبيق القانون الدولي في تعريف نظام الفصل العنصري، وآليات المحاسبة، والخطوات العملية لتنفيذ الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، بما في ذلك إمكانية إقصاء إسرائيل من الجمعية العامة للأمم المتحدة.
أدارت الحوار شهد الحموري (محاضرة في القانون بجامعة كنت ومستشارة أولى في القانون من أجل فلسطين)، وشارك فيه ثلاثة خبراء بارزين: فيكتور قطان (أستاذ مساعد للقانون الدولي العام بجامعة نوتنغهام ونائب مدير مركز نوتنغهام للقانون الدولي والأمن)، ومريم جمشيدي (أستاذة مشاركة في القانون بكلية الحقوق بجامعة كولورادو)، وجنان بستكي (أستاذة مشاركة للدراسات القانونية بجامعة نيويورك أبو ظبي).
شهد الحموري: فتوى محكمة العدل الدولية والدعوة إلى العمل الجماعي لفرض المساءلة
في كلمتها الافتتاحية، سلطت شهد الحموري الضوء على الأهمية التاريخية للرأي الاستشاري الأخير لمحكمة العدل الدولية بشأن عدم شرعية احتلال إسرائيل المطول للأراضي الفلسطينية. وأكدت أن هذا القرار الذي طال انتظاره يؤكد انتهاكات إسرائيل لقواعد القانون الدولي، بما في ذلك حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، فضلاً عن حظر العدوان والتمييز العنصري والفصل العنصري.
وأكدت الحموري على اللحظة الحرجة التي يمثلها هذا الحكم لكل من النضال الفلسطيني والنظام القانوني الدولي، الذي يواجه الآن اختبارًا لالتزامه بالعدالة والقدرة على التنفيذ. ودعت إلى بذل جهود جماعية من المجتمع المدني والناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان لتحويل هذا القرار التاريخي إلى أفعال ملموسة، والتغلب على العقبات السياسية وتعزيز صوت العدالة. واختتمت مداخلتها بتقديم الخبراء المتحدثين.
فيكتور قطان: الفصل العنصري كجريمة ضد الإنسانية – الأطر القانونية والحاجة إلى العقوبات
في كلمته، قدم الدكتور فيكتور قطان تحليلاً معمقًا للفصل العنصري في القانون الدولي وتطبيقه على السياسات الإسرائيلية. بدأ قطان بتعريف الفصل العنصري باعتباره جريمة ضد الإنسانية، تتسم بالقمع المنهجي والهيمنة والأعمال اللاإنسانية التي ترتكبها مجموعة عرقية ضد أخرى.
وتناول قطان الأطر القانونية التي تعالج الفصل العنصري، بما في ذلك اتفاقية الفصل العنصري لعام 1973، ونظام روما الأساسي، مؤكدًا على أهميتها للتحقيق الذي تجريه المحكمة الجنائية الدولية في جريمة الفصل العنصري الإسرائيلي. وأشار إلى الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، الذي حدد التمييز الإسرائيلي المنهجي ضد الفلسطينيين باعتباره انتهاكًا للالتزامات الدولية بموجب اتفاقية التمييز العنصري.
شدد قطان على أهمية إعادة إنشاء هيئات دائمة ومستهدفة مثل لجنة مناهضة الفصل العنصري، التي دعمت حظر الأسلحة والعقوبات التجارية، إلى جانب الرصد من قبل المجتمع المدني
واستنادًا إلى آليات مناهضة الفصل العنصري التاريخية، مثل لجنة مناهضة الفصل العنصري التابعة للأمم المتحدة، ناقش قطان إمكانية تكييفها مع السياق الفلسطيني. وشدد على أهمية إعادة إنشاء هيئات دائمة ومستهدفة مثل لجنة مناهضة الفصل العنصري، التي دعمت حظر الأسلحة والعقوبات التجارية، إلى جانب الرصد من قبل المجتمع المدني. واختتم كلمته بالإشارة إلى دراسات حديثة تدعو إلى فرض حظر متبادل على إسرائيل، يستهدف قطاعات الأسلحة والتمويل والثقافة، لفرض الامتثال للقانون الدولي واتخاذ إجراءات ضد الفصل العنصري.
مريم جمشيدي: مواجهة انتهاكات إسرائيل من خلال عملية اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة
تناولت مريم جمشيدي آليات محاسبة إسرائيل في إطار الأمم المتحدة، مع التركيز على عملية اعتماد الجمعية العامة كمسار قابل للتطبيق. وأوضحت أنه في حين تسمح المادتان 5 و6 من ميثاق الأمم المتحدة بتعليق عضوية دولة ما أو طردها من الأمم المتحدة بسبب انتهاكاتها للقانون الدولي، إلا أن هذه الآليات تحتاج إلى موافقة مجلس الأمن – مما يجعل حدوثها غير مرجح بسبب حق النقض المتوقع من الأعضاء الدائمين، ولا سيما الولايات المتحدة.
قالت جمشيدي إن حكومة إسرائيل تفشل في اختبار الشرعية، وذلك في ضوء إنكارها لحق الفلسطينيين في تقرير المصير – وهو التزام آمر وواجب تجاه الجميع بموجب قواعد القانون الدولي
وبدلاً من ذلك، أكدت جمشيدي على السلطة المستقلة للجمعية العامة للأمم المتحدة في عزل وفد دولة ما من خلال إجراءات الاعتماد الخاصة بذلك الوفد، مستشهدة بنظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا كسابقة حصلت قبل ذلك. وقالت جمشيدي إن حكومة إسرائيل تفشل في اختبار الشرعية، وذلك في ضوء إنكارها لحق الفلسطينيين في تقرير المصير – وهو التزام آمر وواجب تجاه الجميع بموجب قواعد القانون الدولي. وفي الختام، أكدت جمشيدي على أن الرأي الاستشاري الأخير لمحكمة العدل الدولية يعزز الأساس القانوني لتحدي شرعية إسرائيل، في ضوء انتهاكاتها الجسيمة، والاستفادة من عملية الاعتماد في الأمم المتحدة لفرض المساءلة.
جنان بستكي: الالتزامات القانونية للدول الثالثة والعقوبات وإنهاء التواطؤ
تناولت جنان بستكي التزامات الدول الثالثة بموجب القانون الدولي فيما يتعلق باحتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية. واستشهدت بالرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، الذي أعلن أن الاحتلال غير قانوني، وحددت واجبات الدول بالامتناع عن العلاقات الاقتصادية أو المعاهدات التي تدعم الاحتلال، وحظر التجارة فيما يخص منتجات المستوطنات، ووقف نقل الأسلحة.
هناك حاجة إلى نهج شامل، بما في ذلك قطع العلاقات الاقتصادية والتجارية والمساعدات مع إسرائيل، نظرًا لعدم إمكانية فصل أفعالها في الأراضي الفلسطينية المحتلة عن تلك التي تقوم بها داخل حدودها المعترف بها
وأكدت بستكي على أن الدول يجب أن تتبنى تدابير سلبية (مثل رفض الاعتراف بالوضع القائم) وإجراءات إيجابية (مثل التعاون معا لإنهاء الانتهاكات) بما يتماشى مع قواعد القانون الدولي. ودعت إلى فرض عقوبات شاملة على إسرائيل، وأكدت على دور المجتمع المدني في الضغط على الحكومات حول العالم لفرض المساءلة. واختتمت الدكتورة بستكي بدعوة إلى اتخاذ تدابير أقوى من جانب الدول الثالثة، مشيرة إلى أن حظر التجارة مع بضائع المستوطنات وحده لا يكفي، ورأت أن هناك حاجة إلى نهج شامل، بما في ذلك قطع العلاقات الاقتصادية والتجارية والمساعدات مع إسرائيل، نظرًا لعدم إمكانية فصل أفعالها في الأراضي الفلسطينية المحتلة عن تلك التي تقوم بها داخل حدودها المعترف بها.