ندوة تناقش التبعات القانونية على الدول والشركات بشأن عمليات النقل البحري للأسلحة والطاقة إلى إسرائيل في ظل الإبادة الجماعية
في 9 نيسان/أبريل 2025، استضافت منظمة القانون من أجل فلسطين بالتعاون مع الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان – فلسطين ومركز أسكوماري للأبحاث (ASCOMARE) ندوة عبر الإنترنت عبر زووم بعنوان ”المسؤوليات القانونية على الدول والشركات في نقل الأسلحة وإمدادات الطاقة إلى إسرائيل بموجب القانون الدولي للبحار“. النقل البحري للأسلحة الإبادة الجماعية
استكشفت الندوة، وهي الرابعة ضمن الموسم الثالث من “ملتقى القانونيين من أجل فلسطين“، المسؤوليات القانونية للدول والكيانات الخاصة بموجب القانون الدولي للبحار فيما يتعلق بنقل الأسلحة وإمدادات الطاقة إلى إسرائيل، وقدمت رؤى مهمة حول كيفية استخدام الأطر القانونية الدولية – لا سيما اتفاقيات الأمم المتحدة لقانون البحار واتفاقية منع الإبادة الجماعية ومعاهدة تجارة الأسلحة – لمحاسبة الحكومات والشركات على حد سواء على تواطؤها في الانتهاكات المستمرة ضد الفلسطينيين.
وتناولت الحلقة النقاشية كيف تسهل الطرق البحرية تدفقات الأسلحة والطاقة التي تدعم مشروع إسرائيل الاستعماري الاستيطاني والاحتلال غير القانوني وأعمال الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل، مع التركيز على الأدوات القانونية المتاحة لمنع ذلك. وسلطت المناقشة الضوء على التزامات دول العلَم، وحق الدول الساحلية في منع مرور السفن المتواطئة، ومساءلة شركات الطاقة، والتحديات القانونية المتزايدة ضد صادرات الأسلحة إلى إسرائيل. كما تم التشديد على دور التضامن الدولي والمجتمع المدني في الضغط على الدول لدعم القانون الدولي.
أدار الندوة معتز قفيشة (رئيس مجلس أمناء القانون من أجل فلسطين وأستاذ القانون الدولي في جامعة الخليل، فلسطين)، وشارك فيها أربعة خبراء بارزين: إيرين بيتروباولي (مديرة منتدى العناية الواجبة بحقوق الإنسان في المعهد البريطاني للقانون الدولي والمقارن)، وبييراندريا ليوتشي (رئيس مركز أسكوماري للأبحاث ASCOMARE)، وآنا سانشيز (منسقة الحملة العالمية لحظر الطاقة من أجل فلسطين)، وجورج كاتروغالوس (المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بتعزيز نظام دولي ديمقراطي ومنصف).
إيرين بيتروباولي عن الآثار القانونية المترتبة على الإبادة الجماعية والاحتلال وتواطؤ الشركات
ركزت بيتروباولي على ثلاثة أبعاد قانونية رئيسية للوضع في غزة: التدابير المؤقتة لمحكمة العدل الدولية بشأن الإبادة الجماعية، وفتوى المحكمة بشأن الاحتلال الإسرائيلي، ومساءلة الشركات التي تزود إسرائيل بالأسلحة. بدأت بالتشديد على أن استنتاج محكمة العدل الدولية بوجود خطر جسيم بوقوع إبادة جماعية يؤدي إلى التزامات قانونية على الدول والشركات بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية، ليس فقط بالامتناع عن التواطؤ، بل أيضًا بمنع الإبادة الجماعية. وأشارت إلى أن هذا الواجب يمتد أيضًا إلى المديرين التنفيذيين للشركات الذين يمكن أن يكونوا مسؤولين عن المساعدة في الإبادة الجماعية أو التحريض على الإبادة الجماعية أو جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية، لا سيما من خلال مبيعات الأسلحة أو توريد التكنولوجيا العسكرية.
”إن الأسلحة والإمدادات ذات الصلة التي تساعد الاحتلال العسكري الإسرائيلي أو تمكّن من ارتكاب انتهاكات في الأرض المحتلة تشكل أيضًا ”معونة أو مساعدة“ في الحفاظ على وضع غير قانوني.“
كما شددت على الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية بشأن عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي المطول، مشيرةً إلى أنه يعزز واجب الدول في عدم المساعدة في الإبقاء على أوضاع غير قانونية، لا سيما تلك التي تنتهك حق الفلسطينيين في تقرير المصير. وأشارت بيتروباولي إلى أن شحنات الأسلحة أو الدعم العسكري الذي يمكّن استمرارية الاحتلال يمكن أن يشكل مساعدة غير قانونية، وأشارت إلى أن دولًا مثل أيرلندا بدأت في مواءمة سياساتها وفقًا لذلك. النقل البحري للأسلحة الإبادة الجماعية
وأخيرًا، تطرقت بيتروباولي بالتفصيل إلى المسؤوليات المستقلة للشركات بموجب الأطر الدولية لحقوق الإنسان، لا سيما مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان. وشددت على أن الشركات العاملة في مناطق النزاع يجب أن تبذل العناية الواجبة المشددة بشأن كل من حقوق الإنسان وديناميكيات النزاع. وحيثما لا يمكنها تخفيف الضرر – كما هو الحال عند التعامل مع شركات الأسلحة المملوكة للدولة الإسرائيلية – من المتوقع أن تقطع علاقاتها بتلك الشركات. واختتمت بيتروباولي بالإشارة إلى الإجراءات القانونية الجارية في المملكة المتحدة وهولندا والدنمارك وكندا، والتي تطعن في صادرات الأسلحة إلى إسرائيل، مؤكدةً على التدقيق القانوني المتزايد على المستوى المحلي.
بييراندريا لوتشي حول الواجبات القانونية للدول بموجب قانون البحار
استهل بييراندريا ليوتشي ملاحظاته بعرض النتائج الرئيسية التي خلص إليها رأي قانوني صدر مؤخرًا بتكليف من اللجنة الوطنية الفلسطينية للمقاطعة حول التزامات الدول بموجب القانون الدولي للبحار. وأوضح أن الرأي الذي صاغه فريق من الخبراء القانونيين، ركز على مسألتين رئيسيتين: حق الدول الساحلية في تعليق مرور السفن في مياهها الإقليمية، ومسؤوليات دول العلَم تجاه السفن التابعة لها أو التي ترفع علمها.
وأكد على أن الدول الساحلية ليس لها الحق فقط – بل في بعض الحالات الإلتزام – في منع السفن التي تحمل أسلحة أو معدات مرتبطة بانتهاكات القواعد الدولية، بما في ذلك الإبادة الجماعية والفصل العنصري والقواعد القطعية للقانون الدولي. وقد يمتد التزام الدول الساحلية في بعض الحالات إلى اتخاذ تدابير إنفاذ مناسبة ضد السفن الأجنبية في البحر الإقليمي عندما يكون هذا المرور متعارضاً مع الالتزامات القانونية الدولية الملزمة لتلك الدول. كما سلط الضوء على واجب دول العَلَم في ممارسة الرقابة وضمان امتثال سفنها للقانون الدولي، لا سيما بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار ومعاهدة تجارة الأسلحة، وأوضح أن هذا الواجب متجذر في التزامات “العناية الواجبة”، التي تتطلب من الدولة اتخاذ إجراءات استباقية: تشريعية وإدارية وتنفيذية، لضمان الامتثال.
واختتم ليوتشي ملاحظاته بالتشديد على الطبيعة العرفية لهذه القواعد، ودعا إلى إجراء مزيد من البحث في آليات الإنفاذ خارج المياه الإقليمية، بما في ذلك، على سبيل المثال، في المناطق الاقتصادية الخالصة، وتحديد اختصاصات وسلطات الدول التي لها موانئ، ونظام المضائق الدولية.
آنا سانشيز حول حملة الحظر العالمي للطاقة
شددت آنا سانشيز في كلمتها على أن الطاقة ليست سلعة محايدة في فلسطين، وأوضحت أن الحملة تدعو الدول والشركات إلى وقف جميع واردات الطاقة وصادراتها إلى إسرائيل، مشددةً على دور الطاقة في إدامة الاستعمار الاستيطاني والاحتلال غير القانوني والفصل العنصري والإبادة الجماعية، وأوضحت كيف تستخدم إسرائيل الطاقة بشكل منهجي كأداة للقمع من خلال منع وصول الطاقة إلى غزة وتقييد البنية التحتية في الضفة الغربية ودمج المستوطنات غير القانونية في شبكتها الكهربائية. وأشارت سانشيز إلى أن منظمة هيومن رايتس ووتش وهيئات أخرى وصفت الحرمان المتعمد من الطاقة بأنه عمل من أعمال الإبادة الجماعية.
سلطت سانشيز الضوء على أن الكثير من الطاقة يتم نقلها عبر الطرق البحرية، مما يجعل الموانئ ولوجستيات الشحن البحري أمرًا محوريًا للبنية التحتية للإبادة الجماعية
وبالانتقال إلى التواطؤ العالمي، ذكرت سانشيز أسماء الموردين الرئيسيين – بما في ذلك الولايات المتحدة وروسيا وأذربيجان ونيجيريا – الذين يقومون بتغذية النفط والفحم والطائرات النفاثة للجيش الإسرائيلي ويعززون أزمة المناخ. وسلطت سانشيز الضوء على أن الكثير من هذه الطاقة يتم نقلها عبر الطرق البحرية، مما يجعل الموانئ ولوجستيات الشحن البحري أمرًا محوريًا للبنية التحتية للإبادة الجماعية.
وأشارت سانشيز الى حملة ”لا موانئ للإبادة الجماعية“ التي تستهدف السفن والموانئ والمشغلين وشركات التأمين المتواطئة في عمليات نقل الأسلحة والطاقة. واختتمت كلمتها بالدعوة إلى تغيير منهجي: حظر سفن معينة، وشفافية التجارة، وضغط المجتمع المدني لمحاسبة الحكومات. مؤكدة على أن ”لدينا الطاقة اللازمة لوقف هذه الإبادة الجماعية، وسنفعل ذلك بشكل جماعي.“
جورج كاتروغالوس عن التضامن الدولي وأزمة القانون الدولي
قدم كاتروغالوس في كلمته نقدًا قويًا للحالة الراهنة للقانون الدولي، ومن خلال تأطير ملاحظاته من منظور ولايته في الأمم المتحدة، أكد كاتروغالوس على المفارقة المتمثلة في وجود إطار قانوني متقدم يتعايش مع الإفلات من العقاب – خاصة بالنسبة للدول القوية مثل إسرائيل والولايات المتحدة. وسلط الضوء على كيفية فشل النظام في مساءلة مثل هذه الدول، على الرغم من عقود من التطوير القانوني من قبل دول الجنوب العالمي لتعزيز المساواة وتقرير المصير والعدالة الاقتصادية.
وفي تتبعه لتطور القانون الدولي من الإرث الاستعماري إلى الوقت الراهن، أشار إلى كيف أن الجهود التي بذلتها دول الجنوب العالمي – مثل اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار وإعلانات النظام الاقتصادي الدولي الجديد – قد ضعفت تحت ضغط القوى الغربية المهيمنة. وأشار إلى أنه على الرغم من التقدم المحرز، إلا أن القانون الدولي لا يزال مجزأً ويطبق بشكل غير متسق، لا سيما في حالات مثل الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، وهو ما أكده الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الذي وصفه بأنه ”لحظة فاصلة“ يجب استغلالها. ويفصّل هذا الرأي الاستشاري إلى جانب قرار الجمعية العامة الصادر في سبتمبر 2024 الالتزامات المحددة الملقاة على عاتق الدول الآن: حظر الواردات من المستوطنات الإسرائيلية، ووقف نقل الأسلحة، ووقف أي دعم يديم الاحتلال. النقل البحري للأسلحة الإبادة الجماعية
كما شدد كاتروغالوس على دور المجتمع المدني في إنفاذ المعايير الدولية، معتبرا أن الأحكام القانونية تتطلب تعبئة شعبية لتكون فعالة، وحثّ على التضامن بين النقابات العمالية والمدافعين عن حقوق الإنسان والأشخاص العاديين، مستندًا إلى أوجه التشابه مع الحركات التاريخية مثل الاحتجاجات المناهضة للحرب في فيتنام، مجادلًا بأن ”دبلوماسية الشعوب“ يمكن أن تؤثر على السياسة العالمية مع مرور الوقت. واختتم حديثه بالتأكيد على أن القضية الفلسطينية ليست معزولة، بل يمكن النظر إليها كمرآة تعكس النضال العالمي من أجل العدالة والحرية وسلامة القانون الدولي.
واختتمت الندوة بالتأكيد على وجود التزامات واضحة على الدول والشركات نابعة من قانون البحار والقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي بأشار المتحدثون الى الواقع الحالي المتردي للقانون الدولي الذي يعكس ”أزمة ديمقراطية عالمية“ كما وصفتها آنا سانشيزشكل عام، و. وتثير الإبادة الجماعية الحالية العديد من الأسئلة أمام المحامين الدوليين والمشرعين والمنظمات الدولية حول كيفية معالجة أوجه القصور في الإطار الحالي وتطوير أدوات وآليات جديدة لمعالجة الأزمات الدولية في المستقبل. ودعا الخبراء كذلك إلى تعبئة المجتمعات المحلية للضغط على الدول لفرض عقوبات ضد الاحتلال الإسرائيلي ونظام الإبادة الجماعية.
* للاطلاع على التفريغ النصي الكامل للندوة باللغة العربية، انقر/ي هنا