الوضع القانوني الفلسطينيين أسرى حرب
نشر هذا الشهر بحث علمي محكم في “المجلة الآسوية للقانون الدولي” التي تصدرها دار نشر جامعة كامبريدج يتناول نتائج انضمام فلسطين إلى اتفاقية جنيف الثالثة وأثر ذلك على تصنيف الأسرى الفلسطينيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية، ولا سيما وجوب اعتبارهم أسرى حرب وعلى حقهم بالإفراج الفوري من السجون وفقا للقانون الدولي واعتبار استمرار احتجازهم جريمة حرب. البحث (30 صفحة) من تأليف كل من الدكتور معتز قفيشة، أستاذ القانون الدولي المشارك في جامعة الخليل ورئيس مجلس أمناء منظمة القانون من أجل فلسطين، والحقوقي إحسان عادل، باحث دكتوراة في القانون الدولي والتنمية الدولية بمعهد دراسات التنمية الدولية في جامعة Ruhr بألمانيا ورئيس منظمة القانون من أجل فلسطين. المجلة الآسيوية للقانون الدولي مصنفة ضمن قاعدة سكوبس بمعامل تأثير 1.1 للعام 2021.
ما بعد انضمام فلسطين لاتفاقيات جنيف ليس كما قبله
يشير الباحثان إلى أنه وعلى مدار أكثر من خمسين سنة قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي، بحسب إحصاءات الأمم المتحدة، باعتقال أكثر من 800 ألف فلسطيني، فيما لم تقم بمعاملة أي منهم كأسير حرب، وذلك بحجة عدم وجود دولة طرف في النزاع يتبع لها هؤلاء الأسرى كون اتفاقية جنيف الثالثة التي تنظم موضوع أسرى الحرب مفتوحة لانضمام الدول فقط. لكن بعد انضمام دولة فلسطين إلى اتفاقية جنيف الثالثة عام 2014 لم يعد لهذه الحجة الإسرائيلية أية قيمة قانونية. ومع ذلك، لم يتم التطرق إلى هذا التغير الجوهري في الدراسات الأكاديمية على المستوى الدولي ولم يتم طرح الموضوع بعد أمام المحاكم العسكرية الإسرائيلية التي تحاكم الأسرى الفلسطينيين أو أمام المحكمة الجنائية الدولية بعد.
يوضح الباحثان قفيشة وعادل أن الأسرى الفلسطينيين الذين قاموا بأعمال قتالية ضد قوات الاحتلال يندرجون ضمن إحدى ثلاث فئات: (1) أفراد قوى الأمن الفلسطينية، (2) المنتسبون لحركات المقاومة المسلحة، (3) الأشخاص الذين يقاومون بشكل فردي دون تنظيم. في ضوء الدراسة القانونية والواقعية المفصلة لأفراد هذه الفئات تبين انطباق اتفاقية جنيف الثالثة عليهم. لذا فإن معاملة إسرائيل لهم كمقاتلين غير شرعيين أو سجناء أمنيين “مجرمين” يخالف القواعد الراسخة في القانون الدولي الإنساني.
تبعات في المحكمة الجنائية الدولية
وفقا لنظام روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية يعتبر احتجاز المقاتلين، بما يتعارض مع اتفاقية جنيف الثالثة، جريمة حرب تختص المحكمة بالتحقيق فيها والمعاقبة عليها. فيقع واجب على دولة الاحتلال بإطلاق سراح جميع أسرى الحرب بمجرد انتهاء الأعمال القتالية بين الطرفين، كون الأسير ليس مجرما. كما يستفيد أسرى الحرب من عدد من المزايا التي وردت في الاتفاقية على مستوى المعاملة والوضع الصحي والحماية وحتى في مقدار ما يطلب منهم الإدلاء به من معلومات. بناء على ذلك، تمهد الإجراءات الإسرائيلية تجاه الأسرى وحرمانهم من وضع أسير الحرب والمزايا المترتبة عليه الطريق للمحكمة الجنائية الدولية للتحقيق بهذه الجريمة، خاصة بعد أن قررت المحكمة في 5 شباط/فبراير2021 أنها تمتلك الولاية القضائية للتحقيق في الجرائم التي تقع في فلسطين. بذلك يشكل هذا البحث أساسا يمكن الاعتماد عليه من قبل الجهات المختصة في الترافع أمام المحكمة الجنائية الدولية لإجبار الاحتلال عن الإفراج عن الأسرى ومعاقبة المتورطين من الساسة والمسؤولين من الجيش ومصلحة السجون عن احتجاز المقاومين.
نتائج على محاكمة الأسرى الذين هربوا من سجن جلبوع
في سياق متصل، يمكن البناء على النتائج التي توصل إليها البحث في المرافعات التي يقوم بها المحامون للدفاع عن المحتجزين في المحاكم العسكرية الإسرائيلية. فوفقا للقانون الدولي، بما أن أسرى الحرب لا يجوز احتجازهم، فإن الهروب من الأسر الذي يقوم به أسرى الحرب لا يمكن أن يخضع للمحاكمة، وهكذا، إذا تم اعتبار الأسرى الفلسطينيين الستة الذين قاموا بالهرب في أيلول/سبتمبر الماضي كأسرى حرب، فإنه لا تجوز محاكمتهم على عملية الهرب. هذا ما استخلصه أحد الباحثين (إحسان عادل) في مقالته التي نُشرت على موقع منظمة القانون من أجل فلسطين قبل شهرين والتي تناولت موضوع الهرب من السجن وفقا للقانون الدولي. وقد تم الاستناد لمقالة عادل بشكل مكثف في المرافعة التي قدمها المحامي خالد محاجنة، محامي كل من الأسيرين محمد ومحمود العارضة، وهما من ضمن الأسرى الستة الذين هربوا وتم إعادة اعتقالهم، أمام المحكمة العسكرية الإسرائيلية المنعقدة في مدينة الناصرة.
* للاطلاع على رابط البحث الكامل، أنقر هنا
* لمشاهدة فيديو قصير حول البحث،اطلع على الفيديو أدناه في دقيقتين
الوضع القانوني الفلسطينيين أسرى حرب