عرض كتاب “الهوس بالجدار: سياسة عسكرة الحدود في إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية” لِ: داميان سيمونو
الكاتب: أحمد الأستاذ
عرض كتاب “الهوس بالجدار: سياسة عسكرة الحدود في إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية”
معلومات الكتاب
العنوان: الهوس بالجدار: سياسة عسكرة الحدود في إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية
L’obsession du mur. Politique de militarisation des frontières en Israël et aux États-Unis
لغة الكتاب: الفرنسية
المؤلف: داميان سيمونو-Damien Simonneau-، وهو باحث حاصل على درجة الدكتوراة في العلوم السياسية من جامعة بوردو الفرنسية، ويعمل محاضراً في مجال العلاقات الدولية في جامعة سانت لويس في بروكسل، تركز اهتماماته البحثية على مقارنة سياسات أمن الحدود المعاصر في الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وأوروبا في ضوء عسكرتها، وكذلك قضايا الهجرة والتنقل والمصالح الاقتصادية المتعلقة بها.
الناشر: دار النشر (Peter Lang) في بروكسل، وتم تصنيفه في مجموعة (Enjeux internationaux) التي تجمع الكتب والمنشورات البحثية المتعلقة بالمسائل الدولية.
سنة النشر: يوليو 2020
عدد الصفحات: 420 صفحة
يضم هذا الكتاب القيم للباحث والمحاضر داميان سيمونو سبعة فصول تتناول العناوين التالية:
المقدمة: الجدران الحدودية من منظور المشهد السياسي.
الفصل الأول: الجدران الحدودية من وجهة نظر حركات التعبئة المناصرة لسياستها؛ مقارنة مبنية على أسس نظرية ومنهجية.
الفصل الثاني: مخاوف وأزمات على خطوط التماس.
الفصل الثالث: سرد الروايات الداعمة لفكرة ضرورة الجدران الحدودية.
الفصل الرابع: الجدران والعسكرة.
الفصل الخامس: مسائل جدلية حول قضية الجدران.
الفصل السادس: الإجراءات المناصرة لفكرة الجدران.
الفصل السابع: دعاوى المدافعين عن فكرة الجدار إزاء حكوماتهم.
الخاتمة: الجدران، الوجه العسكري لمجتمعاتنا.
يتناول سيمونو في كتابه هذا تزايد عدد الدول التي ترمي إلى تعزيز حدودها بإنشاء جدران عسكرية، والتي أصبحت فعاليتها موضع نقاش. لتفسير هذا الهوس العام، يتطرق سيمونو إلى المسائل الجدلية التي يتم طرحها للتقليل من شأن الآثار السلبية التي تسببها تلك الأدوات العسكرية، وذلك من خلال تناول مثالين للأمن الحدودي المعاصر؛ هما الجدار الأمني الإسرائيلي في الضفة الغربية، والجدار الحدودي بين الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك.
يتصور الباحث أن الجدران الحدودية هي:
– جزء من المشهد السياسي الموجه للمواطنين القابعين خلفها، فهي تضمن لهم تخفيف التوترات السياسية الداخلية الناتجة عن حركات التنقل والهجرة إلى مجتمعاتهم. كما تضمن لهم إدارة مشاكل مجتمعاتهم الأساسية المتعلقة بالأمن والاقتصاد وفرص العمل. ومن هذا المنطلق، يعزو الباحث رسم ذلك المشهد السياسي إلى الشخصيات المحافظة والأمنية والمعادية للأجانب، وذلك من خلال قيام تلك الشخصيات بإثارة الإشكاليات المتعلقة بحركة التنقل، وتطوير خبرات أمنية للحد من تلك الحركة، والضغط على حكوماتهم لكي تتخذ إجراءات أنجع حيال ذلك.
وقام الباحث ببناء كتابه على دراستين استقصائيتين متمثلتين بمقابلات وملاحظات ميدانية وتحليلات لأرشيف حركات التعبئة لرصد وجهات نظر الشخصيات المناصرة لسياسة الجدران الحدودية. وقام الكاتب سيمونو بسرد ومقارنة رواياتهم التي تعبّر عن ضرورة إنشاء تلك الجدران وركّز على الإجراءات التي اتخذوها للضغط على حكوماتهم.
وقد أراد سيمونو من خلال هذه الدراسة تجاوز فكرة أن إنشاء الجدران الحدودية إنما يمثل فقط مؤشرا على تدهور سيادة الدولة في عالم تسوده العولة والانفتاح، بل أراد أن يؤكد بوضوح على أن سلبيات المشاهد السياسية الناتجة عن الجدران الحدودية لا تقتصر فقط على عزلة الدولة، بل تعزز أيضا من عسكرة المجتمعات على حساب النُهج الإنسانية أو القانونية أو الاقتصادية الخاصة بحركة التنقل عبر الحدود.
وفيما يتعلق بالشق الإسرائيلي الفلسطيني من الدارسة، اعتبر الباحث أن الممارسات الإسرائيلية الناتجة عن الجدار الأمني الإسرائيلي في الضفة الغربية انتهاك للقانون الدولي، كما ينص عليه قرار مجلس الأمن 2334 الصادر في 23 ديسمبر من عام 2016. وأن للجدار أبعادا أخرى غير البعد الأمني القائم على مراقبة الحركة وفرز التجمعات الفلسطينية؛ وتشمل تلك الابعاد القضايا السياسية والاجتماعية في المجتمع الإسرائيلي والتي تثير حفيظة الشخصيات المحافظة والأمنية، مما يدفعهم إلى المشاركة في صناعة سياسات عسكرة الجدار.
فعلى سبيل المثال، يرى الباحث أن الجدار الذي أنشئ سنة 2002 للحد من العمليات العسكرية الفلسطينية كتلك التي حدثت في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، أصبح له لاحقا بُعد سياسي يهدف إلى تعزيز سياسة الفصل مع أي كيان سياسي فلسطيني مستقل، متمثلا بالسلطة الفلسطينية، مما يمهد لإسرائيل متابعة استغلال الموارد الفلسطينية في الضفة الغربية في ظل تكليف السلطة الفلسطينية بالأمور الإدارية اليومية الخاصة بالفلسطينيين.
وفي هذا الصدد، يشير سيمونو أيضا إلى أن الإسرائيليين يرون في هذا الجدار الذي يفصلهم عن الفلسطينيين أداة لاستكمال مشروع الاستيطان الإسرائيلي؛ فحدود اليوم المؤقتة كالجدار ستصبح حدود الغد الثابتة والدائمة.
وعلى المستوى الاجتماعي، يرصد سيمونو وجهات نظر الشخصيات الإسرائيلية المناصرة لفكرة الجدار، والتي تعتبر أن الهوية الوطنية الإسرائيلية مهددة بسبب النمو الديموغرافي المتزايد عند السكان الفلسطينيين، حيث تجد تلك الشخصيات في الجدار سلاحا للحد من هذا التهديد. أما الفلسطينيون، فيرى سيمونو أن الجدار بالنسبة لهم ليس إلا عنصر إضافي من عناصر الاحتلال التي تبدد أي حلم بقيام دولة فلسطينية مستقلة.
في النهاية، نرى بأن هذا الكتاب المبني على مثالين معاصرين للجدران العسكرية مهم للباحثين في مجال العلوم السياسية والاجتماعية والقانون الدولي، بالإضافة إلى الأمن الدولي والدفاع، لأنه يتناول بصورة واضحة القضايا والأسباب الأمنية والسياسية الرامية لإنشاء الجدران، ويربطها أيضا بجوانب قضائية وأهداف اجتماعية وآثار إنسانية ناتجة عنها، بالإضافة إلى تطلعات استيطانية، وهو الأهم.