ملتقى القانونيين من أجل فلسطين (الموسم الثاني)
ملخص الندوة التاسعة عبر الانترنت بعنوان:
على طاولة محكمة العدل الدولية: شرعية/لا شرعية الاحتلال الإسرائيلي والمسؤولية الدولية اللاحقة
إعداد: هديل مبارك || الترجمة للعربية: غدير أبو مدين ومحمد فراج | مراجعة: إحسان عادل
لتنزيل هذه المادة في نسخة بي دي اف، انقر/ي هنا
المعلومات الرئيسية:
· موعد اللقاء: 27/يناير/2013 · وقت اللقاء: من الساعة السادسة حتى الساعة السابعة والنصف مساءً بتوقيت القدس. · مكان اللقاء: عبر الزووم. – ميلون كوثاري: عضو لجنة التحقيق الأممية بشأن فلسطين/إسرائيل. – رالف وايد: خبير في القانون الدولي – جامعة كلية لندن. – جوليا بنزواتي: خبيرة في القانون الجنائي الدولي – جامعة ليدن. – سوزان باور: مديرة البحث والمناصرة الدولية – الحق. · ميسر اللقاء: حسان بن عمران، عضو مجلس إدارة في منظمة القانون من أجل فلسطين. · عدد الحضور: 100 · عدد المدعوات/ين والمستمعات/ين: 1200 (أعضاء ملتقى القانونيين من أجل فلسطين). · تسجيل الجلسة: انقر الرابط |
أولاً: المقدمة
في 30 ديسمبر/كانون الأول 2022، طلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة، مستندةً إلى ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان جنبًا إلى جنب مع الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية عام 2004 حول الجدار، من محكمة العدل الدولية إصدار رأي استشاري بشأن:
” أ. ما هي التبعات القانونية الناشئة عن انتهاك إسرائيل المستمر لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير..
ب. كيف تؤثر سياسات وممارسات إسرائيل المشار إليها في الفقرة … (أ) أعلاه على الوضع القانوني للاحتلال، وما هي التبعات القانونية على جميع الدول والأمم المتحدة من ذلك.”
ويلاحظ أن المناداة بعدم شرعية الاحتلال ليس بالأمر الجديد فيما يخص الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وغزة. فقد وصلت لجنة التحقيق الحالية التابعة للأمم المتحدة بشأن فلسطين/إسرائيل (COI) مؤخرًا إلى نتيجة مفادها أن الاحتلال الإسرائيلي غير قانوني بموجب القانون الدولي. قبل ذلك بسنوات قليلة، وضع المقرر الخاص للأمم المتحدة المنتهية ولايته البروفيسور مايكل لينك أربع نقاط لاعتبار الاحتلال غير قانوني: (1) قيام دولة الاحتلال بضم الأراضي (2) انتهاك الاحتلال لمبدأ الوجود المؤقت (3) إخفاق دولة الاحتلال في التصرف بما يحقق مصالح السكان المحتلين و (4) قيام دولة الاحتلال بإدارة الأراضي بسوء نية، على سبيل المثال، بناء المستوطنات.
وقال البروفيسور رالف وايلد في رأي قانوني (تم تلخيصه هنا) أن الاحتلال الإسرائيلي قد تجاوز عتبة الشرعية استنادا إلى أن “عدم الشرعية الوجودية للاحتلال ينشأ من حقيقة بسيطة للاحتلال كنظام للسيطرة والهيمنة دون أساس قانوني صحيح”.
تهدف هذه الندوة إلى:
- مناقشة وفحص نتائج تقرير لجنة التحقيق الدولية الذي يثبت عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي.
- استعراض الآراء القانونية المختلفة حول الوضع القانوني للاحتلال الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية المحتلة.
- مناقشة الاختصاص القانوني لمحكمة العدل الدولية لتقديم فتوى، ومسؤولية الأطراف المعنية والدول الثالثة التي ستنشأ بموجب الرأي الاستشاري المنتظر.
ثانيًا: المداخلات
ميلون كوثاري:
- كان هناك عدد من اللجان الخاصة بفلسطين على مدار السنوات الماضية، إلا أن هذه اللجنة لها بعض الميزات الفريدة التي تتيح لها تقديم مساهمة ما في حل الأزمة:
- أن تفويضها مفتوح المدة، أي لا نهاية محددة لتاريخ عمل اللجنة، المطلوب منها أن تبحث في الأسباب الجذرية والمنطق التاريخي وراء استمرار الصراع.
- وهي مفوضة أيضًا للنظر في الوضع داخل الخط الأخضر.
- كما أن النطاق الموضوعي لعمل اللجنة واسع، ويغطي حقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنسان، والقانون الجنائي الدولي، والتأسيس للمساءلة القانونية – بما في ذلك المسؤولية الجنائية الفردية.
- هناك تقريران رئيسيان صدرا عن اللجنة، الأول تم تقديمه لمجلس حقوق الإنسان، والثاني تم تقديمه للجمعية العامة.
- التقرير الذي تم تقديمه لمجلس حقوق الإنسان:
- يستعرض الأعمال السابقة التي تم القيام بها فيما يخص فلسطين. عبر ذلك الاستعراض، لاحظت لجنة التحقيق أن العديد من النتائج والتوصيات ذات الصلة بالأسباب الجذرية الكامنة كانت مرتبطة بالكيانات الفلسطينية والجماعات المسلحة، لكن الغالبية العظمى كانت موجهة نحو دولة إسرائيل – تأكيدًا على الطبيعة غير المتكافئة للنزاع، وتبديدا للرأي القائل بأن هناك طرفين على قدم المساواة، ويعكس ذلك واقع احتلال دولة لأخرى.
- خلص التقرير إلى أن دولة فلسطين تحت احتلال الدائم وأن هناك تمييزا طويل الأمد في الأرض الفلسطينية المحتلة وداخل إسرائيل – وهو أحد الأسباب الجذرية للعنف.
- ذكر التقرير الثاني –والمقدم إلى الجمعية العامة- أن:
- الاحتلال هو أحد الأسباب الجذرية الأساسية للنزاع وأن سياسات الضم سواء عبر القانون أو الواقع de jure and de facto والمستخدمة من قبل إسرائيل أصبحت لا رجعة فيها على الأرض – بينما تختبئ وراء “وهم أنها إجراءات مؤقتة”.
- خلصت لجنة التحقيق إلى أن هناك أسبابًا معقولة لاستنتاج أن الاحتلال أصبح الآن غير قانوني بموجب القانون الدولي بسبب دائميته، وأن الإجراءات سواء بالقانون أو الواقع والتي تم اتخاذها لضم جزء من الأرض من قبل إسرائيل تهدف إلى الحفاظ على احتلال دائم.
- بالنظر إلى الحقائق الواردة في التقرير الأول، أشارت لجنة التحقيق إلى أن محكمة العدل الدولية توقعت هذا السيناريو في رأيها الاستشاري لعام 2004 بشأن الجدار، الذي أوضحت فيه أن الجدار يؤسس لوضع دائم مما يرقى إلى الضم الفعلي.
- ووجدت أيضا أن بناء الجدار والنظام المرتبط به ، إلى جانب إنشاء المستوطنات ، ينتهك التزام إسرائيل باحترام حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير.
- وعليه أوصت لجنة التحقيق الأممية الجمعية العامة بأن تتقدم بطلب إلى محكمة العدل الدولية لإعادة النظر وتوسيع الأبعاد القانونية لقرار محكمة العدل الدولية حول الجدار الفاصل عام 2004، وذلك من أجل توضيح العواقب القانونية لرفض إسرائيل إنهاء الاحتلال، وضرورة احترام حق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره. وأيضاً من أجل توضيح ما هي التزامات الدول المترتبة على ذلك من أجل ضمان احترام القانون الدولي؟
جوليا بنزواتي:
- فيما يتعلق باختصاص محكمة العدل الدولية، هناك معياران ضمن ميثاق الأمم المتحدة يتحكمان بالاختصاص القضائي للمحكمة بشأن إصدار رأي استشاري:
- الأول: أن المحكمة تجيب على أسئلة قانونية فقط.
- الثاني: فقط الأطراف المخولة تستطيع تقديم مثل هذا الطلب.
- وبالنظر للمعايير المذكورة أعلاه، يتضح لدينا أن محكمة العدل الدولية لديها اختصاص قضائي لإصدار رأي استشاري حول شرعية من عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، وذلك لأنه:
- وفقاً لميثاق الأمم المتحدة، الجمعية العامة هي الجهاز الذي يقوم بطلب الرأي الاستشاري من المحكمة حول أي سؤال قانوني، حتى ولو كان ذلك السؤال يحمل في طياته الكثير من العوامل السياسية. فطالما إجابة ذلك السؤال القانوني ستكون وفقاً للقانون الدولي، حينها لا يمكن إعطاء العوامل السياسية أي أهمية.
- فيما يتعلق بالملاءمة القضائية، تنص المادة 65 من نظام المحكمة على أن للمحكمة سلطة تقديرية في قبول أو رفض طلب إعطاء رأي استشاري يدخل ضمن اختصاصها القضائي، ومع ذلك فهذه سلطة تقديرية لا ينظمها القانون بشكل مفصل. في اجتهاداتها السابقة، رفضت المحكنة تقديم رأي استشاري عندما كان رأت أنه قد يؤثر على نزاهة الاختصاص القضائي للمحكمة. وعليه، بشكل عام، لا تستطيع المحكمة رفض طلب إعطاء رأي استشاري بدون تقديم أسباب مقنعة.
- من خلال عملها، وضحت المحكمة مثالا على مثل هذه الأسباب المقنعة، وهو عدم موافقة دولة أو الدول المعنية بطلب الرأي الاستشاري، وهذا يحدث عندما لا توافق بعض الدول على أن تنظر المحكمة في المسألة –أي لا توافق على الاختصاص القضائي للمحكمة-.
- في الآونة الأخيرة، تم استخدام إمكانية طلب رأي استشاري من المحكمة في حالات تتضمن رفض بعض الدول خلال نزاعاتها حلها أمام محكمة. في ال20 عاما الماضية، حصل هذا في 3 من أربعة آراء تعاملت معها المحكمة. وبما أن إسرائيل لا توافق على أي حلول للتسوية في نزاعها مع فلسطين أمام محكمة العدل الدولية، قد يؤدي ذلك إلى رفض المحكمة طلب إعطاء الرأي الاستشاري على خلفية حماية نزاهة اختصاصها القضائي الذي ذكرته سابقاً.
- الرأي في النقطة السابقة تم ذكره في العديد من المرات، على سبيل المثال من قبل ممثل المملكة المتحدة بحجة أنه “لا يمكن طلب المحكمة بإعطاء رأي استشاري في خلافات ثنائية“، وحتى أعضاء في محكمة العدل الدولية (بما في ذلك الرئيس) عبروا عن مخاوفهم من أن هذه الممارسة تلتف على مبدأ الحكم بالموافقة. وأن على المحكمة رفض إبداء الرأي المطلوب في بعض الظروف لحماية نزاهة وظيفتها القضائية.
- بممارساتها القضائية، لم يسبق لمحكمة العدل الدولية رفض طلبات إعطاء رأي استشاري على خلفية عدم وجود اختصاص قضائي، حتى في الحالات المتعلقة بنزاعات لم يتم حلها. باستثناء حادثة واحدة فقط رفضت المحكمة فيها إعطاء رأي استشاري حول نزاع كان بين دولة روسيا ودولة فلندا، ووضحت المحكمة أن الرفض ” إجابة السؤال القانوني سيؤدي لا محالة إلى التطرق للنزاع بين الطرفين، ولا يمكن للمحكمة عمل ذلك دون أن يكون رأيها يتدخل بصلب النزاع”. كما أن هناك ظروفا أخرى محيطة بالقضية دفعت المحكمة للامتناع عن إبداء الرأي: طبيعة ظروف القضية، إعطاء الرأي كان يتطلب تعاونا من الطرفين وذلك لأن السؤال المطروح كان يتعلق بالوقائع إلى حد كبير، كما لم تكن روسيا طرفا في النظام الأساسي للمحكمة الدائمة ولا عضوا في عصبة الأمم، واعترضت على الإجراءات ورفضت المشاركة.
- عند قيام المحكمة بإعطاء رأي استشاري قانوني حول شرعية الاحتلال، الوقائع لن تكون مشكلة، كما أن إسرائيل عضو في الأمم المتحدة، ووافقت على النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية. وعليه، يمكن القول إن إسرائيل قد أعطت موافقتها مسبقاً للاختصاص القضائي لمحكمة العدل الدولية من أجل إعطاء رأي استشاري حول مسألة قانونية الاحتلال الإسرائيلي.
- قامت المحكمة بحصر انخراطها في إعطاء رأي استشاري في نقطتين:
- طلب الرأي الاستشاري لا يتعلق بخلاف قانوني:
▪ فمثلا في ناميبيا، حقيقة أن المحكمة قد تضطر إلى الحكم في القضايا القانونية التي يكون للأطراف آراء متباينة بشكل جذري بشأنها لم يحوّل القضية إلى نزاع.
▪ تكرر هذا أيضًا في شاغوس Chagos عام 2019، حيث رأت المحكمة أنها لا تتعامل مع نزاع ثنائي حول السيادة، ولكن مع مسألة الاستعمار – وهذا صحيح، ولكن في نفس الوقت فإن الحكم كان سيؤثر على السيادة البريطانية على شاغوس لا محالة. على هذا النحو، إذا لم تجد المحكمة نفسها بأنها تتعامل مع نزاع ثنائي في شاغوس، فمن غير المرجح أن تصل إلى نتيجة مختلفة في الرأي حول شرعية الاحتلال.
- كما حدت المحكمة من أهمية الموافقة على الآراء الاستشارية انطلاقا من وضع الخلاف ضمن “الإطار الأوسع لعمل المحكمة”، حيث تنظر المحكمة في موضوع وطبيعة الطلب.
▪ وهنا يمكن القول إن طلب الجمعية العامة من المحكمة إعطاء رأي استشاري حول شرعية الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين هو سؤال يدخل في صلب الخلاف بين فلسطين وإسرائيل، إلا أنه وبنفس الوقت لا يمكن اعتبار هذا الطلب مبني على سؤال قانوني معلق بين طرفين أو أكثر.
▪ السؤال المطروح على المحكمة يقع في إطار أوسع من مجرد تسوية نزاع ثنائي بحت، حيث أنه لا يتعلق فقط بإسرائيل وفلسطين، بل أيضاً يدخل ضمن التزامات الأمم المتحدة تجاه القضية الفلسطينية. وعليه يمكن أن يدخل هذا الطلب ضمن الإطار العام للاختصاص القضائي للمحكمة، تماماً كما حدث في عام 2004 عندما أعطت رأيها الاستشاري حول الجدار الفاصل. كما تنظر المحكمة فيما إذا كان الرأي يعني توجيه عمل الجمعية العامة للأمم المتحدة أو مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في أداء وظائفهما.
- طلب الرأي الاستشاري حول شرعية/ لا شرعية الاحتلال، لا يمكن اعتباره طلباً يتعلق بمسألة نزاع بين طرفين. وذلك لأن المحكمة ستنظر في ضرورة وتناسب بقاء الاحتلال وفقاً ل”قانون الحرب” وقواعد استخدام القوة، وما إذا كانت ممارسات سلطات الاحتلال الإسرائيلي تنتهك قواعد القانون الدولي من عدمه، بما يشمل حق تقرير المصير بطريقة تؤثر على الوضع القانوني للأراضي المحتلة. حق تقرير المصير وفقا للمحكمة يمثل قاعدة من قواعد القانون الدولي تجاه الكافة erga omnes ، أي التي تفرض التزامات على كافة أعضاء المجتمع الدولي، وبالتالي فهي ليست مسألة ثنائية بحتة.
- وفي الخلاصة، المحكمة لديها الآن طلب بإعطاء هذا الرأي الاستشاري، ولا يوجد أي سبب مقنع يمكن أن يجعل المحكمة ترفض إعطاء هذا الرأي.
- قبول المحكمة الطلب الذي تقدمت به الجمعية العامة، لا يعني فقط أن المحكمة تمارس اختصاصها القضائي فحسب، بل يعني أيضاً أن المحكمة تمارس دورها القضائي بصفتها الجهاز القضائي الرئيس التابع للأمم المتحدة.
رالف وايلد:
- مفهوم مصطلحات مثل “شرعية، لا شرعية” الاحتلال في الأراضي الفلسطينية بما يشمل الضفة الغربية، قطاع غزة، والقدس الشرقية يمكن فهمها وشرحها من خلال مجموعة عديدة من موضوعات القانون الدولي، بما يشمل حق تقرير المصير، الاحتلال الاستيطاني، قانون الحرب، الاحتلال طويل الأمد، بناء الدولة، السيادة، ضم الأراضي المحتلة، نظام الفصل العنصري، قانون اللجوء للحرب، القانون الدولي الإنساني، قوانين الأمم المتحدة، وقانون المعاهدات والاتفاقيات. وعليه لغايات الإجابة على السؤال القانوني الذي تقدمت به الجمعية العامة للمحكمة، سيتم النظر لجميع هذه الفروع من القانون الدولي.
- أشكال شرعية الاحتلال ولا شرعية الاحتلال تختلف عن بعضها البعض في كثير من الأمور، وكلاهما يمكن تطبيقه على الاحتلال ضمن فروع القانون الدولي المختلفة. حيث يمكن أن تشير مصطلحات “شرعية” أو “لا شرعية” إلى وجود الاحتلال ذاته، أو سلوكه وممارساته، أو كليهما.
- الشرعية/اللاشرعية الوجودية تشير إلى مجرد ممارسة السيطرة على الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية وغزة، وبالتالي منع الشعب الفلسطيني من الحكم الذاتي الكامل والفعال، وهو ما يشكل عقبة أساسية أمام إعمال حق تقرير المصير الذي يتمتع به الشعب الفلسطيني وفق القانون الدولي.
- الأساس الوحيد الذي يمكن تبريره قانونيًا لإعاقة ممارسة حق تقرير المصير موجود في قانون استخدام القوة – jus ad bellum.
- لنفترض أن إسرائيل لديها الحق في الدفاع عن نفسها وفقاً للقانون الدولي خلال حرب 1967، ويعتبر هذا مبرر قانوني لبداية الاحتلال، ولكن هذا التبرير القانوني لا يمكن أن يصمد أمام المحكمة الآن، ولا يمكن تبرير استمرار الاحتلال قانونياً. وذلك لأنه لا يوجد هناك أي دليل على وجود هجوم مسلح فعلي أو جوهري من شأنه تبرير وجود الاحتلال باعتباره دفاعاً ضروريا ومتناسبا عن النفس.
- كما أن مبدأ الدفاع الوقائي عن النفس (الذي يبرر الاحتلال كوسيلة لوقف التهديد من الظهور) ليس له أي أساس في القانون الدولي.
- لا القرار الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 242 ولا اتفاقية أوسلو يمكن أن يوفروا أساساً قانونياً يبرر استمرارية الاحتلال. بل إن اتفاقيات أوسلو بحد ذاتها تعتبر انتهاكاً للقانون الدولي، وذلك لأنه تم إجبار منظمة التحرير الفلسطينية بالموافقة على مضامين أوسلو عبر استخدام القوة غير القانونية، عبر احتلال الأراضي الفلسطينية. علاوة على ذلك، اتفاقيات أوسلو تخالف مبدأً أساسياً في القانون الدولي خاصة فيما يتعلق بالحقوق غير القابلة للانتقاص منها/القواعد الآمرة.
- بشكل عام، لا يوجد تحت مضامين القانون الدولي ما يبرر استمرار وجود الاحتلال في انتظار اتفاق سلام، أو كوسيلة لبناء تغييرات على أرض الواقع امن شأنها أن تعطي إسرائيل الأفضلية للدخول في مثل هذه الاتفاقيات أو التي من شأنها إجبار الفلسطينيين على الموافقة على الدخول في مثل هذه الاتفاقيات وعدم ترك أي خيار أخر لهم. ونتيجة ذلك، لا يوجد أي تبرير قانوني وفقاً للقانون الدولي لاستمرار وجود الاحتلال.
- وكنتيجة للنقاط السابقة، هذا ما يجعل الاحتلال غير شرعي وغير قانوني وذلك بسبب استخدام القوة والعدوان والقيام بممارسات من شأنها أن تخالف حق الفلسطينيين بتقرير مصيرهم، وهو ما يمثل جريمة على المستوى الفردي للقادة الإسرائيليين السياسيين وفي الجيش.
- قانونياً، لا يتوقف إنهاء الاحتلال على توفر ظروف أو شروط معينة، وبالتالي فإن استمرار الاحتلال يمثل انتهاكا للقانون الدولي.
- مصطلحات الشرعية أو اللا شرعية يمكن أن تطبق على وجود الاحتلال أو ممارساته، وبالنسبة للاحتلال الإسرائيلي في فلسطين فهذه المصطلحات تنطبق على وجود الاحتلال، وعلى ممارساته أيضاً.
- لاشرعية وجود الاحتلال مبنية على حقيقة بسيطة وهي أن الاحتلال هو نظام أو كيان يسيطر على كيان أخر دون وجود مبررات قانونية، يضاف إلى ذلك طول أمد الاحتلال، وارتباطه بالضم القانوني والفعلي، والانتهاكات الفظيعة التي تُرتكب ضد الشعب الفلسطيني.
- استخدام القوة العسكرية من أجل ضم الأراضي المحتلة هو عامل مستقل يمكن احتسابه عند الحديث عن عدم شرعية الاحتلال، وأيضاً باعتباره انتهاكاً لمبدأ استخدام القوة في القانون الدولي واعتباره عدواناً، الأمر الذي يترتب عليه مسؤولية على مستوى الدولة، ومسؤولية جنائية فردية.
- بالنسبة لعدم شرعية ممارسات الاحتلال وسلوكياته، هناك العديد من الممارسات التي يمكن اعتبارها انتهاكات للقانون الدولي، بما في ذلك قانون الحرب، وقانون النزاعات المسلحة، وقانون حقوق الإنسان، هذه خروقات على مستوى دولة إسرائيل وفي بعض الحالات جرائم فردية (جرائم حرب، جرائم ضد الإنسانية، جريمة فصل عنصري وجريمة تعذيب).
- جميع المجالات الرئيسية للقانون الدولي المنتهكة هنا (حظر استخدام القوة بخلاف الدفاع عن النفس، والحق في تقرير المصير، وحظر التمييز العنصري بشكل عام والفصل العنصري على وجه الخصوص) هي مجموعات فرعية منتهكة في القانون الدولي الإنساني (ولا سيما حظر التعذيب). هذه كلها معايير لها وضع خاص غير قابل للتقييد أو الانتقاص.
- وبالخلاصة، بالاستناد لجميع القوانين المرتبطة بالتزامات أعضاء المجتمع الدولي بالقواعد الآمرة، وبالحقوق غير القابلة للانتقاص منها، يكون الاحتلال غير شرعي سواء فيما يتعلق بوجوده أو بممارساته، وهذا ينتج عنه مسؤولية على مستوى الدولة، وعلى مستوى المسؤولية الجنائية الفردية.
سوزان باور:
- المادة 14 من “مشروع المواد المتعلقة بمسؤولية الدول عن الأفعال غير المشروعة دولياً” الصادر عن لجنة القانون الدولي تسلط الضوء على الالتزامات الدولية على الدولة التي ترتكب جريمة مستمرة، والتي لا تقوم إلا خلال الفترة التي تستمر فيها الدولة بممارسة الفعل غير المشروع. يعطي هذا معيارًا جيدًا لقياس الأعمال التي كانت في الأصل قانونية والتي أصبحت غير قانونية مع الوقت.
- طبقًا لتعليق لجنة القانون الدولي على المادة 14 فإن أبسط توصيف لاستمرار الفعل غير المشروع هو الاحتلال غير المشروع لأراضي دولة أخرى، ولذلك وعلى سبيل المثال، فإن القول بأن الاحتلال هو عدوان غير مشروع منذ عام 1967، ينشأ عنه عواقب قانونية للاستمرار بممارسة غير مشروعة دولياً.
- وبالمثل، يمكننا أن نستخدم هذه المادة ضد ادعاء استمرارية الاحتلال كدفاع عن النفس، إذا أردنا أن نأخذ بالاعتبار ادعاء اسرائيل أن استخدامها للقوة عام 1967 كان أمراً مشروعاً انطلاقاً من مبدأ الدفاع عن النفس.
- إسرائيل تستمر في الاحتلال العسكري للأراضي الفلسطينية لما يناهز ال 56 عاما ولعقود بعد ابرام معاهدتي السلام مع مصر في 1979 ومع الأردن في 1994م، وبعد عقود من دعوات مجلس الأمن لإنهائها والانسحاب والتي سلطت الضوء على أن الاحتلال العسكري قد تجاوز بالفعل كل المحددات العسكرية ومبدأي الضرورة والتناسب ويستتبع مسئولية الدولة كفعل غير مشروع دوليا.
- هناك عواقب دولية ذات طابع عرفي هامة والتي تنبع من ممارسة الأفعال الدولية غير المشروعة، تشمل الالتزام بوقف هذا الفعل، وتقديم تأكيدات وضمانات بعدم التكرار.
- كما أن الدول مسئولة وملتزمة بالتعويض وإعادة الوضع لما كان عليه قبل الفعل غير المشروع الذي أُرتكب.
- على سبيل المثال: في قضية ناميبيا، رأت محكمة العدل الدولية أن جنوب إفريقيا ملزمة بسحب إدارتها من أراضي ناميبيا.
- في حالة إسرائيل، يمكننا أن نلفت إلى التوصيات الأممية بإنهاء الإدارة العسكرية وسحب القوات من الأراضي المحتلة.
- من المهم ملاحظة أن الجمعية العامة للأمم المتحدة تبنت العديد من القرارات تدعو إسرائيل للانسحاب غير المشروط والكامل، وهذا يعني أن الانسحاب ليس موضوعًا للتفاوض لأن الاحتلال غير القانوني هو فعل غير مشروع على المستوى الدولي.
- هناك أيضًا عواقب تنشأ بالنسبة للدول الثالثة، بما في ذلك عدم الاعتراف بالفعل الدولي غير المشروع، وفقا لما نصت عليه المادة 41 (2) من “مشروع المواد المتعلقة بمسؤولية الدول عن الأفعال غير المشروعة دولياً”، بما في ذلك حظر تقديم أي عون أو القيام بأي عمل من شأنه أن يساهم في استمرارية الوضع غير المشروع.
- محكمة العدل الدولية ومن خلال رأيها الاستشاري فيما يتعلق بالجدار أثارت المسؤولية القانونية لكل الدول للالتزام بعد الاعتراف بالوضع الذي نشأ نتيجة بناء الجدار غير القانوني، بما في ذلك عدم تقديم المعونة أو المساعدة من أجل الإبقاء على الوضع غير القانوني والتعاون باتجاه وضع حد للانتهاكات الناتجة عن استمرارية الوضع غير القانوني وضمان تقديم التعويضات للمتضررين.
- في حالة ناميبيا، فإن محكمة العدل الدولية نصت على أن الدول الأخرى ملزمة بالامتناع عن الدخول في أي علاقات تعاهدية مع سلطة الاحتلال (جنوب أفريقيا) في الأماكن المحتلة، وسحب كل البعثات الدبلوماسية والبعثات الخاصة، والامتناع عن الدخول في علاقات اقتصادية أو أي شكل من أشكال العلاقات الأخرى أو التعامل مع جنوب إفريقيا فيما يتعلق بنامبيا.
- دعا مجلس الأمن الدولي جميع الدول للامتناع عن استيراد أو اجراء أي منفعة تجارية أو صناعية أو عامة مع دولة محتلة معتدية في حالة العراق-الكويت.
- كان هناك أيضاً دعوات لتوسيع ذلك الحظر ليشمل الكف عن التزويد بأي مساعدة عسكرية ولمنع بيع أو التزويد بمعدات عسكرية. هذا الأمر لم ينص عليه بشكل محدد في المواد المتعلقة بالمسؤولية الدولية، لكنه تطور عرفي بموجب ممارسات الدول. على سبيل المثال: رد الاتحاد الأوروبي بإجراءات تقييدية ضد الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا بما في ذلك فرض عقوبات فردية وعقوبات اقتصادية وإجراءات دبلوماسية.
- هناك مسؤولية دولية للأمم المتحدة، حيث تتحمل مسؤولية دائمة فيما يتعلق بقضية فلسطين، وتستمر هذه المسؤولية حتى يتم حل القضية من جميع جوانبها وفق القانون الدولي والقرارات ذات الصلة.
- قد تكون مسائل مثل إعادة توطين الفلسطينيين والعودة قضية تطرحها محكمة العدل الدولية على الجمعية العامة للأمم المتحدة، وسيكون هذا من أجل استكمال إنهاء الاستعمار، ويشمل دعوات لتعاون جميع الدول في هذا الصدد. وقد تم اتخاذ إجراءات مماثلة في ظل الاحتلال العراقي للكويت، حيث تم تعيين منسق رفيع المستوى لتقديم تقرير إلى مجلس الأمن بشأن إعادة المواطنين الكويتيين إلى الوطن وإعادة الممتلكات الكويتية. إن التذكير بهذه المواقف مهم للغاية، مع ملاحظة قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334 والذي يحث بالفعل على بذل الجهود الدولية والدبلوماسية بدون تأخير لانهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ في 1967.
- هناك أهمية كبيرة لمخرجات محكمة العدل الدولية بشأن وضع الاحتلال لتوفير الوضوح القانوني بشأن الخطوات والعواقب القانونية الخاصة بإنهاء استعمار واحتلال فلسطين.
- نحن بحاجة فقط إلى إعادة التأكيد على أن هذا أمر جوهري حقًا، ولذلك الدول غير الأطراف ينبغي أن تلتزم بشكل كامل بعدم الاعتراف وكذلك مسئولية التعويض، وأن تعمل محكمة العدل الدولية على تعزيز دعوات ممارسة الشعب الفلسطيني لتقرير المصير الكامل، وحق العودة، واتخاذ جميع الخطوات اللازمة لتفكيك الإدارة العسكرية الإسرائيلية للأراضي المحتلة
الأسئلة والتعليقات
السؤال الأول: د/ معتز قفيشة
-سؤال للسيد كوثاري: فكرة إحالة القضية لمحكمة العدل الدولية هي خطوة ذكية. في هذا الصدد، ما هي الأفكار الأخرى الواعدة المطروحة على طاولة اللجنة للمستقبل؟
-سؤالي لجوليا أو لرالف، فيما يتعلق بتشكيل المحكمة أو سياسة المحكمة او حتى القضاة في أرائهم السابقة، هل يمكن أن نتنباً بما قد تقوله المحكمة؟
-سؤالي الأخير لسوزان فيما يتعلق بالدول التي صوتت ضد انشاء لجنة التحقيق واحالة القضية لمحكمة العدل الدولية، وبالتالي، وبموجب مسئولية الدولة، هل يمكن أن يتذرعوا بمواقفهم السابقة في الاعتراض على تشكيل لجنة التحقيق أو إحالة هذه القضية إلى المحكمة، من أجل التنصل من التزاماتها واحترام رأي المحكمة أو نتائج لجنة التحقيق؟ وماذا يمكن أن يكون الرد على هذه الدول؟
ردود المتحدثين:
ميلون كوثاري:
-ما هو على طاولتنا الآن ما يلي:
1-كما تعلمون، فقد دعونا كافة الجهات المعنية لتقديم تقارير إلى اللجنة من أجل تقاريرها القادمة والتي ستتناول تأثير الاحتلال على المجتمع المدني والمحامين والمدافعين عن حقوق الإنسان.
2-عقدنا سلسلة من جلسات الاستماع العامة والتي يمكن من خلالها سماع أصوات المدافعين عن حقوق الانسان حول العالم فيما يخص فلسطين. منظمات المجتمع المدني التي أصبحت موصومة بالإرهاب وفوق ذلك، في سياق قضية شرين أبوعاقلة، واصلنا عقد جلسات الاستماع العامة
3- فيما يتعلق بموضوع هذا النقاش، نحن نتطلع للمشاركة في مداولات محكمة العدل الدولية بخصوص هذا الامر، إذا رغبت المحكمة بذلك، فنحن كلجنة تحقيق نعرف أفضل السبل التي تمكننا من التدخل في حالة الضرورة، ولكننا اشرنا صراحة أننا نود معرفة تفسير المحكمة للتبعات القانونية للرفض الإسرائيلي المستمر لانهاء الاحتلال، مع الاخذ في الاعتبار أننا اعلنا أن الاحتلال طبقا للقانون الدولي لابد أن يكون مؤقتا في طبيعته، والحظر الدولي بشأن الاستيلاء على إقليم بالقوة.
جوليانا بينازوتي:
-فيما يتعلق بتشكيل المحكمة، لم أنظر في تشكيل القضاة لأتوقع كيف يمكن أن تجيب المحكمة، ولكن بالعموم هذه هيئة مختلفة تماما عن التي أصدرت رأيها الاستشاري عام 2004 بشأن الجدار، وليس هناك إلا قاض واحد من السابقين فقط موجود في التشكيل. وبالتالي هناك عدم يقين بشأن موقف المحكمة حتى اللحظة الأخيرة.
– كما أن من المحتمل أن تكون هناك تغييرات أخرى في تكوين المحكمة إذا لم يتم الحكم في هذه القضية حتى عام 2024.
سوزان باور:
-لقد رأينا ردودًا سلبية مماثلة من دول عديدة من قبل، مثل الرد السلبي الذي حدث أمام الدائرة التمهيدية في المحكمة الجنائية الدولية، عندما كانت هناك العديد من الدول التي قدمت إلى المحكمة مداخلات ضد هذه القضية، ومع هذا، كان قرار المحكمة الذي تم تقديمه ملزمًا. وبالتالي، بمجرد إصدار الفتوى، سيكون لها وزن قانوني كبير.
السؤال الثاني: من تيماء: باحثة علاقات دولية
– لسوزان: كيف تنظرين إلى مثل هذه المنظمة المسيسة للغاية أو هذا الجهاز من أجهزة الأمم المتحدة بينما نجد أن سلطة الانفاذ الوحيدة هي عبر الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن؟ ما هي الأمور التي نحتاجها لنتعلم من الآراء الاستشارية السابقة والتي ربما يمكن تحسينها أو استخدامها لمزيد من التأثير في هذا الشأن؟
– لرالف: ما هو تأثير عدم الشرعية على المستوطنات في الضفة الغربية، كيف يمكن لهذا الرأي الاستشاري أن يؤثر على وضع الاستيطان، وهو امر غير قانوني بالفعل في القانون الدولي؟
ردود المتحدثين:
سوزان باور:
-مسألة الإنفاذ مهمة للغاية لأن الإدارة العسكرية نفسها اعتُبرت قانونية بحكم الواقع وليس هناك أي تحرك لانهاء هذه الإدارة العسكرية، الرأي الاستشاري يعطينا الفرصة لتغيير الخطابات والتزامات الدول للتحرك في سياق القانون الدولي، وفي كل مرة سوف نتحدث عن الاحتلال سنتحدث عن انهاء الاحتلال وكذلك سوف نتحدث عن الفصل العنصري. لن ينتهي الأمر فورًا ، لكنه يحمل وزنًا كبيرًا.
-انهاء الاحتلال ربما سيكون مسألة سياسية ولكن نحن نحتاج إلى الأدوات المتاحة لنا لضمان أن الدول ستحترم الالتزامات، وسوف تظهر هذه الدول نفسها كمسئولة عن انهاء الاحتلال.
-كل ما نقوم به يمثل استراتيجية طويل الأمد لإزالة (تفكيك) الاحتلال ونظام الفصل العنصري.
رالف وايلد:
-نتيجة كون الاحتلال غير قانوني من حيث الوجود تستتبع مسؤولية إنهائه فورا، وتفكيك المستوطنين والمستوطنات، وهذا مطلب فوري ناجم عن عدم شرعية الوضع القائم.
-مسألة أخرى ذات صلة بشأن الارتباط بين وجود المستوطنين والمستوطنات واي ادعاء بأن إسرائيل تضطر لاستعمال القوة بذريعة الدفاع عن النفس.
– ليس لهذا أي أساس قانوني، وإحدى القضايا الرئيسية هنا هي أن السيطرة العسكرية المستمرة تُفهم في سياق الناحية الأمنية، وليس كرد فعل على هجمات فعلية أو وشيكة، بل على أساس أنها دفاع وقائي عن النفس باستخدام القوة -أي لمنع ظهور تهديد- وجزء من هذا، استخدام القوة كوسيلة لحماية المستوطنات، ومنع ظهور تهديد للمستوطنين.
– عدم جواز قبول مبدأ الدفاع الوقائي عن النفس في القانون الدولي لا ينطبق فقط على الاحتلال، ولكن بشكل أكثر تحديدًا فيما يتعلق باستخدام إسرائيل له كذريعة لتحقيق أمن المستوطنين.
– هناك في بعض الأحيان فكرة خاطئة مفادها أنه نظرًا لأن قانون حقوق الإنسان ينطبق على إسرائيل في الضفة الغربية والقدس الشرقية، فإن المستوطنين لديهم بطريقة ما (كأصحاب حقوق) الحق في البقاء في الأراضي – وهذا فهم غير صحيح لما يعنيه قانون حقوق الانسان، وهو قانون محدد وبالتالي يتطلب ادراك معناه الصحيح حتى يُحترم، خاصة فيما يتعلق بحق تقرير المصير، وكيف أن هذا الحق يختلف بالكلية بين الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة من ناحية، والمستوطنين الاسرائليين من ناحية أخرى.
– حق تقرير المصير هو جزء من قانون حقوق الإنسان، وكذلك جزء من القانون الدولي العام. من الأهمية بمكان أن يتضمن أي تحليل قانوني للوضع يتم إجراؤه على أساس حقوق الإنسان حق الإنسان في تقرير المصير.
تعليق من ميلون كوثاري:
لقد تغير الزمن منذ آخر مرة حكمت فيها محكمة العدل الدولية فيما يخص فلسطين. يتعين على الأمم المتحدة إرسال جميع المعلومات الموثوقة إلى محكمة العدل الدولية قبل أن تتداول المحكمة في الأمر، وبالتالي هناك الكثير من المعلومات التفصيلية، وسيكون من الصعب على محكمة العدل الدولية تجاهل كل ذلك، بالإضافة إلى أن الموقف على الأرض الآن أسوأ بكثير. لقد تغير الزمن، وأعتقد أننا سنحصل على رأي استشاري قوي.
السؤال الثالث:
– ماذا عن القدس في ضوء هذا النقاش؟ وضع القدس في ضوء هذه النتائج؟
ردود المتحدثين:
ميلون كوثاري:
– بالنسبة للقدس، فإننا نعتبرها جزءًا من الأراضي المحتلة، ولذلك كل ما ينطبق على الضفة الغربية ينطبق أيضًا على القدس الشرقية بشكل خاص.
السؤال الرابع: من احسان عادل
-لرالف: سؤالي عن الحجة المقابلة، حيث أننا نعرف أن الاحتلال بدأ كنوع من الدفاع عن النفس كحق مشروع وسيظل كذلك حتى يتم الوصول لحل تفاوضي، لذا، ما هي الدفوع المتوقعة التي يمكن اثارتها أمام المحكمة للدفاع عن شرعية الاحتلال الإسرائيلي؟
-لجوليا: هل تعتقدين أن صيغة السؤال الذي أحيل إلى المحكمة بواسطة الجمعية العامة للأمم المتحدة تسمح لها بالتعامل مع قضية الفصل العنصري وكذلك قضية الاحتلال الإسرائيلي كشكل من اشكال الاستعمار كما تم تقديمها بواسطة المقررة الخاصة للأمم المتحدة لفلسطين في تقريرها الأخير؟
ردود المتحدثين:
جوليا بينازوتي:
-صيغة السؤال واسعة بما يكفي للسماح للمحكمة بالتطرق لمجموعة واسعة من القضايا القانونية لاسيما تلك المتعلقة بالرد كتابة وشفاهة على ما سوف يتم تقديمه من خلال المشاركين في القضية.
-سترغب العديد من الدول في المشاركة في الإجراءات وتقديم الحجج حول كون إسرائيل نظام فصل عنصري ودولة استعمارية، وبالتالي سيكون من الصعب جدًا على المحكمة أن تتجاهل هذه الحجة رغم عدم ذكر هذه الكلمات صراحة في طلب الإحالة للمحكمة.
رالف وايلد:
– فيما يتعلق باستخدام القوة للدفاع عن النفس: هذا يسمح فقط باستخدام القوة كاستجابة لتهديد فعلي أو جوهري وحيث تكون القوة المستخدمة – في حالتنا وجود احتلال عسكري – ضرورية ومتناسبة مع ذلك الهجوم أو التهديد المباشر.
– من الممكن الجدل بأن متطلبات استخدام القوة تم الوفاء بها في المرحلة التي بدأ فيها الاحتلال – ولكن إذا لم يكن الأمر كذلك، فإن الاحتلال كان غير قانوني منذ البداية. انطلاقا من الأساس الافتراضي القائل بوجود أساس قانوني لبدء الاحتلال عام 1967، يجادل البعض بأنه متى ما تم الوفاء بشرط استخدام القوة في البداية، فإن مسألة الشرعية بشأن استخدام القوة قد تم الانتهاء منها ليس فقط في تلك اللحظة، ولكن أيضًا طوال مدة الاحتلال، ولا حاجة لمزيد من الفحص مع مرور الوقت. وهكذا، اعتمادا على هذه الرؤية، يمكن للاحتلال أن يستمر دون أن يحتاج لأي تبرير بعد ذلك، ويُترك للمحتل أن يقرر متى يرغب في إنهاء الاحتلال.
– الرأي الأكثر شيوعًا هو أن هناك مطلبًا قانونيًا لإنهاء الاحتلال (بشكل جوهري استنادا على الحق في تقرير المصير)، ولكن سؤال متى يجب أن تأتي النهاية يختلف عن اختبار شرعية استخدام القوة. على وجه التحديد، اقترح البعض أن الاختبار هو أن الاحتلال يمكن أن يستمر حتى يتم التوصل إلى اتفاق سلام. الخطر المتمثل في هذا الاختبار أنه يمكّن المحتل من إطالة أمد احتلاله من خلال عدم التحلي بحسن نية للوصول لمثل هذا الاتفاق. والنسخة الأكثر إحكامًا لهذا النهج هي القول بأنه يُسمح للاحتلال بالاستمرار حتى الوصول إلى اتفاق سلام شريطة أن يبذل المحتل كل الجهود الممكنة لتحقيق هذا الاتفاق.
– إن الوفاء بشرط استخدام القوة هو مطلب مستمر في أي استخدام مستمر للقوة، بما في ذلك الاحتلال العسكري. ومع ذلك، يتغاضى البعض بما في ذلك صانعو السياسات عن أن استخدام القوة الذي يتطلب تبريرًا ليس مجرد فترة الحرب/الغزو الأولية التي تسبق الاحتلال وتمكّنه، بل هي أيضًا عملية الاحتلال نفسه – لأن استمرار الاحتلال هو بحد ذاته استخدام للقوة. ونتيجة لذلك، يظل الاختبار على أساس مستمر، ويحتاج إلى إثبات وجود تهديد فعلي أو داهم بهجوم مسلح، وأن نوع الاستخدام القسري للقوة يجب أن يكون ضروريًا ومتناسبًا. إذا لم يتم الوفاء بالاختبار (وهذا هو الحال هنا) ، فإن الاحتلال غير قانوني، حتى في غياب اتفاق سلام. وسواء تم التوصل إلى اتفاق سلام أم لا، وما إذا كانت دولة الاحتلال تبذل جهودًا للتوصل إلى مثل هذا الاتفاق، فهي بحد ذاتها لا تحدد ما إذا كان الاحتلال مبررًا قانونيًا أم لا.
السؤال الخامس
-بالإشارة إلى رفض المحكمة لقضايا، هل هناك أي ضغط سياسي في تلك القضية -كعدم أولوية حالة فلسطين في المحكمة الجنائية الدولية؟
ردود المتحدثين:
جوليا بينازوتي:
-رفضت المحكمة الدائمة للعدل الدولية قضية في عام 1923 ومن الصعب التكهن عما اذا كان الضغط السياسي كان عاملًا ام لا، ومع ذلك، اعتقد أن هناك أسسا قانونية أشارت لها المحكمة في رأيها لرفضها ممارسة اختصاصها لإعطاء الرأي المطلوب. فوق ذلك، في هذه الحالة، لم تكن روسيا عضوا في عصبة الأمم، لذلك كان هناك حجة قوية جدا لرفض إعطاء الرأي المطلوب
السؤال السادس:
-ما هو دور السلطة الفلسطينية في متابعة هذا الرأي الاستشاري والأخر الخاص بالجدار، وكيف تم تقييد عملك كمنظمة مجتمع مدني (منظمة الحق)؟ هل يمكنك ان تخبرنا بشكل مبسط عن دور منظمات المجتمع المدني في انفاذ الآراء الاستشارية؟
ردود المتحدثين:
سوزان باور:
-فيما يتعلق بدور السلطة الفلسطينية، كان للسلطة الفلسطينية دور إيجابي كمراقب غير عضو في الجمعية العامة، هذا الدور يتوقع ان يستمر خلال إجراءات الرأي الاستشاري. كما قدمت دول أخرى القرار إلى اللجنة الخاصة المعنية بإنهاء الاستعمار. وهناك الآن رد فعل إسرائيلي كبير ضد السلطة الفلسطينية بسبب دفعها باتجاه الرأي الاستشاري، كتعليق إيرادات السلطة الفلسطينية كإجراء عقابي جماعي (إلى جانب الانتقام من منظمات حقوق الإنسان التي تقوم بالمناصرة بشأن هذه المسألة).
-منظمة الحق كما منظمات حقوق الانسان كانت نشطة جدًا في الفترة الي سبقت صدور قرار الجمعية العامة، في المناصرة كالضغط من خلال الدول الثالثة لدعم الرأي الاستشاري.
-فيما يتعلق بتصنيف منظمة الحق كمنظمة إرهابية بشكل مزعوم تحت قانون الإرهاب الإسرائيلي، فإن أسباب هذا التصرف لا أساس لها من الصحة وتم استنكارها باعتبارها غير ذات مصداقية ولا تستند إلى أي دليل من قبل دول الاتحاد الأوروبي والعديد من الدول. كما كان هناك دعم ساحق من منظمات المجتمع المدني الأخرى. هناك بالطبع تأثير مخيف، قبل بضعة أشهر فقط تم تهديد مديرنا العام والمدير العام للمنظمة الدولية للدفاع عن الأطفال بالاعتقال التعسفي والاحتجاز بسبب استمرارهم في العمل في مجال حقوق الإنسان.
-كلما تقدمنا بعملنا في لجنة التحقيق والاراء الاستشارية و المحكمة الجنائية الدولية، أصبحنا أكثر عرضة للهجمات والمداهمات التي تشنها إسرائيل، ولكننا سنظل متلزمين قطعا بتفويضنا بهدف التنفيذ الكامل لحق تحديد المصير للشعب الفلسطيني وكذا حقهم في العودة وتفكيك نظام الفصل العنصري والاحتلال غير الشرعي.
_انتهى_