ل: جون دوكر* الثقافة الضرر العقلي فلسطين الابادة
ترجمة: هديل مبارك الثقافة الضرر العقلي فلسطين الابادة
مراجعة وتدقيق: هدى ابو دقة
في “تعريف الإبادة الجماعية” في مقالتي مع “آن كورثويز” بعنوان تأريخ الإبادة الجماعية، قمنا بفحص تعريف الإبادة الجماعية، والذي صاغه رافائيل ليمكين في العام 1944 في كتابه: حكم المحور في أوروبا المحتلة ووصفها بأنها عملية ذات شقين من التدمير والاستبدال – وهي عملية متداخلة ما بين الإبادة الجماعية والاستعمار وغالبا ما تشمل ابعاد ثقافية وسياسية وقانونية وفكرية وروحية واقتصادية وبيولوجية ونفسية ودينية وأخلاقية، كما تطرقنا أيضاً لاتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948، وخاصة ندم ليمكين الدائم لاستبعاد الإبادة الجماعية الثقافية من المسودة النهائية للاتفاقية (في مقال عن سيرته الذاتية بعنوان “رجل غير رسمي تمامًا”، استمر ليمكين في الكتابة عن الإبادة الجماعية الثقافية لاعتبارها “عزيزة جدًا علي”.) ومع ذلك، لم نكن أنا و”آن” متأكدين من أن المسودة النهائية لاتفاقية الإبادة الجماعية تستبعد الإبادة الجماعية الثقافية بالكامل، حيث أن التأمل في المادة 2 من الاتفاقية والتي تنص على ” إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة”، جعلنا نتساءل عن مفهوم “الضرر العقلي” ونطاق التفسير الذي يوفره، متسائلين عما إذا كان من الممكن تفسير الضرر العقلي على أنه ضرر نفسي وثقافي، أي ضرر على إحساس الفرد بالهوية الثقافية بالإضافة إلى ضرر أكبر للإنسانية نفسها.
من خلال هذا المقال، سأقوم بدراسة “الضرر العقلي” كمصطلح يعكس المعاناة الجماعية والفردية من منظور تدمير إسرائيل للإنجازات المادية والثقافية والفكرية الفلسطينية خلال 2023-2024، ولتحقيق هذه الغاية، سأستفيد بشكل مكثف من أعمال نور مصالحة في كتابيه “فلسطين: اربعة الاف عام في التربية والتعليم” (2022)، و” فلسطين: اربعة الاف عام في التاريخ (2018)” بحيث أعتقد أن هذين العملين قد تحديا تاريخ العالم وحوّلاه بشكل كبير. (للاطلاع على مناقشة موسعة لتأملاتي حول فلسطين عبر آلاف السنين، ارجع الى مقالتي في مجلة الأرض المقدسة والدراسات الفلسطينية، 2023.)
في مقدمة كتابه فلسطين: اربعة الاف عام في التربية والتعليم، يوضح مصالحة بأن وراء هذا العمل -وهو استكشاف مستدام لتاريخ واسع النطاق- دافعًا عاطفيًا للرد على ادعاء الصهيونية غير التاريخي بأن فلسطين هي اختراع حديث، وأن الفلسطينيين ليس لديهم تاريخ في محو الأمية والتعليم والثقافة الأدبية. على العكس، يوضح مصالحة أن مصطلح فلسطيني هو مصطلح شامل تاريخياً، ويشير الى الفلسطينيين القدماء المشركين وكذلك المسلمين منهم والمسيحيين واليهود والسامريين والعرب وغيرهم من السكان الأصليين، كما ينطبق المصطلح على المؤسسات التعليمية الناطقة باليونانية والسريانية في فلسطين القديمة وعلى الفلسطينيين ككل تحت حكم الرومان والبيزنطيين. يبحث مصالحة في كتابه التاريخ متعدد الأوجه للتعليم والإنتاج الثقافي في فلسطين البيزنطية (من القرن الثالث إلى أوائل القرن السابع)، استنادًا إلى فلسفة تعليمية لـ “المجتمع المدني”، والمواطنة الموجهة نحو إنشاء “دولة مدينة مثالية”، ورابطة من “مواطنون عقلانيون” متعلمون ويتمتعون بالحكم الذاتي.
وفي معرض تناوله لمسألة الامتداد الزمني، يشير مصالحة إلى أن اسم فلسطين موجود في مصادر عديدة ومتنوعة لتاريخ العالم القديم وعلى مدار ال٣٣٠٠ سنوات الماضية، وكان يستخدم من قبل المصريين القدماء والآشوريين، والكتاب اليونانيين الكلاسيكيين، والرومان، والبيزنطيين المسيحيين، والعرب في العصور الوسطى. ويظهر اسم فلسطين في عدد لا يحصى من النقوش، وخرائط العالم، والتواريخ الكنسية، والسجلات، والرسائل، والعملات المعدنية، والموسوعات من العصور القديمة الكلاسيكية والمتأخرة إلى العصور الوسطى والحديثة. واكتسب ايضا مصطلح فلسطين وضعًا إداريًا رسميًا لمدة ألف عام ونصف من العصور القديمة الكلاسيكية وكذلك في ظل الإسلام في العصور الوسطى.
في الفصل الثاني من الكتاب، تحت عنوان “مدن التعلم: الثورات الفكرية في فلسطين البيزنطية”، يتعرف القارئ على المدينتين اللتين كانتا الأكثر تحضرًا ومعرفة بالقراءة والكتابة في فلسطين خلال أواخر العصور القديمة. الأولى هي قيسارية، التي كانت عاصمة فلسطين البيزنطية، والتي استبدلت دور أثينا والإسكندرية بفضل مكتبتها العظيمة. أما الثانية، فهي غزة، إحدى أكثر المدن ديناميكية اقتصاديًا وثقافيًا وفكريًا في المنطقة، والتي حلت مكان كل من أثينا والإسكندرية بفضل مدرستها البلاغية الشهيرة، التي أحيت إرث الكلاسيكيات والثقافة اليونانية الأتيكية بقوة، وهي لغة المثقفين الأثينيين القدماء مثل هيرودوت وثوسيديدس وأرسطو، مما جعلها تعرف باسم “أثينا آسيا” جدران المدينة الكبيرة والتخطيط الحضري المنظم بعناية أعطتها هذا اللقب. ويرى الباحثون أن مدرسة غزة قد تم تصميمها بمثابة إرث للأكاديميتين الكلاسيكيتين المشهورتين في أثينا – أكاديمية أفلاطون ,مدرسة ليسيوم/ليقيون لأرسطو. ونتيجة لما سبق، تحولت كل من قيسارية وغزة في نهاية المطاف إلى مركزين رئيسيين للتعليم في منطقة البحر الأبيض المتوسط بأكملها.
يؤكد مصالحة أن المساهمة اليهودية في التقاليد العلمانية الهلنستية للتعليم في فلسطين القديمة لا يمكن التقليل من قيمتها، ويستحضر حياة وفكر مثقفين يهود معروفين مثل المؤرخ يوسيفوس (37 ق.م – 100 م)، الذي وُلد في القدس لعائلة كهنوتية، وفيلون الإسكندري (25 ق.م – 50 م)، الذي لعب دوراً بارزاً بفضل منهجه العقلاني والتوفيقي في تطوير عقيدة اللوغوس المسيحية على يد يوستينوس/جاستن النيابوليس وأوريجانوس في قيسارية الفلسطينية في القرنين الثاني والثالث الميلاديين.
كانت فلسطين موطناً لعدد كبير من المثقفين البارزين في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، بحيث كتب مصالحة في الفصل التاسع من الكتاب بعنوان “الإنسانية وتعليم النهضة العربية: خليل السكاكيني وإصلاح التعليم الفلسطيني”، عن خليل السكاكيني (1878-1953) الذي ولد في البلدة القديمة في القدس، والذي –وفقا للكاتب- كان مثالاً للباحث والكاتب والناشط التربوي، وقد طور اهتمامًا شديدًا بالطريقة السقراطية التي تقدر التشكيك في الذات ومعرفتها، بروح القول المأثور الذكي لسقراط الذي كان “يعلم ما يكفي ليعرف أنه لا يعرف سوى القليل جدًا.”، حيث قام بحظر العقاب الجسدي بينما أدخل الاستمتاع بالموسيقى والرياضة والفن والرقص والشعر والأدب في المدرسة الدستورية التي أسسها في القدس عام 1909، في عصر كانت فيه فلسطين والعالم العربي منضبطاقث بشكل سيئ. مقارناً نهج السكاكيني بنظيره المعاصر الكسندر نيل، ومدرسته نيل سمرهيل التي تأسست في المملكة المتحدة عام 1924، كانت مدرسة السكاكيني تقبل التلاميذ من كافة المذاهب دون تمييز، بحيث لم تكن هناك امتحانات، ولا درجات أو جوائز؛ بل كان على كل من المعلمين والتلاميذ تقييم أنفسهم ذاتياً. علاوة على ذلك، كان بإمكان التلاميذ مغادرة الصف إذا شعروا بعدم اهتمامهم بالدرس، وكانت التمارين البدنية والمشي في الطبيعة وزيارة المعالم التاريخية جزءًا أساسيًا من المنهج الدراسي. كما أكد السكاكيني على أهمية تعليم المرأة، وأكد السكاكيني بشكل عام على الأبعاد العاطفية للتعلم، و”فلسفة المتعة” و”القراءة من أجل المتعة”.
يربط مصالحة فلسفة السكاكيني للسعادة بالمتعة التي كان يستمتع بها في الموسيقى وتدخين الأرجيلة والتواصل الاجتماعي، حيث أمضى وقتًا طويلاً في مقاهي القدس، التي كانت مركزًا ثقافيًا في اواخر الحكم العثماني وفترة الانتداب، ومساحة رئيسية للحياة العامة وتبادل الأخبار والمحادثات. وكان مقهى المختار، الذي تأسس في عام 1918 داخل البلدة القديمة في القدس، معروفاً عند السكاكيني وأصدقائه باسم “مقهى الصعاليك”، وهو مصطلح يعني “مقهى المتشردين” أو “مقهى قطاع الطرق، وضمت دائرة السكاكيني مثقفين مسلمين ومسيحيين ويهود قبل وأثناء وبعد الحرب العالمية الأولى. ويشير المصطلح الى قطاع الطرق والشعراء المتمردين الذين ناضلوا من أجل العدالة الاجتماعية في عصر ما قبل الإسلام، وهو مصطلح متجذر بعمق في الأساطير والفولكلور والأدب العربي، ويقترح مصالحة بأن المصطلح يجد اصداءً واسعة في أعمال إيريك هوبزباوم، خاصة المتمردون البدائيون وقطاع الطرق.
في كتاب مصالحة “فلسطين: اربعة الاف عام في التربية والتعليم”، اتخذ تعليم المرأة مركزاً اساسياً، خاصة في الفصل الثاني من القسم المتعلق ب “مكتبة قيسارية الفلسطينية ومدرسة أوريجانوس”، حيث يشير مصالحة إلى أن أوريجانوس في الإسكندرية تعتبر جزء من تقاليد التعليم المريحة والتعددية الثقافية، والتي تجتذب الطلاب والطالبات من عائلات الطبقة المتوسطة والثرية، واختلطت الطالبات المصريات مع الطلاب من فلسطين ودول شرق البحر الأبيض المتوسط الأخرى. وغادر أوريجانوس مصر في أوائل ثلاثينات القرن الثاني للميلاد، بسبب الاضطرابات السياسية في الإسكندرية، ليعيش بشكل دائم في قيسارية ماريتيما، حيث كان لمواقفه الاسكندرية من المعرفة تأثير كبير على أنشطته التعليمية.
أما فيما يتعلق بالحداثة وتعليم المرأة، يشير مصالحة إلى أن القدس، أكثر من أي مركز حضري آخر في فلسطين، جسدت ظهور التعليم العالمي الحديث. لقد كان للتعليم العالي أهمية كبيرة في هذه العملية التاريخية. بدأت جامعات الضفة الغربية الثلاث: النجاح وبيت لحم وبيرزيت كمدارس، ثم تطورت إلى كليات ومن ثم إلى جامعات. جامعة بيرزيت، التي نشأت من مدرسة ابتدائية ثم ثانوية للفتيات، تأسست عام 1924 على يد الأخوات الثلاث إليزابيث وفكتوريا ونبيهة ناصر، الناشطات الاجتماعيات الرائدات في حركة البلاد من أجل مساواة المرأة في الحقوق والتعليم. وفي حين ركز تعليم الفتيات خلال أواخر العهد العثماني وأوائل فترات الانتداب على الطبقات الحضرية والطبقات المتوسطة العليا، فقد تم الاهتمام لاحقًا أيضًا بتعليم الفتيات الفقيرات والنساء المهمشات.
في الفصل الثامن، كتب مصالحة عن تزايد تجذر فكرة أن النساء يمكن أن يصبحن معلمات وممرضات ومصورات وفنانات محترفات ناجحات للغاية في أواخر العصر العثماني في فلسطين. واستشهد بواحدة من الفنانات، المصورة الفلسطينية كريمة عبود (1893-1940)، التي افتتحت عام 1913 استوديو للتصوير الفوتوغرافي للنساء في بيت لحم، والتحقت في الجامعة العربية الأمريكية في بيروت لتدرس الأدب العربي بعد الحرب العالمية الأولى، وأصبحت أول مصورة / فنانة فلسطينية محترفة ورائدة في مجال التصوير الفوتوغرافي، لتغادر الاستوديو الخاص بها في أوائل 1920، وتتجول بسيارتها لتوثيق حياة الناس العاديين، بدءاً من الناصرة ومن ثم في جميع أنحاء فلسطين، وأنتجت مئات الصور الفوتوغرافية، لتكون بذلك أكبر مجموعة من الصور الفوتوغرافية الاجتماعية الأصلية لفلسطين في العصر الحديث.
نأتي الآن إلى أهمية الترجمة في تاريخ فلسطين. يحكي لنا مصالحة عن خليل إبراهيم بيدس (1874-1949) الذي انتقل، بعد تخرجه من معهد تدريب المعلمين في الناصرة، إلى القدس حيث عمل كمترجم في جمعية فلسطين الإمبراطورية الأرثوذكسية، كما سافر إلى روسيا عام 1892. تأثرت مواهب بيدس اللغوية الاستثنائية وترجماته من الروسية إلى العربية بأعمال كبار الروائيين والشعراء، بمن فيهم بوشكين وغوغول ودوستويفسكي وتولستوي وغوركي. ويُعتبر بيدس رائدًا في القصة القصيرة الفلسطينية. في عام 1909، نشر كتاب “أهوال الاستبداد”، وهو أحد أقدم الروايات النقدية للحكم الاستبدادي التي ظهرت باللغة العربية. لاحظ إدوارد سعيد، أكبر ناقد أدبي في الحداثة، وهو من أقارب عائلة بيدس، أن مقالات بيدس وقصصه القصيرة ورواياته التاريخية وأعماله المترجمة في فترتي ما قبل الحرب وما بعدها ساهمت في ظهور وعي أدبي وثقافي جديد في فلسطين في أوائل القرن العشرين.
لذلك، فإن الإنجازات الفلسطينية في التصميم والهندسة المعمارية هي جزء من تاريخها المذهل، في هذا السياق، يخبرنا مصالحة في الفصل الرابع من كتابه أنه عندما غزا الصليبيون اللاتينيون فلسطين عام 1099، وأنشأوا مملكة القدس اللاتينية (1099-1187)، وجدوا مستوى من التطور الثقافي والتقني لم يجدوه في أوروبا المعاصرة. الثقافة الضرر العقلي فلسطين الابادة
ويرى مصالحة أن الصليبيين في فلسطين أصبحوا على دراية وثيقة بالأرابيسك ( الزخارف العربية) وغيرها من أشكال الزخرفة الفنية وزخرفة المخطوطات التي تطورت في العالم الإسلامي منذ القرن التاسع فصاعدًا، وهي أنماط مرتبطة بالعربية والهندسة. وقد تعرفت النخب الصليبية في القدس على روعة وتعقيد التصميم الداخلي والخارجي لقبة الصخرة في القدس، والتي تم تحويلها إلى كنيسة على يد فرسان الهيكل الذين وصلوا إلى المدينة عام 1119، وبهرو بتعقيد بلاط قبة الصخرة والفسيفساء، الممزوجة بالضوء المنعكس من خلال النوافذ الزجاجية الملونة وحلقات الخط العربي وأنماط الأرابيسك. ويرى مصالحة أنه ليس من المستغرب أن تصبح قبة الصخرة النموذج المعماري للكنائس المستديرة في جميع أنحاء أوروبا، بما في ذلك كنيسة الهيكل في لندن. أصبحت أنماط الأرابيسك الزخرفية فنًا زخرفيًا أوروبيًا سائدًا، خاصة منذ عصر النهضة فصاعدًا.
تواجه الحياة الثقافية في فلسطين تحديا محدقا الاَن –الإبادة الجماعية. كتب رافائيل ليمكين في الفصل التاسع من كتابه حكم المحور في أوروبا المحتلة أن “الإبادة الجماعية مركبة ومتعددة؛ وتدل على وضع خطة منظمة تتألف من إجراءات مختلفة تهدف إلى تدميرالأساسيات الضرورية لحياة مجموعات قومية”، وبالمثل، تنص المادة الثانية من اتفاقية الإبادة الجماعية على ما يلي: “في هذه الاتفاقية، تعني الإبادة الجماعية أياً من الأفعال التالية، المرتكبة على قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية، بصفتها هذه”. فيما يتعلق بليمكين والاتفاقية، فإن كل ما فعلته دولة إسرائيل الصهيونية في 2023/24 كان مبنيا على اللون بالقصد. كما أنها جزء من خطة منسقة من أعمال مختلفة تهدف إلى تدمير أسس الحياة والتاريخ الفلسطيني. إذا كان هناك أي شيء، فإن التدمير هو عكس العشوائية، فكل جريمة يتم تصميمها وتنفيذها بعناية.
ومن خلال قتل ما يقارب 30 ألف شخص (وهو رقم متزايد باستمرار)، والعديد منهم من النساء والأطفال، تسعى دولة إسرائيل الصهيونية إلى تدمير أجيال المستقبل في فلسطين، وتدمير قدرتها على إعادة إنتاج نفسها كأمة تاريخية، ساعية بجهد إلى التسبب في “الأذى النفسي” الفردي والجماعي من خلال تدمير الموروث الحضاري والمادي والثقافي والفكري الفلسطيني. تنوي اسرائيل ارتكاب جريمة قتل الذكريات، وهي حملة تدمير الذاكرة الثقافية من خلال قصف المؤسسات التعليمية مثل المدارس والجامعات، وهدم المباني التاريخية الجميلة، وقتل الصحفيين والمصورين، واعتقال الفرق المسرحية وتنكيلها وإحراق مسارحها. منذ 7 أكتوبر 2023، قتلت إسرائيل عددًا كبيرًا من الشعراء والكتاب الفلسطينيين في غزة، من بينهم الشاعر والأكاديمي الشهير رفعت العرعير وأفراد عائلته من خلال غارة جوية اسرائيلية على مدينة غزة، والكاتبة والشاعرة هبة كمال أبو ندى في التفجيرات الاسرائيلية.
تظهر نظرية رافائيل ليمكين حول الإبادة الجماعية ووعيه التاريخي بالجرائم ضد الإنسانية معتقداته بأن الإنسانية يجب أن تنشئ وتعزز الشعور بالرعاية تجاه جميع شعوب وثقافات العالم. يكتب ليمكين أن خسارة المجموعة المدمرة هي خسارة للثقافة العالمية وللكينونة البشرية. إن تدمير جزء واحد من الثقافة يقلل من الإنسانية بشكل جماعي ويقلل من الوحدة المشتركة للعالم، وهكذا، فإن مفهوم “الضرر العقلي” في سياق الإبادة الجماعية مستمد من فهم ليمكين للأخيرة على أنها تدمير للثقافة العالمية ووحدة الإنسانية.
إن الإبادة الجماعية في غزة، وهي المنطقة التي تتمتع بتاريخ من الإبداع الفني والفكري الذي يمتد لعدة قرون، تلحق الضرر بالبشرية جمعاء. والاستعمار الاستيطاني الصهيوني المتصاعد بقوة يشوه أيضا مكانة إسرائيل في التاريخ.
الثقافة الضرر العقلي فلسطين الابادة الثقافة الضرر العقلي فلسطين الابادة
John Docker is a genocide scholar who has been contributing to the study of genocide in world history since he co-edited with Ann Curthoys a special issue of Aboriginal History in 2001, entitled ‘Genocide? Australian Aboriginal History in International Perspective’. His other publications in genocide studies include:
(with Damien Short and Haifa Rashed), ‘Nakba Memoricide: Genocide Studies and the Zionist/Israeli genocide of Palestine’, Holy Land Studies, 13:1, May 2014.
‘Raphaël Lemkin, creator of the concept of genocide: a world history perspective’, Humanities Research, Vol. XVI, no. 2, 2010, special issue on Key Thinkers and Their Contemporary Legacy, guest editor Ned Curthoys.
The Origins of Violence: Religion, History and Genocide, Pluto Press, in association with UNSW Press, London and Sydney, August 2008, 256 pp.
‘Are Settler-Colonies Inherently Genocidal? Re-reading Lemkin’, in A. Dirk Moses, ed., Empire, Colony, Genocide, Berghahn Books, New York, 2008.
(with Ann Curthoys) ‘Defining Genocide’, in Dan Stone (ed.), The Historiography of Genocide, Palgrave Macmillan, London, 2008.
‘Raphaël Lemkin’s History of Genocide and Colonialism’, talk given 26 February 2004, United States Holocaust Memorial Museum, Center for Advanced Holocaust Studies, Washington DC, on their website from March 2004.