منظمة القانون من أجل فلسطين تنظم ندوة في مجلس حقوق الإنسان حول مسؤولية الدول الثالثة اتجاه منع الإبادة الجماعية في غزة
نظمت منظمة القانون من أجل فلسطين، بالتعاون مع الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان – فلسطين، ومنظمة هيومن رايتس ووتش، والشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، حدثا جانبيا على هامش الدورة الخامسة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان تحت عنوان “مسؤولية الدول الثالثة عن تنفيذ تدابير محكمة العدل الدولية ل منع الابادة الجماعية في غزة “. عقدت الندوة في مجلس حقوق الإنسان يوم 26 مارس/آذار 2024.
حضر الحدث، الذي تم بثه بالتزامن بشكل مباشر، العديد من الباحثين وممثلي المنظمات والهيئات الدولية والحقوقية، إضافة الى 26 وفدا للأمم المتحدة، بما في ذلك ممثلين عن وفود كل من الجزائر والنمسا وبلجيكا وكوستاريكا وكرواتيا والاتحاد الأوروبي وفنلندا وغامبيا واليونان وأيسلندا والعراق وأيرلندا والأردن وليبيا وليختنشتاين ولوكسمبورغ وماليزيا والجبل الأسود/ مونتينيغرو والمغرب وفلسطين وبولندا وقطر وإسبانيا وسويسرا وتركيا والمملكة المتحدة، إلى جانب ما يزيد عن 1100 مشاهد حول العالم.
واستضاف الحدث، الذي هدف إلى توضيح الالتزامات القانونية الواقعة على الدول الثالثة باعتبارها موقعة على اتفاقية الإبادة الجماعية في منع الإبادة الجماعية وتنفيذ أمر محكمة العدل الدولية بشأن هذه المسألة، اربعة خبراء مرموقين: فرانشيسكا ألبانيز (مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967)، عمر شاكر (مدير إسرائيل وفلسطين في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا – هيومن رايتس ووتش)، جوليا بينازوتي (الخبيرة في القانون الجنائي الدولي والمحاكم الدولية – جامعة لايدن)، ورولا شديد (المدافعة عن حقوق الإنسان في فلسطين – مبادرة العدالة والمساءلة من أجل فلسطين، والمديرة المشاركة للمعهد الفلسطيني للدبلوماسية العامة PIPD). وافتتح الجلسة كل من علا عدوي (ممثلة عن عصام العاروري، المفوض العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان) وسلطان الجمالي (الأمين العام للشبكة العربية)، كما ادارت الحوار عضوة مجلس الإدارة والباحثة في منظمة القانون من أجل فلسطين، أنيشا باتيل.
خلال الكلمة الافتتاحية، شددت عدوي على الحاجة الملحة للتدخل الدولي في ضوء الهجمات المستمرة على المدنيين والمستشفيات في غزة، كما حثت الدول على اتخاذ تدابير استباقية والمشاركة في الجهود الدبلوماسية لضمان مساءلة الجناة، مؤكدة على قاعدة “الالتزامات تجاه الكافة” المنصوص عليها في اتفاقية الإبادة الجماعية كأساس لواجب الدول في التحرك.
من جانبه أكد الجمالي على أهمية تكاتف الجهود لدعم حقوق الإنسان في فلسطين المحتلة، مؤكداً على ضرورة تطبيق معايير العدالة الدولية، وحث الدول الثالثة على اتخاذ تدابير لمحاسبة مرتكبي الجرائم في غزة، وبالتالي منع المزيد من إراقة الدماء، ورفض التطبيع مع مثل هذه الظروف.
جوليا بينازوتي: سبل تدخل الدول الثالثة بموجب النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية لمنع الإبادة الجماعية في غزة.
من خلال مداخلتها، سلطت جوليا بينازوتي الضوء على أهمية تدخل الدولة الثالثة في إجراءات محكمة العدل الدولية، وأشارت إلى أنه على الرغم من أن التدخلات قد لا تؤدي إلى فرض الامتثال بشكل مباشر، إلا أنها تبعث برسالة قوية ضد الإفلات من العقاب.
وفي هذا السياق، شددت بينازوتي على الحاجة إلى موقف متسق وموحد من الدول لرفض الإبادة الجماعية في غزة، وذلك من خلال التدخل في القضية المعروضة الآن في محكمة العدل الدولية، وهو الأمر الذي يمكن ان يتم من خلال المادتين 62 و63 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، حيث تسمح المادة 63 للدول بالتأثير على تفسير الاتفاقيات ذات الصلة، بينما توفر المادة 62 نطاقاَ أوسع، وإن كان مع عقبات أكبر أمام القبول، مختتمة مداخلتها بالتشديد على الأهمية المعيارية للتدخل في القضية من أجل دعم العدالة الدولية.
عمر شاكر: تواصل الحكومة الإسرائيلية عدم الالتزام بالإجراءات الدولية الملزمة
بدوره، سلط عمر شاكر الضوء على النتائج التي توصلت اليها هيومن رايتس ووتش بشأن عدم التزام الحكومة الإسرائيلية بالتدابير المؤقتة الملزمة التي وضعتها محكمة العدل الدولية، ويُبرز هذا الفشل اتجاهاً مثيراً للقلق يتمثل في استخدام التجويع كواحدة من أدوات الحرب، مما يشكل جريمة حرب وفقاً لتقرير هيومن رايتس ووتش. وتطرق شاكر الى العرقلة المتعمدة لدخول المساعدات الإنسانية من قبل القوات الإسرائيلية، مستشهدا بالسياسة التي يطبقها المسؤولون الإسرائيليون، من تقديم الأعذار المختلفة، بما في ذلك إلقاء اللوم على الأونروا وحماس، ومؤكداً على مسؤولية قوة الإحتلال نحو تلبية الاحتياجات الإنسانية للسكان بموجب القانون الدولي الإنساني.
ودعا شاكر الدول إلى استخدام كل النفوذ المتاح، بما في ذلك حظر الأسلحة وفرض عقوبات مستهدفة، لإجبار إسرائيل على الامتثال لهذه التدابير الملزمة، والتي تشمل ضمان دخول المساعدات الإنسانية، ومنع الإبادة الجماعية، والحفاظ على الأدلة. وتأتي تصريحات شاكر في أعقاب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار، ويسلط الضوء على الحاجة الملحة إلى اتخاذ إجراءات لمنع وقوع المزيد من الفظائع الجماعية في غزة.
رولا شديد: أدوات المساءلة المتاحة مسيسة بشكل كبير
أكدت رولا شديد في مداخلتها على تسييس أدوات المساءلة على المستويين المحلي والدولي، وخاصة فيما يتعلق بالوضع الإستعماري القائم في فلسطين، كما سلطت شديد الضوء على الإخفاقات المستمرة في مسائلة مرتكبي الفظائع ضد الفلسطينيين، مشيرةً إلى عدم وجود ولاية قضائية في المحاكم المحلية والاستخدام المحدود للولاية القضائية العالمية.
وتحدثت شديد عن الجهود الحثيثة التي يبذلها المعهد الفلسطيني للدبلوماسية العامة، بالتعاون مع مركز الدعم القانوني الأوروبي والقانون من أجل فلسطين، في توظيف القوانين المحلية والمحاكم الوطنية لتقديم التماسات ضد الجناة على مختلف الجبهات، ويشمل ذلك المسؤولين المتواطئين في دعم تصرفات إسرائيل، والشركات التي تقيم علاقات مع اسرئيل، وتواطؤ وكالات الأنباء، والمواطنين مزدوجي الجنسية المشاركين في قوات الاحتلال الإسرائيلي. كما أكدت شديد على مسؤولية الدول في الامتناع عن مساعدة أو دعم الإبادة الجماعية المستمرة، وحثت على اتخاذ إجراءات لمعالجة التواطؤ ومحاسبة الجناة، انطلاقاً من الأمر الأخير الذي اصدرته محكمة العدل الدولية.
فرانشيسكا ألبانيز: ما يحدث في غزة هي مأساة تم التنبؤ بها
قدمت مقررة الأمم المتحدة الخاصة فرانشيسكا ألبانيز نظرة حول الظروف الأليمة في غزة، وسلطت الضوء على سرد المأساة والظلم المنهجي، بحيث تحدثت عن الحقائق الصارخة للاستعمار الاستيطاني والفصل العنصري والإبادة الجماعية، وسلسلة جرائم الحرب التي تم ارتكابها ضد الشعب الفلسطيني على مدى أكثر من خمسة عقود. وأكدت ألبانيز على التأثير المعمق للإطار الاستعماري الاستيطاني، الذي أدى بشكل منهجي إلى تآكل حقوق الفلسطينيين وتقرير مصيرهم في جميع جوانب الحياة. ومع قرار محكمة العدل الدولية الأخير الذي يعترف بمعقولية الاتهامات بارتكاب جريمة إبادة جماعية في غزة، حثت ألبانيز المجتمع الدولي على عدم غض الطرف عن النية الواضحة وراء الفظائع التي تحدث في غزة.
مُخاطبةً الدول الحاضرة، أكدت ألبانيز على ضرورة منع الإبادة الجماعية على النحو المبين في اتفاقية الإبادة الجماعية، مشيرة إلى الفشل الجماعي في الوفاء بهذا الالتزام، كما سلطت الضوء على الإشعار الأخير الذي أصدرته محكمة العدل الدولية إلى جميع الدول بشأن تصرفات إسرائيل باعتباره تذكيرًا صارخًا بتواطؤها. واختتمت ألبانيز مداخلتها بالدعوة إلى تحقيق العدالة لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين، معترفةَ بالثمن المؤلم الذي ينتظر جميع الأطراف المعنية.
وأعرب الحضور عن استيائهم وإحباطهم إزاء فشل المجتمع الدولي في التصرف بفعالية. وفي حديثه أعرب ممثل من لوكسمبورغ عن جهوده الدبلوماسية، وعن قلقه العميق إزاء الإخفاقات المنهجية للدول في معالجة انتهاكات حقوق الإنسان، وسلط الضوء على الدور الحاسم لآليات الإنذار المبكر والمجتمع المدني، كما أعرب عن أسفه لعدم استجابة الدول على الرغم من التحذيرات الواضحة، مقدماَ اعتذاراته عن الجمود داخل الدوائر الدبلوماسية، ومعترفًا بالحاجة إلى قدر أكبر من المساءلة والعمل الفعلي.
جاء هذا الحدث في ضوء الإجراء المؤقت الذي أصدرته محكمة العدل الدولية في 26 يناير 2024، ردًا على قضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل، بدعوى انتهاك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948. وهذه الإجراءات-التي تُعتبر ملزمة قانونا- توجه إسرائيل إلى اتخاذ إجراءات فورية لمنع الإبادة الجماعية، وخاصة في غزة. على الرغم من ذلك، لا تزال الانتهاكات الجسيمة ضد الفلسطينيين مستمرة، مما أثار دعوات لاتخاذ إجراءات دولية فورية.
لمتابعة البث كاملاَ، من هنا
الدول منع الابادة مسؤولية الدول منع الابادة مسؤولية