الاحتلال الإسرائيلي غير قانوني، ماذا الآن؟ – عن الآثار والتبعات بالنسبة لدول العالم الاحتلال الإسرائيلي غير قانوني فلسطين
لغة المقال الأصلي: الإنجليزية. الاحتلال الإسرائيلي غير قانوني فلسطين
عنوان المقال بالإنجليزية: The Occupation is Illegal. Now What?
بقلم: جنان بستكي (Jinan Bastaki)، أستاذة مشاركة في الدراسات القانونية في جامعة نيويورك، أبو ظبي
المصدر الأصلي للمقال بالإنجليزية: هنا
ترجمته للعربية: رنا عوادعواد الاحتلال الإسرائيلي غير قانوني فلسطين
مراجعة: مي شاهين
ل: القانون من أجل فلسطين © الاحتلال الإسرائيلي غير قانوني فلسطين
بتاريخ 19 تموز/يوليو 2024، أي بعد عشرين عامًا تقريبًا من إصدار محكمة العدل الدولية لفتوى عام 2004 بشأن التبعات القانونية المترتبّة على تشييد جدار في الأرض الفلسطينية المحتلة (“قضية الجدار”)، حيث وجدت المحكمة حينها بأن “بناء الجدار، والنظام المرتبط به، يتعارضان مع القانون الدولي” (الفقرة 142)، أصدرت المحكمة نفسها فتواها بشأن الآثار القانونية الناشئة عن سياسات وممارسات إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية (“قضية الأرض الفلسطينية المحتلة”). وخلُصَت المحكمة إلى أن،
إساءة استخدام إسرائيل المستمرة لوضعها كسلطة قائمة بالاحتلال، من خلال الضم والتأكيد على السيطرة الدائمة على الأرض الفلسطينية المحتلة والإحباط المُستمر لحق الفلسطينيين في تقرير المصير يمثّل انتهاكاً للمبادئ الأساسية للقانون الدولي ويجعل وجود إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة غير شرعي.
الفقرة 261، التأكيد مضاف
من ثم خصّصت المحكمة سبع فقرات (الفقرات 273- 279) لتقديم تفاصيل حول الآثار القانونية المُترتّبة على الدول الأخرى. وتؤكد الفقرات 276-278 على أهمية التمييز بين التعامُلات مع إسرائيل فيما يتعلق بأراضيها وتلك المتعلقة بالأرض الفلسطينية المُحتلة. وكان يوسف التميمي قد نشر تدوينة ممتازة حول الآثار المُترتبة على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على إثر صدور الفتوى، والتغييرات التي يتعيّن إجراؤها لتتوافق مع التزاماتها الدولية، مثل “فرض حظر وعقوبات على الأنشطة الاقتصادية في الأرض المُحتلة،” من بين أمور أخرى.
وهدفي هنا هو تجاوُز الالتزام بالتمييز بين الأرض الفلسطينية المحتلة وإسرائيل في تعامُلات الدول، والذي كانت المحكمة صريحة بشأنه. فالهدف من هذا المقال هو النظر في التزامات الدول لإنهاء الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي.
القواعد القطعية في القانون الدولي والالتزامات تجاه الكافة
في قضية الأرض الفلسطينية المحتلة، ذكرت المحكمة أنه “في قضايا الاحتلال الأجنبي مثل القضية الحالية، يُشكّل الحق في تقرير المصير قاعدة آمرة من قواعد القانون الدولي” (الفقرة 233). وهذه هي المرة الوحيدة التي تُذكَر فيها القواعد الآمرة في الفتوى بأكملها، على الرغم من أنه، كما أشار القاضي تلادي في رأيه المنفصل، “هناك قواعد أخرى تُعتبر بلا شك قواعد آمِرة ولكن لم تتم الإشارة لها بهذه الطريقة، وهذه هي حظر استخدام القوة، وحظر الفصل العنصري، وبعض المبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني” (القاضي تلادي، الإعلان، الفقرة 15). ويبدو أن هذا يرجع إلى “تردُّد المحكمة تاريخيّاً بإعلان موقفها بشكل واضح بشأن وضع القواعد الآمرة للقواعد المقبولة على نطاق واسع على أن لها هذه الصفة” (القاضي تلادي، الإعلان، الفقرة 16).
وفيما يتعلق بالتوصيف الواضح – “لحالات الاحتلال الأجنبي مثل الحالة الحالية” – أوضح القاضي كليفلاند أنه بما أن الاحتلال الأجنبي عادةً ما ينطوي على الحرمان المؤقت من بعض جوانب تقرير المصير، فإن “المحكمة قصدَت أن توضّح بأن تلك السمات المحددة للاحتلال الإسرائيلي الذي طال أمده هي ما يجعله شبيها بحالة الإخضاع الأجنبي والهيمنة الأجنبية التي يترتّب في مواجهتها الحق في تقرير المصير كقاعدة آمرة.” (القاضي كليفلاند، رأي منفصل، الفقرة 33).
وفي حين ذكرت المحكمة القواعد الآمرة مرة واحدة فقط، فقد ذكرت الالتزامات ذات الحجيّة تجاه الكافة – أي أنها مصدر قلق لجميع الدول – والتي انتهكتها إسرائيل مرات عديدة، وهي: “الالتزام باحترام حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير والالتزام الناشئ عن حظر الاستيلاء على الأرض بالقوة، فضلاً عن بعض التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان،” (قضية الأرض الفلسطينية المحتلة، الفقرة 274).
هل هناك فرق بين توصيف الالتزامات ذات الحجية تجاه الكافة ووجود صفة القاعدة الآمرة؟ كان للقضاة آراء مختلفة. على سبيل المثال، ذكر القاضي غوميز روبليدو أن “هذا التوصيف [القواعد الآمِرة] يمكن استنتاجه بالفعل من العواقب القانونية التي تم تحديدها من قبل المحكمة مراراً وتكراراً كنتيجة لانتهاكها…” (القاضي غوميز روبليدو، رأي منفصل، الفقرة 22). ويلاحظ أن العواقب المذكورة في الفتوى هي الالتزام بعدم الاعتراف non-recognition وعدم المساعدة non-assistance. ومع ذلك، فقد أعرَبَ عن أسفه بأن “المحكمة لم تُثبِت بشكل مباشر العلاقة بين الاستنتاج بأن الحق في تقرير المصير له صفة القاعدة الآمرة وعواقب انتهاكه” (الفقرة 22). ومن ناحية أخرى، ذكر القاضي كليفلاند أن “المحكمة لم تكُن بحاجة إلى إعلان مفاده أن تقرير المصير يُشكّل قاعدة آمرة من قواعد القانون الدولي في تحليلها ولم تتبنّى ذلك لهذا السبب” (القاضي كليفلاند، رأي منفصل، الفقرة 35 ؛ تم إضافة التأكيد). وكان القاضي تلادي هو الأكثر انتقاداً، حيث أظهر أن العواقب بالنسبة للدول الثالثة تنتُج عن انتهاك القواعد الآمرة، وليس بسبب طابع الحجيّة تجاه الكافة بالنسبة لبعض الالتزامات، وبالتالي كان ينبغي للمحكمة أن تكون أكثر وضوحاً (القاضي تلادي، الإعلان، الفقرات 28-32). ومع ذلك، فإن الالتزامات ذات الحجية تجاه الكافة المذكورة في الفقرة 274 (المُقتبسة أعلاه) معترَف بها على نطاق واسع أيضًا على أن لها صفة القواعد الآمرة؛ والعواقب التي تترتب على انتهاكها لا تزال منطبقة. وعلاوة على ذلك، تم تحديد تقرير المصير صراحة على أنه قاعدة قطعية (قاعدة آمرة). الاحتلال الإسرائيلي غير قانوني فلسطين
الآثار الناجمة عن انتهاك القواعد الآمرة – القطعية
تنص مسودة استنتاجات لجنة القانون الدولي لعام 2022 بشأن تحديد القواعد القطعية للقانون الدولي العام والآثار المُترتبة عليها (القواعد الآمِرة) (“مسودّة الاستنتاجات”) على أن العواقب المُترتبة على الانتهاكات الجسيمة للقواعد القطعية هي كما يلي:
يتعيّن على الدول أن تتعاون من أجل وضع حدّ، من خلال الوسائل المشروعة، لأي انتهاك خطير من جانب دولة ما لالتزام ينشأ بموجب قاعدة قطعية من قواعد القانون الدولي العام (القواعد الآمِرة).
- لا يجوز لأي دولة أن تعترف بشرعية أي وضع ينشأ عن انتهاك خطير من جانب دولة ما لالتزام ناشئ بموجب قاعدة قطعية من قواعد القانون الدولي العام (القواعد الآمِرة). ولا يجوز لأي دولة أن تقدّم العون أو المساعدة للحفاظ على هذا الوضع.
الاستنتاج 19، التأكيد مضاف
في قضية الأرض الفلسطينية المحتلة، أكدّت المحكمة بشكل رئيسي على المجموعة الثانية من العواقب، وهي التزامات سلبية على نطاق واسع، وقدّمت تفاصيل محددة، مثل الامتناع عن إقامة علاقات تعاهُدية مع إسرائيل حيث تزعم أنها تتصرّف نيابة عن الأرض الفلسطينية المحتلة، وتجنّب الدخول في تعامُلات اقتصادية أو تجارية تخص الأرض الفلسطينية المحتلة، من بين أمور أخرى. وكانت لدى بعض الدول والمنظمات الدولية بالفعل سياسات للتمييز بين الأرض الفلسطينية المحتلة وإسرائيل.
فعلى سبيل المثال، تنص اتفاقية تمويل “برنامج حوض البحر الأبيض المتوسط” التابعة لآلية الجوار الأوروبية (ENI) للتعاون عبر الحدود للاتحاد الأوروبي صراحةً على أنها “لن تنطبق على المناطق الجغرافية التي أصبحت تحت إدارة دولة إسرائيل بعد 5 يونيو 1967″؛ ومع ذلك، لا تقوم جميع الاتفاقيات بهذا التمييز. ويُمكِن استخدام الفتوى لتعزيز مثل هذه البنود في الاتفاقيات الدولية.
هذا وقد تم تقديم تفاصيل أقلّ فيما يتعلق بالنتيجة الأولى – كيف يتعيّن على الدول أن تتعاون لوضع حدّ للانتهاك؟
وذكرت محكمة العدل الدولية أن “الطرائق المحددة لإنهاء الوجود الإسرائيلي غير الشرعي في الأرض الفلسطينية المحتلة هي مسألة يجب أن تبحثها الجمعية العامة… وكذلك مجلس الأمن. وعليه، فإن الأمر متروك للجمعية العامة ومجلس الأمن للنظر في الإجراء الإضافي المطلوب لوضع حد للوجود غير القانوني لإسرائيل…” (الفقرة 281).
وفي حين سيتم مناقشة دور الجمعية العامة في القسم التالي، فمن غير المُرجّح أن يُصدِر مجلس الأمن أية قرارات تفرض ضغوطاً حقيقية على إسرائيل، مثل اتخاذ قرار بوجوب فرض حظر إلزامي على الأسلحة. في الواقع، حتى قرار وقف إطلاق النار في غزة الذي تم إقراره في آذار/مارس 2024 – بعد عدة قرارات سابقة تم الاعتراض عليها باستخدام حق النقض – زعمت الولايات المتحدة أنه غير مُلزِم. بل يُمكِن اعتبار مجلس الأمن عائقاً أمام إنهاء الانتهاك.
هذا وتُقدّم لجنة القانون الدولي بعض الإيضاحات بشأن واجب الدول على نطاق أوسع. وفي معرض تعليق اللجنة على المادة 41 (1) من مشروع المواد المتعلقة بمسؤولية الدول عن الأفعال غير المشروعة دوليًا (ARSIWA)، أوضحَت أن “الدول تتحمل واجبًا إيجابيًا بالتعاون من أجل وضع حدّ للانتهاكات الجسيمة” (تم إضافة التأكيد). ونظراً “لتنوع الظروف التي يُمكِن أن ينطوي عليها الأمر” لم ترِد تفاصيل عن الشكل الذي ينبغي أن يتخذه التعاون، ولا عن التدابير، ولكن التعليق يُقدّم مثالاً وهو “إطار عمل منظمة دولية مختصة، وتحديداً الأمم المتحدة.” ومع ذلك، فإن “التعاون غير المؤسسي” هو أيضًا احتمال وارد. وشددت لجنة القانون الدولي أيضًا على أن “الالتزام بالتعاون ينطبق على الدول سواء تأثرت بشكل فردي بالانتهاك الجسيم أم لا”.
هذا وينص تعليق لجنة القانون الدولي لعام 2022 – مسودة الاستنتاجات على أن الالتزام بوضع حد للانتهاك “معترف به الآن بموجب القانون الدولي”. والعناصر التي حددتها اللجنة هي:
- يتوجب وضع حدّ للانتهاكات الجسيمة للالتزامات من خلال الوسائل القانونية.
- التدابير الأحادية ليست محظورة، ولكن هنالك تركيز على التدابير الجماعية، بما في ذلك الترتيبات المخصصة التي تتخذها مجموعة من الدول.
- المنظومة الجماعية للأمم المتحدة هي الأفضل، ولكن يُمكِن للمنظمات الدولية الأخرى أن تقوم بذلك أيضًا.
- تُشير قضية الجدار إلى أن هناك أيضًا التزامًا على الدول بشكل فردي ببذل الجهود لإنهاء الأوضاع التي نتجت عن الانتهاك.
توفر المادة 48 (ب) من المواد المتعلقة بمسؤولية الدول عن الأفعال غير المشروعة دولياً (ARSIWA) بعض الإرشادات الإضافية، فهي تنص على أنه “يحق لأي دولة غير الدولة المُتضررة أن تحتج بمسؤولية دولة أخرى… في حال… كان الالتزام الذي تم الإخلال به واجباً تجاه المجتمع الدولي ككل”، أي التزام تجاه الكافة. وتؤكد المادة 54 على حق أي دولة، عندما يتعلق الأمر بالالتزامات تجاه الكافة، في اتخاذ تدابير قانونية ضد دولة مسؤولة لحملها على الامتثال لالتزاماتها بالوقف والجبر.
وأخيرًا، كما أبرزت ريبيكا باربر، في قضية البوسنة ضد صربيا (2007)، استخدمت محكمة العدل الدولية المفهوم الراسخ المتمثل في “العناية الواجبة” في القانون الدولي لتحديد نطاق واجب منع الإبادة الجماعية، والذي لم يكُن قد تم تناوُله بالتفصيل من قبل. وقد استُخدمت العناية الواجبة في مجالات مختلفة من القانون الدولي لتقديم مضمون لبعض التزامات الدول، ولا سيّما تلك التي لم تكُن واضحة. ومعيار العناية الواجبة كما وصفه فريق الدراسة المعني بالعناية الواجبة التابعة لرابطة القانون الدولي (ILA) في عام 2016 هو:
معيار المعقولية … والذي يسعى إلى الأخذ في الاعتبار عواقب السلوك غير المشروع وإلى أي مدى كان من المُمكِن عمليّاً تجنُّب مثل هذه العواقب من قبل الدولة أو المنظمة الدولية التي أمرَت بالفعل المعني أو التي أحجَمت عن منع حدوثه.
إن استخدام هذا المعيار هنا أمر مهم، نظراً للطبيعة غير المُحدّدة للالتزام، فضلاً عن القيود المتأصّلة في مجلس الأمن (حق النقض)، والجمعية العامة (التوصيات غير المُلزِمة). ففي قضية البوسنة ضد صربيا، أوضحت المحكمة أن قدرة الدولة على التأثير تعتمد، من بين أمور أخرى، على “قوة الروابط السياسية، فضلاً عن الروابط من جميع الأنواع الأخرى” (الفقرة 430). عند تقييم الجهود الجماعية والفردية لوضع حدّ لانتهاك قاعدة قطعية، يجب على الدول والمنظمات الدولية تقييم قوة روابطها المختلفة، واتخاذ الإجراءات اللازمة لإنهاء الانتهاك وفقًا لذلك.
التدابير الجماعية
ذكرت المحكمة صراحة أن الطرائق الدقيقة لإنهاء الوجود الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة ينبغي أن تحددها الجمعية العامة، التي طلبت الفتوى؛ وأشارت لجنة القانون الدولي أن التعاوُن – العمل الجماعي – هو الخيار الأفضل. علاوةً على ذلك، أكدت محكمة العدل الدولية على أن الدول “يجب أن تتعاون مع الأمم المتحدة” (الفقرة 275، تمت إضافة التأكيد) لوضع الطرائق موضع التنفيذ. في حين أن قرارات الجمعية العامة غير مُلزِمة بشكل عام، عندما يتعلق الأمر بانتهاك القواعد القطعية، ذكرت لجنة القانون الدولي في تعليقها لعام 2019 أن ذلك “له عواقب محددة على التعاون داخل أجهزة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى”. مُضيفةً أنه،
عندما تتمتع منظمة دولية بسلطة تقديرية للتصرّف، فإن الالتزام بالتعاون يفرض واجبًا على أعضاء تلك المنظمة الدولية بالتصرف كي تمارس المنظمة تلك السلطة التقديرية بطريقة تضع حدًا للانتهاك.
هذا وتتمتع الجمعية العامة بسجلّ أفضل من مجلس الأمن فيما يتعلق بالتوصية باتخاذ إجراءات تهدف إلى إنهاء الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي. ففي عام 1962، اعتمدت الجمعية العامة القرار 1761 الذي يطلب من الدول الأعضاء قطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية وعلاقات النقل مع جنوب أفريقيا، ومرة أخرى في عام 1968 طلبت تعليق جميع التبادلات الثقافية والتعليمية والرياضية (قرار الجمعية العامة 2396)، من أجل الضغط على جنوب إفريقيا لإلغاء قوانينها المتعلقة بالفصل العنصري.
ولم يتدارك مجلس الأمن ذلك إلا في عام 1977 (قرار مجلس الأمن رقم 418)، بعد انتفاضة سويتو والهجوم العنيف على المتظاهرين السود، عندما صوت أخيرًا لفرض حظر إلزامي على بيع الأسلحة إلى جنوب أفريقيا (كانوا قد أصدروا قرارًا بشأن حظر الأسلحة طوعياً في عام 1963). وفي القضية الحاليةُ، شددت محكمة العدل الدولية على ضرورة تعاون الدول مع الأمم المتحدة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن العمل الجماعي، كما أوضَحت لجنة القانون الدولي، يُمكِن أن يتم من خلال منظمات دولية أخرى عدا عن الأمم المتحدة، فمثلاً، يُمكِن للاتحاد الأفريقي، وجامعة الدول العربية، والاتحاد الأوروبي، ومنظمة الدول الأمريكية اتخاذ تدابير خاصة بهم، بما في ذلك حظر الأسلحة، وقطع العلاقات الدبلوماسية، وتعليق التبادُلات الثقافية والتعليمية مع إسرائيل من أجل وضع حدّ للانتهاك. وردّاً على ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في مارس/آذار 2014، وحالة الجمود في مجلس الأمن، على سبيل المثال، فرَض الاتحاد الأوروبي تدريجياً تدابير ضد روسيا، بما في ذلك تجميد الأصول وحظر التأشيرات التي تستهدف أفراداً معينين، بالإضافة إلى العقوبات الدبلوماسية والقطاعية والاقتصادية وتعليق عضوية روسيا في مجموعة الثماني. ويُمكِن لهذه المنظمات أن تستخدم قرارات الجمعية العامة كنقطة انطلاق.
التدابير الفردية
وبينما يتم تشجيع التعاون، يقع على الدول التزام فردي بوضع حد للانتهاك. وكما ذكرت محكمة العدل الدولية في قضية البوسنة ضد صربيا، لو اتخذت جميع الدول تدابير بشكل فردي “فإن الجهود المُجتمِعة لعدة دول، بامتثال كل منها للالتزام المطلوب منها بالمنع” (الفقرة 430) قد يؤدي إلى تجنّب ارتكاب الإبادة الجماعية. وبالمثل، فإن العديد من الدول التي تعمل بشكل فردي، من خلال الوسائل القانونية، قد تساعد في وضع حد لانتهاك القاعدة القطعية. وفي حين أن الممارسة وقت اعتماد ARWISA (2001) بَدَت محدودة، فقد أشارت لجنة القانون الدولي إلى “العقوبات الاقتصادية أو التدابير الأخرى (مثل قطع الروابط الجوية أو الاتصالات الأخرى)” وشرَعَت في تقديم أمثلة على التدابير الفردية والجماعية، مثل قيام الولايات المتحدة باعتماد تشريع في عام 1978 يحظر تصدير السلع والتكنولوجيا إلى أوغندا وجميع الواردات منها بسبب الإبادة الجماعية، والحظر التجاري الجماعي ضد العراق ردًّا على غزو الكويت في عام 1990. الاحتلال الإسرائيلي غير قانوني فلسطين
وتشمل الأمثلة الأخرى جامايكا التي حظرت البضائع القادمة من نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا في وقت مبكر، وذلك في عام 1959 – وهي أول دولة تقوم بذلك – قبل أن تتخذ الجمعية العامة أو مجلس الأمن قرارات بشأن هذه المسألة. وفي الواقع، فيما يتعلق بمسألة تقرير المصير على وجه الخصوص، أكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة على أنه “يقع على عاتق كل دولة واجب العمل، من خلال العمل المُشترَك والمنفصل، على تعزيز إعمال مبدأ المساواة في الحقوق بين الشعوب وحقها في تقرير مصيرها…” ( قرار الجمعية العامة 2625 (الخامس والعشرون)).
إن القواعد القطعية “تعكس وتحمي القِيَم الأساسية للمجتمع الدولي، وهي تتفوق هرمِيّاً على قواعد القانون الدولي الأخرى وهي قابلة للتطبيق عالميًا” (مسودة مواد لجنة القانون الدولي، الاستنتاج 2). وأكدت المحكمة أن تقرير المصير يشكّل قاعدة قطعية من قواعد القانون الدولي، وأن سياسات إسرائيل ومُمارساتها غير القانونية تؤدي إلى تفاقُم انتهاكها لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير. وتحديداً، وفي مواجهة التقاعُس المُحتمَل من جانب مجلس الأمن، يتعيّن على الدول وكذلك المنظمات الدولية التأكّد من أن الالتزام بوضع حدّ للانتهاك ليس خاليًا من المعنى.