اللغة الأصلية للنص: الفرنسية
رابط المقال الأصلي ومصدره بالفرنسية: اضغط/ي هنا
ترجمه إلى العربية: أحمد الأستاذ
ل: القانون من أجل فلسطين ©
في مقال صحفي صدر يوم الخميس الموافق 25 يونيو عن جريدة Le Monde الفرنسية، ناقش ألان فراشون (Alain Frachon)، الصحفي والمحرر في الشؤون الخارجية، وخاصة الشرق أوسطية منها، مسألة الضم الذي تنوي إسرائيل القيام به، وموقف الاتحاد الأوروبي.
ورأى فراشون أن أوروبا كانت قد اتخذت موقفا من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني منذ عام 1980، واعتبر أن هذا الأمر بالنسبة للاتحاد الأوروبي، الذي يجد نفسه اليوم في مواجهة مشروع الضم في الضفة الغربية، يتعلق بالوفاء لهذا لموقف الذي اتخذه، ولكن دون وجود ضمانات.
ذكر فراشون في سرد تاريخي موجز بدايات اهتمام الاتحاد الأوروبي بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني، حيث بدأ قبل أربعين سنة مضت، عندما كانت أوروبا هي من تمسك بزمام الأمور في الشرق الأوسط، وكان ذلك باتخاذ تسع رؤساء دول وحكومات من الاتحاد الأوروبي الاقتصادي (CEE)، خلال مؤتمر قمة البندقية في الثاني والثالث عشر من شهر يونيو 1980، موقفا بشأن هذا الصراع، كما لم يُعهد عنهم من قبل، ودون الاكتراث بردود الفعل في إسرائيل والولايات المتحدة الامريكية والاتحاد السوفيتي أو أي طرف آخر. ويقول فراشون أن أوروبا كانت حاضرة في الشرق الأوسط، على الأقل من حيث المبدأ، وأن الأمر الذي يفترض أن يحصل في شهر يوليو 2020، بات يستجدي اهتمام أوروبا من جديد. فإسرائيل تعتزم توسيع أراضيها من جانب واحد، وذلك بحد ذاته يشكل اختبارا حقيقيا للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، وتدشينا لمرحلة جديد في سياساته، وهو بذلك يعتقد أن الأمر في نظر الدول السبع والعشرين الأوروبية، أصبح يتعلق بالوفاء» لروح قمة البندقية ، لكن ذلك غير مضمون.
وأشار فراشون إلى أن الولايات المتحدة الامريكية رعت السلام بين مصر وإسرائيل في أواخر السبعينيات، ولكن دون أن يفضي ذلك لإنجاز شيء مع الفلسطينيين. وعلى وجه الخصوص، مع فِلَسْطِينيي الأراضي المحتلة خلال الحرب العربية الإسرائيلية في يونيو 1967، والتي تشمل القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة. وقال إن الأمريكيين يؤيدون بفتور سياسة الأمم المتحدة المتمثلة بمفاوضات تقوم على انسحاب إسرائيلي من الأراضي الفلسطينية مقابل السلام. ويعتقد فراشون أن كلا من الإسرائيليين والرئيس جيمي كارتر لم يرغبا بالاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كمفاوض. وحتى وإن كانت منظمة التحرير الفلسطينية قد لجأت للإرهاب، بحسب الكاتب، إلا أنها كانت في نفس الوقت هي الوحيدة التي تجسّد الحركة الوطنية الفلسطينية.
وبتقدير فراشون، فإعلان التسعة في مدينة البندقية سيلقي ببعض المواضيع المحرم تناولها في قناتها المائية الكبرى، فقد أعاد الاتحاد الأوروبي الاقتصادي، المتمثل بألمانيا وبلجيكا والدنمارك وفرنسا وبريطانيا العظمى ولوكسمبورج وأيرلندا وإيطاليا وهولندا، التأكيد على حق دولة إسرائيل غير القابل للتصرف في العيش بأمان، ولكنه -أي الاتحاد الأوروبي- دافع في المقابل عن حق الفلسطينيين في الأراضي المحتلة في تقرير المصير. وفي هذا الصدد، ذكر فراشون أن الأوروبيون يشددون على ضرورة مشاركة منظمة التحرير الفلسطينية في أي مفاوضات.
في مواجهة خيار حاسم
ذكر فراشون أن قبول مبادئ الاتحاد الأوربي للسلام من قبل أطراف النزاع استغرق ثلاثة عشر عاماً، مهدت خلالها أوروبا الطريق، وأنّ ثمة شيء واحد لم يتضمنه إعلان البندقية، وهو النفوذ العسكري والدبلوماسي في المنطقة. فعلى مر السنيين وبسبب بعض الأحداث الدموية، المتمثلة بانقسام صفوف الحركة الوطنية الفلسطينية وانتشار المستوطنات الإسرائيلية، تحطمت مبادئ السلام وانهارت آماله. ومن هذا المنطلق، يعتقد فراشون أن بنيامين نتنياهو قد يستطيع توجيه ضربة إضافية للفلسطينيين في غضون أيام.
ورأى فراشون أن رئاسة نتنياهو لحكومة وحدة وطنية وبدعم من دونالد ترامب، تهدف إلى ضم غور الأردن، أي ما يعادل ثلث الضفة الغربية المحتلة. هذا وقد وعد نتنياهو ناخبيه أن تبدأ عملية الضم في يوليو من هذا العام، ولكنه بات يتردد اليوم، لأنه إذا اتخذ أي إجراء في هذا الشأن، فهذا يعد انتهاكا للقانون الدولي. فتغيير الحدود بالقوة سيؤدي على أقل تقدير إلى استفزاز الفلسطينيين والأردن. مع العلم بأنه ليس هناك أي اعتبارات أمنية تجبر إسرائيل على هذه الخطوة؛ فالجيش الإسرائيلي يسيطر فعليا على هذه المنطقة وعلى الحدود مع الجار الأردني بموجب معاهدة سلام بينهم. الهدف من ذلك إذن، كما تصوره فراشون، هو وأد أي فكرة لإنشاء دولة فلسطينية مجاورة لإسرائيل.
تنبأ الكاتب أيضا أنه في حال لم يتم منح الفلسطينيين في غور الأردن الجنسية الإسرائيلية، وهو أمر مستبعد، سيقوم نتنياهو بإضفاء الطابع المؤسسي على نظامين للمواطنة في إسرائيل الموسعة، بحيث يختص البعض بالديموقراطية دون غيرهم؛ أي اعتبار فِلَسْطِينيِي غور الأردن كمواطنين من الدرجة الثانية.
ونقل فراشون في نهاية مقاله تصريح الدبلوماسي السابق دينيس بوكارد، المنشور في موقع بوليفارد اكستيريور (Boulevard extérieur) الذي أفاد بأن الاتحاد الأوروبي، الذي فرض في وقت سابق عقوبات على روسيا لضمها شبه جزيرة القرم، يواجه اليوم خيارًا صعبًا ولكنه جذري. وختم مقاله بطرح خيارين اثنين أمام الاتحاد الأوربي؛ إما أن يطالب بالمساواة في الحقوق للفلسطينيين، بما في ذلك الحقوق السياسية، الأمر الذي قد يهدد الطابع اليهودي لإسرائيل، أو أن يقبل فكرة أن الدولة التي تربطه بها روابط عميقة ووجودية إلى حد ما، تقلل من شأن نظام تمييزي يكاد أن يقترب من نظام الفصل العنصري.