ملتقى القانونيين من أجل فلسطين (الموسم الثاني)
ملخّص اللقاء رقم (1)[*]
وصم معاداة السامية: بين حماية فئة واضطهاد آخرى
* لقراءة الملخص الكامل وتحميله: نسخة بي دي اف PDF انقر هنا
معلومات أساسية:
- تاريخ اللقاء: 31-3-2022
- الساعة: 19:00- 20:30 بتوقيت القدس
- المكان: عبر زووم
- المتحدثون:
– بروفيسور ريتشارد فولك: أستاذ فخري والمقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحالة حقوق الانسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
– د. نيف غوردون: أستاذ القانون الدولي في جامعة كوين ماري في لندن.
– جيوفاني فاسينا: محامي دولي ورئيس فريق الدفاع في مركز الدعم القانوني الأوروبي (ELSC).
- المعلقّون:
– د.أنيس القاسم: محامي دولي وعضو مجلس أمناء القانون من أجل فلسطين.
– د. إليز بنشوشان: أستاذة الانثروبولوجيا ومختصة بالدراسات اليهودية (ولاية جورجيا_أمريكا).
– د. أندرو غوردون: أستاذ الدراسات الثقافية المقارنة في جامعة هيوستن.
- مدير اللقاء: عبد الغني سيد: باحث دكتوراة ومساعد تدريس بكلية القانون في جامعة كنت (بريطانيا).
- الحضور المناقشون: 39 عضواً.
- المستمعون المتابعون ( أعضاء ملتقى القانونيين من أجل فلسطين): 1000 عضواً.
- رابط التسجيل الخاص باللقاء: هنا
أولاً: مقدمة
عام 2016، تبنى التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست (“IHRA”) تعريفًا عمليًا غير ملزم لمعاداة السامية، بهدف وضع مثال للسلوك المسؤول للمنظمات الأخرى وتوفير أداة واضحة لمكافحة معاداة السامية. وبينما يجادل البعض بأن “معاداة السامية” يتم تسخيرها لإسكات النقد المشروع، وأن التعريف تم توسيعه ليشمل أي انتقاد لسياسات إسرائيل، يجادل آخرون بأن مثل هذا التعريف القانوني الواضح مطلوب لمكافحة التمييز السائد ضد اليهود في جميع أنحاء العالم.
وفي الواقع، وعلى الرغم من أن التعريف يفتقر إلى معايير التشريع الملائم، فقد تم تبنيه منذ ذلك الحين ليصبح قانونًا ملزما في العديد من الدول الغربية، كما تبنته العديد من الجامعات والمعاهد الأكاديمية في الغرب. كما شجع المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحرية الدين على استخدام التعريف في مجالات التثقيف والتوعية.
في ظل ذلك، يقول العديد من المحامين والأكاديميين والمدافعين عن حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم أنهم يتعرضون اليوم لخطر دائم، وحريتهم في التعبير أصبحت مهددة، بل ويتم إسكاتهم فعليًا فيما يتعلق بانتقاد السياسات الإسرائيلية. وقد صرح بعضهم بتعرضهم للملاحقة والوصم والتضييق بسبب مزاعم معاداة السامية.
علاوة على ذلك، تم اتهام المحكمة الجنائية الدولية بمعاداة السامية من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي، وذلك إثر قرار المدعية العامة للمحكمة آنذاك بفتح تحقيق في فلسطين. حركات مثل مقاطعة إسرائيل BDS، والتي تستند بالكامل إلى القانون الدولي (وفقًا للعديد من أحكام المحاكم، بما في ذلك المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان)، تم اعتبارها معادية للسامية وتمييزية.
في ضوء ذلك، وللحاجة إلى حماية مجموعة ولكن دون قمع أخرى، والمخاطر على حرية التعبير، هدفت هذه الندوة إلى معالجة القضايا التالية:
- كيف نوازن بين الحاجة إلى محاربة معاداة السامية وحماية حرية التعبير؟ ما هو دور الأمم المتحدة والجهات الدولية الفاعلة في هذا الصدد؟
- هل تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست (IHRA) لمعاداة السامية يهدد عمل المحامين والأكاديميين والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين وغيرهم؟ كيف؟
- هل الإشكال في تعريف (IHRA) فقط؟ أم أنه أبعد من ذلك؟ وهل الاتجاه الحالي لتبني التعريف يؤثر على سيادة القانون والديمقراطية؟
- ما هي آليات محاربة هذه الانعكاسات؟ هل يمكن تجنيد الأنظمة القضائية للطعن في هذه التشريعات على أساس عدم دستوريتها؟ وهل يمكن استخدام وسائل المقاومة الشعبية في هذا الصدد؟
ثانياً: مداخلات المتحدثين
مداخلة بروفيسور فولك:
- تُعرّف معاداة السامية على أنها شكل من أشكال انتهاك حقوق الإنسان الأساسية, وهي شكل من أشكال الكراهية ضد عرق معين, ألا وهو الشعب اليهودي.
- هناك خلط يحيط بمعاداة السامية, أدى إلى إساءة استخدام هذا المصطلح، الذي جاء لوصف سلوك غير مقبول, وتحويله إلى أداة سياسية قوية تهدف إلى حماية دولة إسرائيل المسؤولة عن ارتكاب انتهاكات جسيمة تستحق النقد والتقييم.
- وهذا الخلط ليس فقط مصادفة انتهازية بل يتجسد أصلاً في كل فكرة التعهد بإقامة دولة يهودية بالكامل في مجتمع أغلبه غير يهودي.
- لا يمكن تحقيق هذا الخلط إلا من خلال خلق الكثير من الغموض الذي يهدف إلى تصوير أن الهجمات على إسرائيل هي في الحقيقة هجمات على الشعب اليهودي.
- وهذا ما يسمى بسياسة تشتيت الانتباه ، حيث يتم توجيه النقاش نحو ما إذا كان من المقبول انتقاد إسرائيل أم لا، والدفع نحو تبني تعريفات معاداة السامية المقترحة التي تتضمن حماية اسرائيل من الانتقاد.
- جميع هذه التعاريف هي تحول عن مستوى توافق الآراء الذي يمكن تبريره وتزايده بأن إسرائيل دولة الفصل العنصري. وهذه طريقة لتجنب هذه المحادثة وإجراء هذه المحادثة (بشأن معاداة السامية) بدلاً من ذلك.
- تعتبر هذه التعريفات تشتيتاً عن التوافق في الآراء الحاصل حديثاً الذي يقضي باعتبار اسرائيل دولة فصل عنصري. فهو يتجنب الحديث عن هذه الآاراء ويوجه التركيز بدلاً من ذلك نحو الحديث بشأن معاداة السامية.
- عندما كنت مقرراً خاصاً للأمم المتحدة قبل عشر سنوات، لاحظت أن إسرائيل قررت عدم صب جهود كبيرة لدحض انتقادات الأمم المتحدة لسياساتها وممارساتها، والتوجه نحو مهاجمة مصداقية الشخص أو المجموعة الذين يثيرون هذه الانتقادات ومحاولة نزع شرعية انتقادهم من خلال اتهامهم بمعاداة السامية.
- بعبارة أخرى، هم يقومون بتشتيت اهتمام المجتمع الدولي بعيداً عن الأفعال الإسرائيلية من خلال التلويح بوصم معاداة السامية وتوجيه البوصلة نحو محاسبة واساءة معاملة منتقدي اسرائيل باتهامهم بمعاداة السامية.
- هذا نوع من التلاعب اللغوي الذي يهدف إلى تحقيق نتيجة غير مقبولة إلى حد كبير، وهي الاستمرار في الاستخفاف بممارسات إسرائيل القمعية تجاه الشعب الفلسطيني الممارسة وفق ترتيبات سياسية منظمة وُصفت بشكل متزايد مؤخراً بأنها شكل من أشكال الفصل العنصري.
- طريقة اسكات النقد التي ذكرتها أخذت طابع رسمي من خلال تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست لمعاداة السامية وترويج السياسة الإسرائيلية لقبول هذا التعريف الواسع النطاق لمعاداة السامية باعتبارها تشمل إسرائيل.
- إن الغرض من ذلك، ليس إعادة التعريف بحد ذاتها بقدر ما هو تشتيت الانتباه عن جرائم الدولة الإسرائيلية وأفعالها الخاطئة.
- وهذا يؤدي إلى سوء فهم لما تعنيه معاداة للسامية. لذلك هناك ضرورة لتكريس الجهود نحو فهم التعريف وحل اللغط حوله وسوء تطبيقه الذي أدى إلى صرف التركيز عن تحقيق نوع من العدالة للشعب الفلسطينية. وينبغي أن تصبح هذه الجهود محض تركيز دولي مركزي، نأمل من خلاله كمدافعين عن حقوق الانسان، لاعادة توجيه البوصلة نحو حقوق الإنسان والتطلعات الأساسية للشعب الفلسطيني، وإعادة التركيز نحو هذا الكفاح عوضاً عن التشتيت عن القضية الأساسية التي خلقها الترويج لتعريف معاداة السامية الأخير وخلطه للمفاهيم العامة بحيث يسكت أي انتقاد مشروع.
- على سبيل المثال، في الولايات المتحدة، هناك سعي من خلال هذا التعريف إلى تجريم كافة أشكال المعارضة غير العنيفة لممارسات اسرائيل وسياساتها. تجريم حركة المقاطعة (BDS) باعتبارها معادية للسامية هي أحد الأمثلة على ذلك.
- أخيراً، إن هذا النوع من الندوات (أي ندوة اليوم) مهم جداً لتوضيح معنى معاداة السامية وهو ضرورة أساسية لإعادة تركيز النضال من أجل العدالة في فلسطين.
مداخلة بروفيسور نيف غوردون
- في أكتوبر 2020، أرسل وزير التعليم في المملكة المتحدة رسالة إلى جميع الجامعات في جميع أنحاء المملكة المتحدة يطالبهم بتبني تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست لمعاداة السامية. أرسلها في أكتوبر وأراد أن يتم تبنيها بحلول أعياد الميلاد، مهدداً الجامعات التي تفشل في تبنيه بعقوبات مالية.
- بعد أقل من عامين، تبنت هذا التعريف أكثر من 200 مؤسسة تعليم عالي في جميع أنحاء المملكة المتحدة.
- يغير هذا التعريف المعنى التقليدي لمعاداة السامية، الذي يركز على نقد كراهية اليهود، أو فكرة الشر الطبيعي اليهودي أو الاعتقاد بأن اليهود لديهم مؤامرة عالمية وكل هذه الأنواع من الكراهية, ويذهب نحو التركيز على تجريم الانتقادات القاسية لاسرائيل وحكومتها وسياساتها.
- في عام 2018، أقرت إسرائيل مشروع قانون يعترف بإسرائيل كدولة يهودية بطريقة قوننت السياسات التمييزية العنصرية ضد المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل. ولكن وفق تعريف التحالف الدولي فإن وصف الدولة، التي تروج للأعمال العنصرية وتقوننها بإنها عنصرية، هو نوع من معاداة السامية. وهنا تكمن المشكلة الحقيقة، وفق نيف
- يقول نيف أنه انتقل إلى لندن في عام 2016 وألتحق طفليه بالمدرسة الثانوية في لندن وقد عانى كلا طفليه من معاداة السامية.
- ولكن ما يفعله هذا التعريف هو أنه يمثل تباكياً كاذباً بينما يتم إهمال معاداة السامية الحقيقية وحرفها عن جوهرها.
- خضع عشرات الأكاديميين والطلاب خلال العامين الماضيين في المملكة المتحدة للتحقيق وجلسات الاستماع التأديبية وحتى الطرد من عملهم بناء على ادعاءات بأنهم معادون للسامية. نحن نتحدث عن حالة كاملة يتم فيها استخدام التعريف للتضييق على الأشخاص بشكل يومي وتقويض حقهم في حرية التعبير.
- ووفق للمعلومات الموجودة حول هذه القضايا، فإن أي منها لم يكن لها أي أساس يمكن الاستناد عليه. الواقع هو تجييش لعدد من الطلاب مهمتهم التفتيش في حسابات التواصل الاجتماعي والعودة بها إلى 4 أو 5 سنوات وتمحيص كل تغريدة وكل منشور نشرته أو شاركته أو أعجبت به، وتقديم شكوى في حال تم الشك بأن أي منها يندرج تحت معاداة السامية وفق تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست.
- ثم يتعين على الأشخاص الذين قُدمت هذه الشكاوى ضدهم المرور من خلال أبواب الجحيم السبعة، بدءاً من العار الذي يلاحقهم من وصم معاداة السامية ومروراً بالحاجة للدفاع المستمر عن أنفسهم واثبات أن انتقاد اسرائيل لا يشكل بحد ذاته معاداة السامية، وجلسات التأديب والتحقيق وحتى الفصل من العمل والحاجة للجوء لمحامين وإلخ إلخ.
- تخلق هذه الحالة شكل من أشكال الاسكات غير المباشر لأي انتقادات ضد اسرائيل، فالتأثير يتجاوز الأشخاص الذين تعرضوا لهذا الهجوم بل يطال كل من سمع وعلم بما يحدث.
- كيف علينا أن نفهم تعريف التحالف الدولي؟ كما قال (ريتشارد) هي آلية لتشتيت الانتباه. وأود هنا أن أخطو خطوة أبعد واقترح بأنها أداة لتمكين الفصل العنصري.
- نشر ريتشارد فولك وفيرجينيا تيلي تقريراً حول الفصل العنصري في اسرائيل في عام 2017 تحت مظلة الأمم المتحدة، ويخلص التقرير إلى أن إسرائيل من النهر إلى البحر تمارس جريمة الفصل العنصري، وتم سحب هذا التقرير من قبل الأمم المتحدة عقب ضغوطات مهوولة.
- بعد ذلك بعامين، نشرت 8 منظمات فلسطينية تقريرًا مشابهًا وقدمته إلى الأمم المتحدة كتقرير ظل. وبعد عام واحد، نهجت منظمة بتسيلم ثم هيومن رايتس ووتش ثم منظمة العفو الدولية نفس النهج. حيث أن هناك توافق اليوم في أوساط المجتمع المدني بأن اسرائيل تمارس جريمة الفصل العنصري.
- ثم يأتي تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست يجّرم توصيف اسرائيل بدولة الفصل العنصري ويعتبره معاداة للسامية. ما يفعله هذا التعريف هنا هو تمكين آلية الفصل العنصري هذه وحمايتها من أي نوع أنواع الانتقادات التي ترتفع باستمرار.
- أخيراً، علينا أن نفكر مليّاً في كيفية تقويض هذا التعريف بينما نبقى متيقظين ونركز على المظاهر الحقيقية ضد معاداة السامية التي تتزايد في جميع أنحاء أوروبا وأمريكا الشمالية وأجزاء أخرى من العالم.
مداخلة جيوفاني فاسينا:
- لا يمثل تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست لمعاداة السامية تشريعًا أساسيًا، ولكنه صورة من الصكوك شبه القانونية ولكن ليس له قوة قانونية ملزمة. ومع ذلك، فإن العديد من الدول الأوروبية تعتمد تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست كمصدر لوضع سياساتها المحلية والتي تستهدف بوضوح حقوق الفلسطينين حتى وإن لم يتم تضمينها بالتشريعات الوطنية. يتم التعاطي مع تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست كحقيقة قانونية ملزمة بواسطة الفاعلين السياسيين والقانونيين. فعلى سبيل المثال دول كالنمسا و المانيا والمملكة المتحدة تتبنى ما يقرره التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست فيما يتعلق بسياسة عدم التمييز والمعنية بمحاربة “معادة السامية”. وهذه الحالة من شأنها أن تؤدي إلى سياسات تنتهك الحقوق الأساسية.
- خلال العامين الماضيين، فإننا في مركز الدعم القانوني الأوروبي تعاطينا مع ما يفوق المائة حالة في العديد من الدول الأوروبية، والتي يمكننا الحديث عنها لساعات ولكني سوف أزودكم بالقليل من الأمثلة.
- بشكل أساسي، في المانيا والنمسا، فإن البرلمان المحلي تبنى اقتراحات ضد حركة مقاطعة إسرائيل (BDS)، والتي تم تنبيها بواسطة البرلمان الاتحادي والبلديات. بعض من هذه الاقتراحات أعادت استدعاء تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست في ديباجتها ثم ساوت حركة مقاطعة إسرائيل بالصور الجديدة لمعادة السامية، وعليه وجهت النداءات للأجهزة العامة والخاصة لمنع تمويل حركة مقاطعة إسرائيل أو السماح لهم بحجز أي أماكن عامة لعقد الأنشطة ذات الصلة بمقاطعة إسرائيل.
- وعلى الرغم من أن هذه الاقتراحات غير ملزمة، إلا أننا تلقينا العديد من الحالات التي رفضت فيها المؤسسات السماح لحركة مقاطعة إسرائيل أو الافراد الذين يتم اعتبارهم داعمين لحركة مقاطعة إسرائيل من تأجير مساحات في هذه المنشآت لعقد ندواتهم.
- الجزء الجيد في هذه الحالات أن المحاكم تقضي ببطلان هذه التصرفات في كل مرة نرفع هذه القضايا أمامها. وكل ادعاءاتنا تقبل بشكل كامل. بالإضافة إلى ذلك، فهناك اتجاه متزايد في الفقه القانوني في ألمانيا للاعتراف بحركة مقاطعة إسرائيل كنشاط شرعي سلمي.
- قضية أخرى، لم يُفصل فيها بعد وهي لثلاثة نشطاء في ألمانيا يسعون لمجابهة الاقتراحات التي تم تبنيها بواسطة البرلمان الألماني لتجريم حركة مقاطعة اسرائيل. من وجهة نظر قانونية، فإن مجابهة اقتراح سياسي أو الاعتراض عليه هو أمر صعب للغاية. ولذا، فإن نجحت هذه القضية فربما ستكون حاسمة لاغلاق باب مثل هذه المقترحات على المستوى المحلي.
- وفي قضية مختلفة في المملكة المتحدة حدثت لشخص تم تعيينه حديثًا بشركة تتبنى بالكلية تعريف التحالف الدولي لاحياء ذكرى الهولوكوست، حيث سحبت الشركة عرض التوظيف بناء على تغريدات داعمة لقطاع غزة في فترة العدوان الاسرائيلي الأخير على القطاع، حيث قام بربط الصهيونية بأنها مماثلة للعنصرية تجاه السود. تم اعتبار هذه التغريدات معادية للسامية طبقًا لتعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست. ولكن عندما أثيرت منازعة قانونية من طرفنا ضد هذا القرار، أعادت الشركة مباشرة توظيف هذا الشخص مرة أخرى.
- وهناك عشرات الحالات لطلاب وأكاديميين في المملكة المتحدة، طعنا في الجلسات التأديبية التي خضعوا لها، فقامت المؤسسات في النهاية بسحب الشكاوى المقدمة ضدهم.
- أخيراً، يمكننا القول أن تعريف التحالف الدولي لاحياء ذكرى الهولوكوست تم تبنيه بناء على ضغط سياسي واكتسب بحكم الواقع صفة قانونية ملزمة، ومع ذلك، ومما نلاحظه في القضايا المذكورة أعلاه، لا يمكن لهذا التعريف أن يصمد في مواجهة القانون الفعلي الراسخ الذي يحمي حرية التعبير وحرية الانتماء والرأي السياسي.
ثالثاً: تعليقات الضيوف المعلقين
مداخلة د.إليز كوهين:
- تقضي بعض الحجج المعارضة لتعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست بوصفه بأنه نفسه نوع من أنواع معاداة السامية. إن سياسية التحالف الدولي لاحياء ذكرى الهولوكوست في تعريفها تميز إسرائيل عن أي دولة أخرى في العالم، كما أنها تميز اليهود عن أي مجموعة أخرى في العالم. كما أنها تدفع اليهودي بأن يكون نوع خاص من اليهود، من خلال دفعه للارتباط بإسرائيل كمركز حق تقرير المصير للشعب اليهودي، وهو أمر غير مقبول. إنه نوع من معادة السامية والذي يسمح بالاستثنائية الإسرائيلية.
- تظن كوهين أن تعريف التحالف الدولي لاحياء ذكرى الهولوكوست قد فشل في تضمين أشكال أساسية من معاداة السامية. ففي ديباجته ينص على أنه “بناء على روح اعلان ستوكهولم والذي ينص على أنه ” بما ان الإنسانية لا تزال تعاني من ….. معاداة السامية وكراهية الأجانب فإن المجتمع الدولي يتشارك مسؤولية أساسية لمجابهة هذه الشرور”. إن هذه الديباجة قد ضلت اتجاها، فهي لم تتطرق للقومية جديدة، وحركات النازية جديدة، و معادة للسامية ذات الطابع المسيحي ، والهيمنة المسيحية، والتي تشكلت جميعها في كلًا من أوروبا وأمريكا الشمالية. كان ينبغي على التعريف أن يسمي الأشياء بمسمياتها. عندما لا نسمي هذه الأشياء و نؤطرها بدلًا من ذلك ضمن اطار معاداة السامية، ثم نضيف عليها كراهية الأجانب فنحن نبدأ في فصل كافة المجموعات عن بعضها مما يقود إلى خلق أشكال قومية جديدة من شأنها مهاجمة كل المجموعات وليس اليهود فقط.
- مهما فعلنا أو قلنا سيكون هناك بشكل دائم أجندة ودعاية قومية سواء اذا كانت مرتبطة بإسرائيل من عدمه. أطلقوا المسمى الذي تريدونه على دولة اسرائيل، وقولوا بأن لها أجندتها القومية مثلها مثل أي دولة أخرى ننتمي إليها، ولكن أخرجوا كل ذلك من سياق معاداة السامية.
- إن استمرار اقحام انتقاد اسرائيل بأنه معاداة للسامية هو في الواقع استنفاذ لوصف معادة السامية، بحيث يفقد معناه، ويمحي الخط الفاصل في ذهن الناس عما يمكنم قوله أو البحث فيه في مساحاتهم الأكاديمية.
مداخلة د. اندرو غوردون
- عبر أندرو عن دهشته من الفهم المتعدد لمفهوم معاداة السامية والمشاعر المعادية للعرب و التعاطف مع الفصل العنصري الذي رآه بين الإسرائيليين.
- السمة المركزية هنا أن هناك تقييما للأفراد بحسبانهم غير قادرين بيولوجياً على التغير و غير قادرين بيولوجياً على تغيير أنماط تفكيرهم.
- اتفق مع البروفيسر فولك في تقييمه بأن هناك – وبشكل ما- تشتيت عن القضايا الحقيقة المتعلقة بالتفكير النقدي.
- إن هناك مستويات أساسية للتفكير والتي من خلالها نجد أن معاداة السامية وشعور العداء تجاه العرب في جوهره سوء تفاهم مرده الاختلافات الثقافية والتي ننظر إليها -من خلال عقولنا- بحسبانها اختلافات بيولوجية.
- ليس هناك أمل في حل جريمة الفصل العنصري، وكذلك لتغيير خطابنا، طالما أننا نظر وكأننا ملتزمين بيولوجيا بوجهات نظر معينة.
- يعتقد اليهود والاسرائليون الذين يميلون إلى المساهمة في سياسات الفصل العنصري الحالية إلى الميل نحو التفكير فيمن يعارضونهم بأنهم أقل منهم بيولوجيا وأنهم غير قادرين بيولوجيا. وهذه النظرة تمتد إلى العرب ولكل من يبدي تعاطفًا مع حقوق الفلسطينيين
- التحدي الحقيقي بالنسبة لنا الان هو التفكير بشكل مختلف بشأن الاختلافات والتي هي ليست بيولوجية و ليست وجودية. حيث اننا بحاجة إلى تجاوز مسلمة أن الناس ملتزمون بوجهات نظر معينة.
- بمجرد أن نبدأ بالتفكير بأن تعبيراتنا الايدليوجية وتعبيراتنا السياسية متأصلة بيولوجيا بعمق في داخلنا، لن يكون لدينا الفرصة للتغير مطلقا.
- العديد من الاسرائليين الذي يعرفهم يعارضون العرب بشدة لأنهم يؤمنون وجوديًا بأن عليهم فعل ذلك، بحسبان أن ذلك جزء من تكوينهم البيولوجي.
- عندما نتوقف عن التفكير في المعتقدات السياسية والثقافية بحسبانها متجذرة بيولوجيا بداخلنا، في هذه الحالة فقط يمكننا أن نتغير وأن نقبل الاختلاف.
مداخلة د. أنيس القاسم
- إن معاداة السامية مصطلح يوّلد الكثير من العواطف في عقلية الأوروبيين.
- إن تعريف التحالف الدولي لاحياء ذكرى الهولوكوست صمم كدرع واقي لإسرائيل من أي نوع من النقد، حوالي نصف الإحدى عشر شرحا المقررين للتعريف كرسوا لاسكات أي نقد ضد إسرائيل.
- في الحرب العالمية الثانية المحكمة الدولية لنورمبرغ أنشئت للتحقيق في الجرائم النازية ضد اليهود وقد اعتبرت أن سلطاتها القضائية مستمدة من مفهوم الجرائم المشتركة ضد الإنسانية لجميع الضحايا، ولم تركز على جرائم خاصة باليهود. وفي المقابل، ففي الخمسينات مررت إسرائيل قانونا يسمى قانون “النازية والمتعانون مع النازية” والذي يصنف الجرائم النازية بأنها جرائم ضد الشعب اليهودي وجرائم ضد الإنسانية. وعليه، فإنهم ينظرون إلى اليهود كأنهم جماعة مستقلة عن باقي الإنسانية.
رابعاً: فقرة الأسئلة والأجوبة
السؤال الأول: هناك تمييز أوروبي وأمريكي في كيفية تناول هذا التعريف، ولكن ما هو موقف دول الشرق الأدنى من هذا التعريف والمعركة الدائرة حوله؟ وهل يمكن لهذه الدول أن تشكل تحالفاً لتمرير قرار حول هذا التعريف من خلال الجمعية العامة، في ضوء أن حركة مجلس الأمن مستحيلة بوجود الفيتو؟
إجابة من فولك: لا شك بأن الأمم المتحدة لها دور مهم في توضيح طبيعة معاداة السامية و في زيادة التدقيق في هذه المسألة، و توضيح الخلط الذي يحدث بسبب تعريف المخلوط بين معاداة السامية وانتقاد إسرائيل. هذا تمييز مهم جداً ولو كان متمثلاً بقرارات الجمعية العامة و مدعوماً بشكل عريض منها، سوف يكون له تأثير مهم في تغيير الرأي العام، ومهم بقيمة رمزية على السياسات.
سوف استغل الفرصة لأذكر نقطة هنا. من المثير للدهشة أن نلاحظ بأن إسرائيل كانت تغتنم كل الفرص لمصادقة الحكومات المعادية للسامية حقًا من خلال التأكيد على الاستخدام المشوه لمعاداة السامية. بعبارة أخرى ، أصبحت صديقة للمجر ودول أخرى متجاهلة تزايد تفوق او سيادة “البيض” في هذه الدول، حيث تضحي اسرائيل باليهود هناك ومحاربة كراهية اليهود من أجل فقط ضمان عدم انتقاد سياساتها وممارساتها غير المشروعة. هذا المثال هو جزء من توضيح الخطأ الواضح في نهج تعريف التحالف الدولي لمعاداة السامية.
السؤال الثاني: تقدم العديد من الأكاديميين و المثقفين اليهود قبل عامين بإعلان القدس حول تعريف معاداة السامية، كأداة من أدوات المناصرة وبديل لتعريف التحالف الدولي. لماذا برأيكم لم يكتسب الاعلان قوة دفع كافية كبديل لتعريف التحالف الدولي؟ وهنا، لا أتوقع أن تتبناه الدول، ولكن يمكن أن يعتمد عليها المدافعون ضد تعريف التحالف الدولي.
إجابة من نيڤ جوردون: هناك العديد من القضايا المتعلقة بإعلان القدس التي يجب ذكرها. أحدهما يتعلق بما قالته إليز ، أنه يقع مرة أخرى في نفس فخ خصوصية العنصرية. على الرغم من أن العنصرية ضد جماعة ما تختلف عن العنصرية ضد جماعة أخرى وهنا تسعى هذه التعريفات إلى إبراز هذه الخصوصية، ولكنها أيضاً تلعب على فكرة التقسيم بين المجموعات العرقية. باعتقادي ما هو صحيح أن يصبح هناك تعريف واحد مناهض للعنصرية وهذا سوف يساعد في توحيد الجماعات العرقية المختلفة وهي تحارب العنصرية.
والمشكلة الأخرى هي الطريقة التي ظهر بها نص الاعلان ونقص الأصوات الفلسطينية فيه والمخاوف الأساسية للفلسطينيين تجاه هذا الاعلان.
ولكن هناك منظور مختلف يعترف بأن لدى اعلان القدس العديد من المشاكل ، بما في ذلك المشكلتان اللتان ذكرتهما للتو ، ولكن اليوم قد يكون هو أفضل أداة ضد تعريف الIHRA.
لذلك نحن بحاجة إلى النظر إليه من منظور عملي . على سبيل المثال ، إذا كنت انظر إلى قطاع الجامعات في المملكة المتحدة ، يبدو لي أنه من النادر أن تقوم أي من الجامعات التي تبنت الIHRA بإلغائها أثناء وجود الحكومة الحالية ، وحزب العمال ، لأنها تتبنى أيضا تعريف الIHRA.لذا فإن الجامعة التي ستضغط ضد تعريف الIHRA ستكون بين كفتين، من ناحية الطلاب والموظفون الذين يمارسون الضغط ضد التعريف، ومن ناحية أخرى لدينا حكومة المملكة المتحدة التي تطلب اعتماده. من الواضح أي كفة لها وزن أكبر.
ونظرًا لأن إعلان القدس وتعريف التحالف يتعارضان مع بعضهما البعض في العديد من النقاط ، فسوف يجعل كلاهما غير قابلين للتشغيل، وبالتالي لن يكون لدينا تعريف ، وسيتعين عليهم الذهاب إلى قانون المساواة أو حقوق الإنسان وهو التشريع الذي نريدهم أن يذهبوا إليه عندما يكون هناك خطاب كراهية في الحرم الجامعي.
إجابة ريتشارد فولك: من المفيد التفكير في سبب تجاهل تعريف إعلان القدس في حين أن تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست كان له مثل هذا الزخم السياسي؟ يخضع القانون لسيادة الجغرافيا السياسية ولأن هناك تعزيزًا جيوسياسيًا واستخدامًا لتعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست ، فليس الأمر متعلق بصياغة أكثر إقناعًا أو أكثر حكمة لمعاداة السامية ، بل لأنها أداة ملائمة للفاعلين الجيوسياسيين وفي بانوراما كاملة للميادين التي تبرز فيها قضية إسرائيل / فلسطين ، فإن أولوية الجغرافيا السياسية واضحة ، وقبل كل شيء في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. إن الاستخدام الكامل لحق النقض هو تعبير عن خضوع القانون للجغرافيا السياسية وهذا يوجه فهمنا لهذا النوع من القضايا.
السؤال الثالث: من حيث الحجج المستخدمة في المحاكم هل يتم للتطريقة لاتفاقية قمع جريمة الفصل العنصري؟ نظراً لأن الاضطهاد الممارس ضد الكثير من المتهمين بمعاداة السامية هم أشخاص يحاربون شكلاً من أشكال الفصل العنصري، أم أن القضايا ترتكز بشكل أساسي على حق حرية التعبير؟
إجابة من جيوفاني فاسينا. هذه حجة قدمها المحامي أحمد عابد في محكمة بلجيكية ، لكنها القضية الوحيدة التي أعتقد أنها قدمت هذه الحجة. يجب أن أقول ، من واقع خبرتي ، أنه عندما يتعلق الأمر بالمحاكم الوطنية ، فإنها تضع في الاعتبار مصادر القانون الدولي لحقوق الإنسان ، لكن الشيء الأكثر فاعلية عادة هو استدعاء القانون المحلي أو الأوروبي ، هذا ما رأيناه. لأنه في العديد من الحالات الأخرى التي كنا نلجأ إليها في المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أو القانون الأوروبي ، فإن القضاة المحليين مترددين نوعًا ما في إصدار حكم يشير بوضوح إلى هذا الأمر ، وهذا ما رأيناه على الأقل في ألمانيا والنمسا.
السؤال الرابع: وفق تعريف كينيث ستيرن في مجلة ذا غارديان، قال بأن تعريف معاداة السامية يتم تسليحها لإسكات نقاد إسرائيل ، ما مدى أهمية هذا الاعتراف في مناقشة اليوم؟ أتخيل أن هذا يمكن أن يكون له أبعاد عديدة ، ما مدى أهمية ذلك للناس على الأرض على سبيل المثال ، حركات مثل “أصوات يهودية من أجل السلام”. هل هذا مهم أم لا؟
إجابة جيوفاني فاسينا: إنه مهم للغاية ، في الواقع نحن نستخدم هذا المقال باستمرار في كل مرة يتعين علينا المجادلة ضد تعريف الIHRA. لذلك فهي مهمة جدا.
إجابة اليز كوهين: هل يمكنني فقط إضافة شيء ما ، يقال الآن أن {كينيث} خرج بهذا التصريح من تلقاء نفسه ولم يتفق مع الآخرين . لذا فإن استراتيجية اسرائيل الآن هي محاولة تقويض تصريحاته.
_انتهى_
[*] تلخص هذه الورقة أهم ما ورد في الحلقة النقاشية من آراء ومواقف وتحليلات، كما هي. هذه الآراء لا تعبر بالضرورة عن موقف منظمة القانون من أجل فلسطين أو شريكتها منظمة ARDD إيجابا أو سلباً. تهدف المنظمتان عبر حلقات النقاشية المفتوحة إلى إثارة النقاش وتعميق الوعي بالآراء القانونية المختلفة في القضايا المطروحة، وليس إلى تبني موقف محدد منها أو دعمه بأية صورة من الصور.