القانون من أجل فلسطين تنظم ندوة في البرلمان الكندي تناقش مسؤولية كندا تجاه فلسطين بموجب القانون الدولي
نظمت القانون من أجل فلسطين، بالتعاون مع المفوضية الفلسطينية العامة في كندا وأعضاء البرلمان الكندي، ألكسندر بوليريس (نائب زعيم الحزب الديمقراطي الجديد) وإليزابيث ماي (زعيمة حزب الخضر الكندي) وماريو بوليو (الزعيم والرئيس السابق للكتلة الكيبيكية)، حدثًا هامًا بعنوان “تحمل المسؤولية: مسؤولية كندا تجاه فلسطين بموجب القانون الدولي” وذلك في 31 مايو/أيار 2023.
وقد جمع الحدث بين المتحدثين البارزين، والحضور المتنوع لأكثر من 150 من المسؤولين ونشطاء المجتمع المدني والباحثين، الذين انضموا إما شخصيًا أو عبر الإنترنت. وقد أقيم الحدث في مبنى البرلمان الكندي في أوتاوا، إلى جانب المنصة الافتراضية (زووم)، وذلك لمناقشة الاحتلال الإسرائيلي المطول للأراضي الفلسطينية ودور كندا في معالجة هذه القضية الهامة. وأدارت الحدث كارين رودمان، المدافعة عن حقوق الإنسان في منظمة القانون من أجل فلسطين.
وفي كلمتها الافتتاحية، شددت منى أبوعمارة، رئيسة المفوضية الفلسطينية العامة في كندا، على أهمية مسؤولية كندا تجاه القضية الفلسطينية كدولة ثالثة ومدافع رئيسي عن حقوق الإنسان والنظام الدولي القائم على القواعد. وحثت كندا على تجنب معاملة فلسطين كاستثناء مع التمسك بنزاهة النظام الدولي والتوقف عن معاملة إسرائيل على أنها معفاة من التزاماتها.
وطالب أعضاء البرلمان الحاضرين كندا بتحمل مسؤوليتها تجاه القضية الفلسطينية والعمل بجد من أجل إنهاء الاحتلال من خلال دفع إسرائيل لتحمل مسؤولياتها أمام المجتمع الدولي، والإسهام بالتالي في تحقيق العدالة والسلام في المنطقة.
وافتتحت فرانشيسكا ألبانيز، مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، الحوار بالتشديد على أن الاحتلال العسكري الإسرائيلي انتهك حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير لأكثر من نصف قرن. وسلطت الضوء على النهج الاستعماري الإسرائيلي، بما في ذلك استخدام المستوطنات غير القانونية لتفتيت الضفة الغربية وانتهاك الهوية الثقافية والتعبير السياسي الفلسطيني. وأكدت ألبانيز أن هذه الأعمال تشكل جرائم حرب بموجب القانون الدولي.
“هذا الانتهاك المنظم لحق تقرير المصير، المصحوب بمنطق تهجير السكان الأصليين واستبدالهم بمستوطنين غير شرعيين هو العلامة الرئيسية على الاستعمار الاستيطاني”.
كما تحدثت ألبانيز عن موقف كندا كقائد عالمي ومسئوليتها في الدفع اتجاه نقلة نوعية تجاه مسألة إسرائيل وفلسطين. وحثت كندا على إعادة فرض سيادة القانون الدولي واحترامه دون استثناءات أو معايير مزدوجة. وقدمت ألبانيز ثلاث توصيات: أولاً، يجب أن يكون إعمال حق تقرير المصير للفلسطينيين شرطًا مسبقًا لأي حلول تفاوضية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. ثانيًا، يجب على الدول الثالثة الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك تنفيذ العقوبات السياسية والاقتصادية ضد إسرائيل. ثالثًا، يجب أن تكون هناك مساءلة عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية من خلال متابعة القضايا في المحكمة الجنائية الدولية (ICC) ومحكمة العدل الدولية (ICJ)، وكذلك من خلال الولاية القضائية العالمية.
من جهته، انتقد مايكل لينك، المقرر الخاص السابق للأمم المتحدة المعني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، نهج كندا تجاه الاحتلال الإسرائيلي. وجادل لينك بأن دعم كندا للقانون الدولي من حيث المبدأ لم ينعكس في أعمالها، بحيث أنه وعلى الرغم من الاعتراف رسميًا بتطبيق القانون الدولي على الاحتلال الإسرائيلي، فقد فشلت كندا في دعم القرارات المؤيدة للفلسطينيين في الأمم المتحدة والتزمت الصمت في وجه الضم والاستعمار الإسرائيلي. وأكد لينك أن موقف كندا يقوض سمعتها الدولية والتزامها بنظام قائم على القواعد.
يستكشف لينك أيضًا الدور الأساسي للمستوطنات في تعميق الاحتلال الإسرائيلي، من خلال أنها تحيل الاحتلال إلى أن يصبح ضمًا. ويشير لينك إلى أن أكثر من 10 في المائة من سكان إسرائيل يعيشون الآن في مستوطنات غير شرعية في الأراضي المحتلة. وعلى الرغم من 7 قرارات لمجلس الأمن الدولي و 164 قرارًا للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن المستوطنات، ترفض إسرائيل اتخاذ أي إجراء.
“التفسير الوحيد المنطقي لاستمرار إسرائيل في الاحتلال وتكثيف نظام الاستيطان هو تكريس مطالبتها السيادية على أجزاء أو كل الأراضي الفلسطينية.” مايكل لينك
أما تريستينو مارينييلو، عضو الفريق القانوني الذي يمثل ضحايا الهجمات العسكرية الإسرائيلية على غزة أمام المحكمة الجنائية الدولية (ICC)، فناقش التقدم المحرز في تحقيق المحكمة في الوضع الفلسطيني، والذي قد يكون أحد أكثر الملفات الموثقة التي قد ترقى إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، ونهج كندا بخصوص هذا الملف. وسلط مارينيلو الضوء على المخاوف بشأن نقص الدعم لتحقيقات المحكمة الجنائية الدولية، بما في ذلك تخصيص أقل مخصصات الميزانية مقارنة بالقضايا الأخرى في المحكمة.
كما أشار إلى أن كندا اعترضت على انخراط فلسطين في المحكمة الجنائية الدولية، وأظهرت أنها تتعامل بسياسة الكيل بمكيالين عندما يتعلق الأمر بالعدالة الدولية. كما شدد مارينيلو على التزامات كندا كدولة طرف في نظام روما الأساسي، ودعاها إلى التعاون الجدي مع المحكمة الجنائية الدولية وتقديم الدعم في معالجة جرائم الحرب الإسرائيلية.
وسام أحمد، مدير مركز الحق للقانون الدولي التطبيقي، ناقش الماضي الاستعماري لكندا وعلاقته بحاضر فلسطين الاستعماري. وشدد على ضرورة معالجة كندا لتاريخها في ظل دعمها المعاصر لنظام الفصل العنصري الإسرائيلي. وسلط أحمد الضوء على دور مؤسسة الحق في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية بموجب القانون الدولي، بما في ذلك استهداف الأسس الرئيسية التي تدعم نظام الفصل العنصري، مثل البنية التحتية الاقتصادية التي تعمل داخل المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية وتديم الاحتلال. ومضى أحمد في تسليط الضوء على السمة المميزة للاستعمار الإسرائيلي مع استخدام إسرائيل للشركات متعددة الجنسيات. حيث ومن خلال الحافز الاقتصادي، تصبح الشركات الدولية والمجتمع العام متواطئين في المشروع الاستعماري الإسرائيلي المستمر على حساب الفلسطينيين.
وحث أحمد على سد الثغرات التي تمكن الصناديق الضريبية والخيرية من دعم مشاريع الاستيطان. وشدد على الحاجة إلى تنظيم الشركات الكندية العاملة في مناطق الصراع والاحتلال، كما دعا إلى حظر منتجات المستوطنات في كندا. وذكر أحمد أن عدم اتخاذ هذه الإجراءات من شأنه أن يسهم في قبول وجود المستوطنات غير القانونية، وبالتالي تقويض النظام القانوني الدولي.
وتحدث نيف جوردون، أستاذ القانون الدولي في جامعة كوين ماري بلندن، عن استخدام إطار الفصل العنصري لوصف معاملة إسرائيل للفلسطينيين. وسلط الضوء على كيفية استخدام مصطلح “الفصل العنصري” من قبل العديد من المقررين الخاصين للأمم المتحدة لوصف تصرفات إسرائيل داخل الأراضي المحتلة. وأقر غوردون بقيود هذا الإطار لكنه شدد على شرعيته القانونية في فضح أفعال إسرائيل على أنها إجرامية. كما ناقش أركان الفصل العنصري الإسرائيلي، بما في ذلك إضفاء الطابع المؤسسي على التمييز من خلال القوانين الإسرائيلية، ودور بعض الجهات الفاعلة في المجتمع المدني التي “تعزز وتسهل” جريمة الفصل العنصري الإسرائيلي.
كما تناول جوردون تداعيات دعم كندا لنظام الفصل العنصري في الخارج. وحث كندا على تنفيذ تدابير أكثر تأثيرًا، بما في ذلك العقوبات التجارية وسحب الاستثمارات، من أجل التصدي لانتهاكات إسرائيل للقانون الدولي. بالإضافة إلى ذلك، دعا الكنديين إلى توخي اليقظة فيما يتعلق بصادرات إسرائيل، لأنها تساهم في إضفاء الشرعية على الممارسات غير الديمقراطية في الدول التي يفترض أنها ديمقراطية. مضيفا: “أنا أشير هنا إلى ديمقراطية الفصل العنصري. نوع من الديمقراطية يوفر جميع حقوق الإنسان الأساسية لمجموعة عرقية واحدة أنتمي إليها، مع حرمان مجموعة عرقية أخرى من هذه الحقوق نفسها، لتعزيز الهيمنة”.
كما ألقى الحدث الضوء على التأثير المقلق لتعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست (IHRA) لمعاداة السامية. وأسهبت لارا فريدمان، رئيسة مؤسسة السلام في الشرق الأوسط، في الموضوع، مؤكدة على الأمثلة الإشكالية الواردة في التعريف. وقالت إن هذه الأمثلة تطمس عن قصد الخط الفاصل بين النقد المشروع لإسرائيل ومعاداة السامية. وأكدت فريدمان أن تعريف (IHRA) يعيق الجهود الحقيقية لمكافحة معاداة السامية من خلال استهداف الفلسطينيين وداعمي حقوقهم بشكل غير عادل. وأكدت أن الدعم القوي لتعريف (IHRA) يأتي من الحكومة الإسرائيلية والجماعات الموالية لإسرائيل التي تسعى إلى حمايتها من المساءلة عن أفعالها ضد الشعب الفلسطيني.
“هذا التعريف هو عنصرية معادية للفلسطينيين في أحد أكثر أشكالها فظاظة، وأعتقد أنه يجب الاعتراف به على هذا النحو”. لارا فريدمان
علاوة على ذلك، أشارت فريدمان إلى أن تعريف (IHRA) واجه جدلًا أكاديميًا كبيرًا، مع تعريفات بديلة اقترحها المجتمع اليهودي. وأكدت بقوة أن “هذا التعريف هو عنصرية معادية للفلسطينيين في أحد أكثر أشكالها فظاظة، وأعتقد أنه يجب الاعتراف به على هذا النحو”. وأكدت فريدمان أن أي تأييد من كندا لتعريف (IHRA) لن يؤدي إلا إلى إضفاء الشرعية على تعريف إشكالي للغاية.
وخلال جلسة الأسئلة والأجوبة، تناول المتحدثون استفسارات الحضور، وتعمقوا في الموضوعات التي تمت مناقشتها خلال كلماتهم. وفّر هذا الحدث منصة للمناقشات الحاسمة حول مسؤولية كندا تجاه فلسطين بموجب القانون الدولي وآثاره.