اتهام اسرائيل ب ” الفصل العنصري ” لا أساس له ومدفوع بأجندة
بقلم يوجين كونتوروفيتش[1]
اتهام اسرائيل الفصل العنصري أجندة
الأصل الإنجليزي هنا
ترجمة آلاء أبو ماضي
ل: منظمة القانون من أجل فلسطين
يعتقد كونتوروفيتش بأن تقرير هيومن رايتس ووتش الجديد الذي يتهم إسرائيل بارتكاب جريمة الفصل العنصري ما هو -رغم طوله- إلّا مجرّد وثيقة بروباغندا: مليئة بالأكاذيب والتحريفات، والعالم الذي يصفه هو عالم مواز. يقول كونتوروفيتش إن معالجة مستند مدفوع ب أجندات معينة ومنحرف بهذا الشكل، يمثّل تحدياً في التعامل مع الأكاذيب الكبيرة: مجرد التعامل معها يعطيها بعض المصداقية على أقل تقدير، لخطورتها وتطبيعها للاتهامات الدرامية ضد الدولة اليهودية. وهذا النقاش بالذات الذي أطلقته “المدونة الأوروبية للقانون الدولي” (EJIL) هو جزء من المشكلة: فهو مثل الجدال مع منكري وباء كورونا، فمجرد النقاش هو تعبير عن هزيمة ذاتية لأولئك الذين ينتقدون حجة هيومن رايتس ووتش.
الشيء الاستثنائي في مثل هذا الاتهام هو أنه، بحسب كونتوروفيتش، حتى لو يتمكن مؤيدوه من اقناع الناس بطرحه بشكل كامل، فإنهم نجحوا في ترك وصمة عار لنزع الشرعية. لا يمكن لهذا الرد أن يحاول دحض كل البيان المطول، أو حتى الإشارة إلى بعض الأخطاء الوقائعية (ومن أجل ذلك بامكانك النظر في الصفحات 5 إلى 9 من هذه الورقة المرفقة، والتي تم استخلاص بعض مواد هذا المنشور منها أيضًا). وبالتالي فإن هذا عبارة عن رد جزئي جدًا في أقصى تقدير. سيكون الهدف هنا هو الإشارة إلى بعض الأخطاء المنهجية الأساسية، بالإضافة إلى سمات التقرير التي تلقي بظلال من الشك على مصداقيته.
قد تكون إسرائيل منخرطة في ممارسات ضارة وغير قانونية، كما يقول كونتوروفيتش، وكما هو الحال مع العديد من الديمقراطيات الغربية التي تعتبر شرعيتها أمراً مفروغاً منه. في الواقع، اعتبر الكثيرون أن الولايات المتحدة متجذرة بشكل أساسي في العنصرية النظامية ومبنية على العبودية – وهي اتهامات خطيرة للغاية، ومع ذلك، لم تصنّف وتوصف بجريمة “الفصل العنصري” من هيومن رايتس ووتش أو غيرها من الجماعات التي تدعي استناد مطالبها على القانون الدولي. يمكن أن تخضع العديد من السياسات التي تشير إليها هيومن رايتس ووتش لانتقادات مشروعة، مثل الممارسات المزعومة لشرطة الولايات المتحدة من إعدام للسود خارج نطاق القضاء.
تتجاوز خطورة تصنيف الفصل العنصري سياسات بحد ذاتها، وتذهب للدعوة إلى تغيير النظام، بحسب كونتوروفيتش. ويضيف: فقط دولة واحدة تم اعتبارها دوليًا على أنها دولة “فصل عنصري” من قبل – جنوب إفريقيا، والتي ظهر هذا المسمى من وحي لغتها. حيث قوبلت جنوب افريقيا بمقاطعة دولية أدت في النهاية إلى انهيار النظام. لم يكن ذلك من قبيل المصادفة، فقد أصبح النشاط السياسي المناهض لإسرائيل الآن في المقام الأول تحت العلامة التجارية “BDS” –وتعني المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات. وتسمية الفصل العنصري هنا هي مجرّد محاولة لتبرير ذلك.
تتجاوز خطورة تصنيف الفصل العنصري سياسات بحد ذاتها، وتذهب للدعوة إلى تغيير النظام
وفيما يلي، يحاول كونتوروفيتش بناء الأساسات لتوضيح مدى نشوز التقرير، حسب قوله. حيث يضيف: إن موقف هيومن رايتس ووتش متطرف للغاية، فهو يتجاوز حتى مواقف بعض معارضي إسرائيل، مثل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، أو النقاد مثل المحكمة الجنائية الدولية. وفي خطاب ألقاه قبل أسابيع قليلة من تقرير هيومن رايتس ووتش، أوضح عباس أن إسرائيل ليست دولة فصل عنصري في الوقت الحالي (على الرغم من أنه لم يستبعد أن تصبح دولة فصل عنصري “في نهاية المطاف”). ويذكر أن المحكمة الجنائية الدولية بدأت في التحقيق في الجرائم المحتملة التي ترتكبها إسرائيل منذ سنوات، ومع ذلك لم يذكر مكتب المدعي العام الفصل العنصري كجزء من تحقيقه على الإطلاق.
بعد بضعة أشهر فقط من نشر التقرير، بحسب كونتوروفيتش، شكلت إسرائيل حكومة جديدة ليس فيها عدد كبير من العرب فحسب، بل حزب إسلاميّ عربيّ أيديولوجيّ يمتلك سلطة حاسمة. وهكذا، فإن دولة الفصل العنصري المفترضة هي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي يوجد فيها حزب من جماعة الإخوان المسلمين في الحكومة، بدلاً من أن يتم قمعه.
ربما تكون المشكلة المنهجية الأساسية في التقرير –عدا عن التحريفات والتشويهات -، والكلام هنا لكونتوروفيتش، هي أنه لا يبدأ بأي معيار موضوعي أو قابل للقياس فيما يتعلق بالممارسات التي ترقى إلى الفصل العنصري. تنتشر السياسات العنصرية الاستثنائية في جميع أنحاء العالم، ولعل الإبادة الجماعية للأويغور والتبتيين والأقليات الأخرى في الصين هي مثال مقنع في هذا الصدد. ومع ذلك، رأينا منظمة هيومن رايتس ووتش تنتقد ممارسات بعينها لبعض الحكومات الأخرى على أنها ممارسات فصل عنصري بطبيعتها، إلا أنها لم تتهم الحكومات أبدًا بأنها نفسها نظام فصل عنصري.
ونتيجة لذلك، لا يوجد قاعدة تستند عليها في اتهاماتها. بدلاً من ذلك، فإن منهجية التقرير هي ببساطة وصف ما تفعله إسرائيل (أو في بعض الحالات فعلته منذ عقود، أو لم تفعله مطلقًا في حالات أخرى) وقرنه بالفصل العنصري، دون الحاجة إلى عناء القياس المسبق أو الموضوعي. هيومن رايتس ووتش ترمي سهامها ومن ثم ترسم الهدف من حولهم.
ويضيف كونتوروفيتش: خذ على سبيل المثال نظامًا لم تتهمه هيومن رايتس ووتش بالفصل العنصري كليًا أو جزئيًا. تخيل أن الحكومة التي تحظر بيع الأراضي لأقلية تحت وطأة الموت، وتدفع في الواقع مكافآت لقتل أعضاء تلك الأقلية خارج نطاق القضاء، بينما تحافظ على نظام تعليم عنصري يشيطن تلك الأقلية. هل يتوافق ذلك مع تعريف منظمة هيومن رايتس ووتش للفصل العنصري؟ على ما يبدو لا، لأن هذه هي السياسات الرسمية لفلسطين ضد اليهود. ومع ذلك، في تقرير مطول عن الفصل العنصري والفلسطينيين، لم تذكر هيومن رايتس ووتش أيًا من هذا ولو مرة واحدة. وهذا يوضح أيضًا أن عملها هو وثيقة مناصرة، وليس مناقشة جادة للجريمة في سياق جيوسياسي خاص.
وبشكل مماثل، يستخدم التقرير بحسب كونتوروفيتش لغة عنصرية، حيث يشير إلى جميع العرب في المنطقة على أنهم “فلسطينيون”، رغم أن العديد منهم هم من الدروز أو البدو أوالشركس. يكشف نفي هذه الهويات الوطنية باسم السيادة الفلسطينية عن طبيعة تقرير هيومن رايتس ووتش؛ وهي أنه تقرير نشطاء المناصرة.
يستخدم التقرير بحسب كونتوروفيتش لغة عنصرية، حيث يشير إلى جميع العرب في المنطقة على أنهم “فلسطينيون”، رغم أن العديد منهم هم من الدروز أو البدو أوالشركس
تتهم هيومن رايتس ووتش إسرائيل بالفصل العنصري بسبب قانون الدولة القومية، وهو إجراء رمزي وتوضيحي إلى حد كبير حول الهوية الوطنية لا يختلف عن أحكام الهوية الجماعية في العديد من الدساتير الأوروبية.لا ينظّم القانون الفلسطينيين أو عرب إسرائيل بأي شكل من الأشكال، ومن الانحراف مساواته بـ “الأعمال غير الإنسانية” من قتل واستعباد وما شابه ذلك من متطلبات التعريفات القانونية للفصل العنصري.
ويقول كونتوروفيتش بأن الفصل العنصري يعرّف في “اتفاقية الفصل العنصري” على أنه “سياسة ممنهجة لأفعال غير إنسانية” تُرتكب لغرض إقامة والحفاظ على سيطرة فئة عرقية واحدة من الأشخاص على أي فئة عرقية أخرى من الأشخاص وقمعهم بشكل منهجي”. تحدد الاتفاقية أيضًا سياسات جنوب إفريقيا كمعيار أساس لتقييم ما إذا كانت السياسات ترقى إلى مستوى الفصل العنصري – “سياسات وممارسات مماثلة للفصل العنصري والتمييز كما تُمارس في جنوب إفريقيا”.
نظرًا لأن عنصر الفعل الإجرامي للجريمة غير محدد إلى حد ما، ولأن عنصر النية محدد للغاية ولكن يصعب تقييمه من الناحية العملية، فإن نموذج جنوب إفريقيا ضروري لتقييم ما إذا كانت الجريمة قد حدثت أم لا. وربما يرجع السبب في ذلك إلى أن ممارسة جنوب إفريقيا كانت مميزة جدًا لدرجة أنه لم يتم الاعتراف بممارسات دولة أخرى على نطاق واسع من قبل الدول الأخرى على أنها ترقى إلى مستوى الفصل العنصري.
وبالتالي، بحسب كونتوروفيتش، فإن أحد نقاط الضعف الأساسية في التقرير هو فشله في فحص ما حدث في جنوب إفريقيا ومقارنته بالحالة المعنية. في الواقع، ربما تكون هيومن رايتس ووتش على علم بهذا الفشل – لأنها تستشهد أيضًا بتعريف نظام روما الأساسي للفصل العنصري، والذي لا يشير صراحة إلى جنوب إفريقيا كخط أساس. وبينما ادعت المحكمة الجنائية الدولية الاختصاص القضائي على “فلسطين”، فإنها لم تطالب بأي ولاية قضائية من هذا القبيل داخل حدود إسرائيل. قانون الدولة القومية، والعديد من السياسات الأخرى التي تشير إليها هيومن رايتس ووتش، لا تنطبق على ما تسميه المحكمة الجنائية الدولية الأراضي الفلسطينية.
ويرى كونتوروفيتش بأن جوهر الفصل العنصري كان الفصل الجسدي – التفرقة – بين الناس على أساس التسلسل الهرمي العرقي المُشرَّع. بينما لا توجد فروق عرقية أو إثنية في القانون الإسرائيلي. وبموجب قانون حجز المرافق المنفصلة في جنوب إفريقيا لعام 1953، يمكن تخصيص أراضي البلدية لعرق معين، مما يؤدي، من بين أمور أخرى، إلى إنشاء شواطئ وحافلات ومستشفيات ومدارس وجامعات منفصلة. داخل إسرائيل لا يوجد فصل من هذا النوع. في يهودا والسامرة، يشتري الإسرائيليون والفلسطينيون من نفس المتاجر، ويعملون معًا، وما إلى ذلك. في جنوب إفريقيا، تم فصل الشواطئ العامة، حمامات السباحة، جسور المشاة، أماكن وقوف السيارات في السينما، الحدائق، والمراحيض العامة. كانت المطاعم والفنادق مطالبة بحظر السود. في إسرائيل وجميع الأراضي الواقعة تحت سلطتها، يقصد الفلسطينيون المتاجر والمطاعم نفسها التي يقصدها اليهود. صحيح أن اليهود مستبعدون بحكم الأمر الواقع من الأراضي التي يسيطر عليها الفلسطينيون، لكن ليس هذا هو الفصل العنصري الذي تفكر فيه هيومن رايتس ووتش.
ويضيف كونتوروفيتش: بموجب قانون مواطنة البانتو لعام 1970، جردت الحكومة السود في جنوب إفريقيا من جنسيتهم، مما حرمهم من حقوقهم السياسية والمدنية القليلة المتبقية في جنوب إفريقيا. بالتوازي مع إنشاء الأوطان، تعرض السكان السود في جنوب إفريقيا لبرنامج هائل لإعادة التوطين القسري. لم تقم إسرائيل بنقل المواطنين العرب إلى أراضي منظمة التحرير الفلسطينية أو سحب الجنسية. تم إنشاء “البانتوستانات” السوداء من قبل حكومة الفصل العنصري نفسها بموجب سلسلة من القوانين، والتي قامت بترحيل وإعادة توطين السود في هذه المناطق. ولأنهم كانوا يُنظر إليهم عمومًا على أنهم دمى البريتوريا، فإن استقلالهم المفترض لم تعترف به دول أخرى. لقد تم تشكيل الحكومة الفلسطينية من قبل الفلسطينيين أنفسهم ومعترف بها دوليًا كممثل شرعي للشعب الفلسطيني من قبل كل دولة في العالم تقريبًا. تحكم السلطة الفلسطينية 90٪ من السكان الفلسطينيين كما نصت عليه اتفاقيات أوسلو.
وفيما حُرم السود في جنوب إفريقيا من حقوقهم السياسية، بحسب كونتوروفيتش، يتمتع عرب إسرائيل بحقوق التصويت الكاملة في انتخابات الكنيست، ويتمتع الفلسطينيون في الأراضي بحقوق التصويت في المجلس التشريعي الفلسطيني. لا يتمتع المواطنون الإسرائيليون بحق التصويت في الحكومة الفلسطينية، لأنها حكومة مختلفة ومستقلة. على نفس المنوال، لا يصوت الفلسطينيون في الكنيست – ليس لأنه فصل عنصري، ولكن لأنه منذ اتفاقيات أوسلو عام 1993، كان لديهم حكومتهم الخاصة. يعترف المجتمع الدولي باستقلال الحكومة الفلسطينية، ولا يمكن إنكار أن عملية صنع القرار فيها مستقلة ومضادة لقرار إسرائيل. سيكون من الصعب تخيل أن المحكمة الجنائية الدولية تقبل بانتوستان كحزب دولة.
على عكس مواطني جنوب إفريقيا غير البيض، منحت إسرائيل، بحسب كونتوروفيتش، للفلسطينيين دولة كاملة في مرات عديدة – في عمليات دبلوماسية تتمتع بالشرعية والمدعومة دوليًا. لقد رفضوها عدة مرات. إن العروض المتكررة للاستقلال الكامل للفلسطينيين أنفسهم تنفي أي نية “للحفاظ على الهيمنة” عليهم كما هو مطلوب في التعريفات القانونية للفصل العنصري. اعتبرت السلطة الفلسطينية أن الصفقات الدبلوماسية المقترحة، والتي تقدم أكثر من 97٪ من الضفة الغربية غير كافية، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أنها تتطلب إنهاء الصراع. هذا يختلف تمامًا عن نموذج جنوب إفريقيا، حيث لم يكن الاستقلال الموثوق لدولة ذات الأغلبية السوداء مطروحًا على الطاولة أبدًا حتى الصفقة التي أنهت النظام.
على عكس مواطني جنوب إفريقيا غير البيض، منحت إسرائيل، بحسب كونتوروفيتش، للفلسطينيين دولة كاملة في مرات عديدة – في عمليات دبلوماسية تتمتع بالشرعية والمدعومة دوليًا
فشل منهجي رئيسي آخر يتحدث عنه كونتوروفيتش، وهو أن التقرير يتعامل مع الفلسطينيين كجمادات صامتة، وليس كفاعلين سياسيين شكلوا مصيرهم بأنفسهم. على وجه الخصوص، يتجاهل واقع الحكم الذاتي الفلسطيني والجهود الفلسطينية المنهجية لقتل اليهود الإسرائيليين. ومع ذلك، منذ عام 1993، كان للفلسطينيين حكومتهم الخاصة، والتي تنظم كل جانب من جوانب حياتهم تقريبًا. على عكس البانتوستانات في جنوب إفريقيا، فإن حكومة السلطة الفلسطينية معترف بها من قبل معظم دول العالم، وتعمل خارج السيطرة الإسرائيلية. على عكس جنوب إفريقيا، لا تفرض إسرائيل ضرائب على الفلسطينيين أو تسندهم أو تفرض عليهم تشريعات أخرى.
ويؤكد كونتوروفيتش أنه وبموجب اتفاقيات أوسلو، اتفقت حكومة السلطة الفلسطينية وإسرائيل على إطار عمل لتقسيم السلطة والولاية القضائية في المناطق التي تتشابك فيها حكوماتهم وسكانهم. تستشهد منظمة هيومن رايتس ووتش بهذه الميزات كدليل على الفصل العنصري – في الواقع قائلة إن اتفاقيات أوسلو المدعومة دوليًا، والتي تم منحها العديد من جوائز نوبل للسلام، تعادل الفصل العنصري، الذي من أجله مُنحت جوائز نوبل للسلام لمن أنهوها. كما تحكم حماس غزة بالكامل منذ انسحاب إسرائيل في عام 2005.
ويرى كونتوروفيتش بأنه ومن خلال التظاهر بعدم وجود الحكومة الفلسطينية، يتجاهل التقرير بشكل ملحوظ سياسات الفصل العنصري الفعلية. تدفع السلطة الفلسطينية رواتب سخية للناس لمجرد قتل اليهود – مع مدفوعات أكبر لهجمات أكبر.وتحظر على الفلسطينيين – بعقوبات شديدة – بيع الأراضي لليهود. وتلقن الأطفال بالكتب المدرسية المعاداة للسامية. تشبه هذه السياسات الفصل العنصري، وهي غير موجودة في أي مكان في تقرير هيومن رايتس ووتش الطويل. في الواقع، يتحدث التقرير عن “الفلسطينيين الإسرائيليين”، لكنه لا يتحدث أبدًا عن الفلسطينيين اليهود – لأن السلطة الفلسطينية أنشأت نظامًا يستحيل فيه على اليهود العيش في نطاق سلطتها، وتقوم بحملات نشطة لطرد جميع اليهود من الضفة الغربية.
ويضيف كونتوروفيتش: تم إنشاء جميع القيود المفروضة على الحركة والجدار الفاصل ليس كجزء من سياسة الفصل العنصري، ولكن فقط ردًا على موجة الإرهاب القاتلة التي أطلقتها السلطة الفلسطينية عام 2000، والتي قتلت أكثر من 1000 إسرائيلي. لا جدال في أن مثل هذه القيود لم تكن موجودة من قبل. تحاول هيومن رايتس ووتش تصوير الدفاع عن النفس على أنه إخضاع، وهنا لا يُذكر القتل الجماعي للمدنيين الإسرائيليين.
وبالفعل، فإن التقرير في رأي كونتوروفيتش يتستر على الإرهاب ضد اليهود ويشوه إسرائيل. ويشير إلى منظمة حماس الإرهابية على أنها “حزب سياسي”. وفي 13 إشارة إلى المنظمة التي تحكم غزة، لم تعترف هيومن رايتس ووتش أبدًا ولا مرة واحدة بأن حماس مدرجة كمنظمة إرهابية من قبل إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وغيرها – في 217 صفحة. ويختم كونتوروفيتش بالقول: فشلت هيومن رايتس ووتش بتوضيح عدم قيامها بذلك. هذا ليس أسلوب تقرير جاد فكريا، وإنما حملة سياسية الدوافع.
[1]كونتوروفيتش هو أستاذ القانون ومدير مركز الشرق الأوسط والقانون الدولي بكلية أنطونين سكاليا للقانون – جامعة جورج ميسون. استنادًا إلى مجلة منظمة “Women in Green”، فإن كونتوروفيتش يعيش في مجمع “ألون شفوت”، وهي مستوطنة إسرائيلية تقع في الأراضي الفلسطينية المحتلة. انظر عدد المجلة (ص16). رابط هنا (ملاحظة للمترجم).
Sovereignty, Issue no. 2, Shevat 5774. Published by Women in Green and the Forum for Sovereignty. January 2014
–
* لا تتحمل القانون من أجل فلسطين أية مسؤولية عن محتوى المقالات المنشورة في موقعها. تعبر المقالات عن آراء أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن آراء المنظمة. تتعهد القانون من أجل فلسطين بإتاحة المجال، دائما، لكل الكتّاب ولتبادل وجهات النظر وإثراء النقاش من كافة الأطراف على قاعدة الاحترام المتبادل.
** هذا المقال هو جزء من سلسلة مقالات كانت نشرتها مدونة المجلة الأوروبية للقانون الدولي EJIL TALK باللغة الإنجليزية، حول تقرير “هيومن رايتس ووتش” بخصوص اتهامات الفصل العنصري الموجهة إلى إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة ( فلسطين ) وضمن حدودها. قمنا في منظمة القانون من أجل فلسطين بترجمة أهم الأفكار التي وردت في السلسلة كاملة، ويسعدنا تقديمها للقرّاء العرب لما تحتويه من حجج قانونية مساندة وأخرى معارضة للتقرير، إلى جانب رد منظمة هيومن رايتس ووتش نفسها على هذه الحجج. للاطلاع على المقالات الآخرى المترجَمة ضمن هذه السلسلة، انظر أدناه