جوناثان كوك: إسرائيل وأمريكا ترهبان المحكمة الجنائية الدولية من مساعدة فلسطين
اللغة الأصلية للنص: الإنجليزية
عنوان المقال بالإنجليزية:
The US and Israel are scaring the ICC away from helping Palestine
رابط المقال الاصلي و مصدره بالانجليزية: هنا
تاريخ نشر المقال الأصلي: 9 يوليو/حزيران 2020
الكاتب: جوناثان كوك. وهو صحفي وكاتب بريطاني، ألف ثلاثة كتب عن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني: الدم والدين: كشف قناع الدولة اليهودية (2006)، إسرائيل وصدام الحضارات: العراق وإيران وخطة إعادة تشكيل الشرق الأوسط (2008)، اختفاء فلسطين: تجارب إسرائيل في التيئيس (2008). كما ساهم بفصول ومقالات في عدة مجلدات محررة عن إسرائيل وفلسطين.
ترجمه الى العربية: خلود ماضي
ل القانون من أجل فلسطين ©
“لم تفعل الجنائية الدولية الكثير للفلسطينيين مسبقا، لكنها ستفعل أقل فى ظل هذا المناخ المليء بالتهديد والترهيب”. هكذا بدأ الكاتب جوناثان كوك مقاله عبر صحيفة “ذا ناشونال”، والذي يشرح فيه الإجراءات والتهديدات الإسرائيلية والأمريكية للمحكمة الجنائية الدولية بسبب قرارها بأن دولة فلسطين تقع تحت اختصاصها.
يوضح الكاتب أن المحكمة الجنائية الدولية عندما أُنشأت فى 2002 كان من المتصور أنها ستكون بمثابة رادع لمن يخالف النظام الدولي، و تساعد على منع تكرار الأعمال الوحشية التى حدثت فى الحرب العالمية الثانية، ولكن تلك الأماني لم تدم طويلاً. فإن المحكمة الواقعة في لاهاي، ستواجه اختياراً صعباً إذا كانت تجرؤ على مواجهة القوة العظمى الرائدة فى العالم. لا سيما الولايات المتحدة وهي التي تشن حالياً “حربا على الإرهاب”.
وأشار الكاتب للمسار الذي اختاره المدعون العموميون في المحكمة الجنائية الدولية، حيث أنهم لم يحركوا أيا من القضايا المتعلقة بالغزو الأمريكي لأفغانستان والعراق. وبدلا من ذلك، اختاروا أسهل الأهداف وهو التوجه للقارة السمراء، ولفترة طويلة، وكأن جرائم الحرب لم يرتكبها سوى الافارقة. ويرى الكاتب أنه يبدو أن المدعية العامة الحالية للمحكمة فاتو بنسودة مستعدة لإعطاء المحكمة بعض الأسنان -على حد تعبيره-، حيث هددت باستجواب دولتين وهما الولايات المتحدة الامريكية وإسرائيل، اللتان كانت أفعالهما ضارة بالقانون الدولى فى العصر الحديث.
واستكمل الكاتب بأن تحقيق المحكمة بخصوص إسرائيل يدور حول الجرائم المرتكبة بواسطة الجنود الإسرائيليين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وكذلك مسؤوليتها الرسمية عن مشروع الاستيطان غير القانوني. و يؤكد الكاتب أن هذه التحقيقات مهمة؛ لأن الانتهاكات الإسرائيلية الصارخة للقانون الدولي مستمرة لأكثر من نصف قرن. وهذا بالضبط ما ارتعبت منه كل من واشنطن و تل أبيب، حسب وصف الكاتب.
وأشار الكاتب الى موقف مايك بومبيو وزير الخارجية الامريكية و هجماته على المحكمة. قائلاً إن إدارته كانت “مصممة على منع الأمريكيين وأصدقائنا وحلفائنا في اسرائيل وأماكن أخرى من المثول أمام هذه المحكمة الجنائية الدولية الفاسدة”.
كما يشير الكاتب إلى أن هناك أغلبية كبيرة من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي من الحزبين قد أرسلت رسالة الى بومبيو تحثه على ضمان “دعم قوي” لاسرائيل ضد محكمة لاهاي. حيث حاولت اسرائيل المطالبة بالإعفاء من التزامات القانون الدولي لأنها لم تصدق على نظام روما الأساسي ولم تنو القيام بذلك أبدا، وهذا يوضح المشكلة. فالقانون الدولى موجود لحماية الضعيف من تعسف وتغول الأقوياء. لذا من الطبيعي ألا يقبل الجاني بالسعي الجنائي لضحيته، وأن يأذن له بتقدم شكوى، ولا يقرر فتح التحقيق من عدمه. وهذا بالضبط ما يجب تطبيقه حتى يكون للقانون معنى.
ويوضح الكاتب أنه حتى في ظل عهد بنسودة، فالعملية قد طال أمدها إلى مالا نهاية، حيث استغرق الأمر سنوات حتى قام مكتبها بعمل تحقيق أولى وقالت فى نهاية أبريل أن فلسطين تقع تحت اختصاص الجنائية الدولية لأنها مؤهلة “كدولة”.
ويستكمل الكاتب بأن هذا التأخير لم يكن مبرراً لأن فلسطين كانت دولة معترفٌ بها من الأمم المتحدة وكانت قادرة على الانضمام لنظام روما الأساسي من خمس سنوات مضت.
ومن جهة أخرى، تجادل اسرائيل بأن هناك نقصا يعتري كينونة فلسطين كدولة نظرًا لأنها ناقصة السيادة، هذا وقد أضافت مجموعة حقوق الانسان الاسرائيلية “بتسليم” أن هذا بسبب قيام إسرائيل بإحتلال أراضيها وتهجير سكانها بشكل غير قانونى.
ويكمل الكاتب أن بنسودة طالبت قضاة المحكمة البدء عبر الإعلان بسريان اختصاص المحكمة على فلسطين، ولكنه ليس من الواضح متى سيصدرون حكمهم.
وأضاف الكاتب أن تهديد بومبيو بأن “الولايات المتحدة ستوضح قريبا كيف سترد” إنما يستهدف تخويف المحكمة. فى حين أن بنسودة حذرت من أن مكتبها يتعرض “لحملات تضليل و تشويه”، حيث اتهم رئيس الوزراء الاسرائيلي المحكمة فى ينايرالماضي بأنها “معادية للسامية”.
وفى الماضي، رفضت واشنطن تأشيرة سفر السيدة بنسودة وهددت بمصادرة أصولها وأصول قضاة المحكمة و محاكمتهم. كما تعهدت أمريكا باستخدام القوة لتحرير أي اميركي داخل قفص الاتهام.
وكان اسرائيل تحججت بان عدم الوصول لحل في عملية أوسلو يمنع الفلسطينيين من المطالبة بإقامة دولتهم. وهذا من شأنه أن يترك لاسرائيل ولاية الاختصاص على الأراضي، وليس للمحكمة الجنائية الدولية، ولكن بنسودة أشارت إلى أن هذه المسألة مجرد تضليل.
ثم أكد الكاتب على أنه ليس للمشتبه به جنائياً أن يقرر ما إذا كان بمقدور واستطاعة المجنى عليهم رفع دعوى أو الحكم على جاهزية النظام القانونى للقيام بالتحقيق.
وكرد فعل على ما أعلنته اسرائيل من خطط وشيكة لضم مساحات من الأراضي الفلسطينية في الضفة قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس للمحكمة الجنائية الدولية أنه حال تحقق ذلك ستعتبر السلطة الفلسطينية نفسها في حل من التزاماتها وفقا لاتفاقية أوسلو. واستكمل الكاتب أن هذا الضم حدث بعد إعطاء الرئيس ترامب الضوء الأخضر بموجب “خطة السلام” (صفقة القرن) التي كشف عنها فى وقت سابق من هذا العام.
ويشير الكاتب إلى أن ولاية المدعية العامة الحالية بنسودة ستنتهي العام المقبل، و اسرائيل تأمل فى الاستمرار بالمماطلة حتى تنتهى ولايتها، حيث دعا الياكيم روبنشتاين القاضي السابق في المحكمة العليا الإسرائيلية مؤخراً لحملة لضمان أن يكون خليفتها أكثر تعاطفا مع اسرائيل. ولكن فى المقابل، إذا حصلت بنسودة على الضوء الأخضر، فمن المرجح أن يتم استدعاء نتنياهو ومجموعة من الجنرالات السابقين، من بينهم وزير دفاعه بيني جانتس، للتحقيق.
وإذا رفضوا، سيتم استصدار أمر توقيف قابل للتنفيذ نظريا فى 123 دولة صدقت على النظام الأساسي للمحكمة. و بالتأكيد، لا تأمل كل من اسرائيل وأمريكا الوصول لتلك النقطة. حيث جنّدوا حلفاء رئيسيين فى هذه المعركة، من بينهم استراليا و كندا و البرازيل وعدة دول أوروبية، ومن بينها ألمانيا، التى هددت بإلغاء مساهمتها المالية إذا استمرت الجنائية الدولية في إجراءاتها، وهى تعتبر ثانى أكبر مانح مالي للمحكمة.
ويشير الكاتب إلى ما كتبه المستشار القانوني للجيش الاسرائيلى موريس هيرش -و الذي ينظر اليه بأنه مقرب من نتنياهو- فى جريدة “اسرائيل هيوم”، حيث اتهم بنسودة بأنها “حجر شطرنج تعيس في يد الارهابيين الفلسطينيين”، كما اقترح أن تهدد دول أخرى بسحب مساهمتها، بالاضافة الى رفضه منح موظفي المحكمة الجنائية تأشيرات السفر اللازمة لاجراء تحقيقاتهم.
وأخيراً، اختتم الكاتب مقاله بأن هذا من شأنه أن يدمر أى إمكانية لتنفيذ القانون الدولي، وهي نتيجة ستسعد اسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية بها. كما سيجعل المحكمة الجنائية الدولية مجرد حبر على ورق.