مسألة أولية لكنها ضرورية: انطباق مفهوم الفصل العنصري على الأراضي المحتلة
بقلم: ماركو لونجوباردو Marco Longobardo: وهو محاضر في القانون الدولي بجامعة وستمنستر في المملكة المتحدة، ومؤلف كتاب “استخدام القوة المسلحة في الأراضي المحتلة”، الذي أخذ شهرة واسعة وتم الاستشهاد به من قبل لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة والمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية.
عنوان المقال بالإنجليزية:
Preliminary but Necessary: The Question of the Applicability of the Notion of Apartheid to Occupied Territory
الأصل الإنجليزي -موقع Just Security-: هنا
ترجمة: مي شاهين
ل: لقانون من أجل فلسطين ©
يناقش ماركو لونجوباردو في هذا المقال مدى انطباق مفهوم الفصل العنصري في حالات الاحتلال، وما إذا ما كان هذان المفهومان القانونيان (الأبارتايد والاحتلال) متنافيان؟ ويرى أن هذا السؤال الذي نادرًا ما تم تناوله من قبل الدراسات القانونية الدولية (مع استثناء هذه الدراسة التي أجراها مايلز جاكسون)، هو سؤال أساسي وأولي للنظر فيما إذا كان الفصل العنصري يمكن أن يحدث في منطقة محتلة معينة. ويواصل أنه في الآونة الأخيرة، وبفضل عمل بعض المنظمات غير الحكومية فيما يتعلق بالأراضي الفلسطينية المحتلة، أعيد إثارة الجدل حول إذا ما كان الفصل العنصري يحدث في بعض مناطق الضفة الغربية، بما في ذلك على سبيل المثال سلسلة نشرت في مدونة المجلة الأوروبية للقانون الدولي. على الرغم من أن إمكانية تطبيق مفهوم الفصل العنصري في هذه المنطقة ليس مصدرًا جديدًا للنقاش، فإن السؤال الأولي حول إمكانية وجود الفصل العنصري مع الاحتلال لم يحظَ بالاهتمام اللازم.
قانون الاحتلال باعتباره الإطار القانوني الرئيسي الذي يحكم الأراضي المحتلة
يجادل لونجوباردو، كاتب المقال، أن القانون الدولي الإنساني يحكم الواجبات والصلاحيات الرئيسية لقوى الاحتلال. وذلك من خلال القواعد ذات الصلة الواردة في قواعد لاهاي لعام 1907، واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، والبروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 والتي غالبًا ما توصف بأنها “قانون الاحتلال” والتي باختصار تمنح دولة الاحتلال سلطات إدارية معينة، لا سيما لاستعادة وضمان النظام العام والحياة المدنية في الأراضي المحتلة (المادة 43 من قواعد لاهاي.)
يتابع لونجوباردو أنه بموجب قانون الاحتلال، لا تكتسب سلطة الاحتلال أبدًا السيادة على الأراضي المحتلة، ولا يلتزم السكان المحليون بأي واجب طاعة لسلطة الاحتلال، حيث يعتبر الاحتلال حالة يُجبر فيها كيانان متعاديان على العيش معًا بشكل مؤقت، ومن أجل تحقيق التوازن فإن القوة المحتلة وعلى الرغم من أنه لا يمكنها انتهاك حقوق معينة للسكان المحليين (مثل تلك الحقوق المحمية بموجب المواد 44-56 من قواعد لاهاي، والمواد 49 – 78 من اتفاقية جنيف الرابعة، والمادة 75 من البروتوكول الإضافي الأول)، فإن القوة المحتلة تتمتع بسلطات محددة وواسعة النطاق فيما بتعلق بالحفاظ على النظام العام والحياة المدنية (المادة 43 من قواعد لاهاي والمواد 27 (4) و49 (2) و78 من اتفاقية جنيف الرابعة).
ويواصل، تطبيقًا لما سبق، بموجب قانون الإحتلال يجب على إدارة الأراضي المحتلة أن تركز على رفاهية السكان المحليين، لكن لا يوجد في القانون ما يشير إلى أن القوة المحتلة يجب أن تعامل السكان المحليين وفقًا لنفس المعايير التي تطبقها على سكانها. بل يحافظ قانون الاحتلال على التمييز بين تصرفات القوة المحتلة تجاه سكانها (بناءًا على نظامها القانوني المحلي ومفهوم السيادة) وعمل القوة المحتلة تجاه السكان المحليين (بناء على فكرة أن دولة الاحتلال يجب أن تغير الحياة اليومية والإطار القانوني للأراضي المحتلة بأقل قدر ممكن). ووفقاً للونجوبارد، بما أن قانون الاحتلال يسمح لسلطة الاحتلال بتقييد حقوق وحريات السكان المحليين للحفاظ على أمن جيشه والنظام العام في الأراضي المحتلة، فإنه يمكن الجدال بأن قانون الاحتلال يسمح إذن بتطبيق أنظمة قانونية مختلفة على السكان المحليين مقارنة بسكان الأراضي المحتلة.
قانون الاحتلال كإطار قانوني مفتوح (أو كثغرة قانونية)
يقول لونجوباردو أنه من الضروري الاعتراف بأنه في الأراضي المحتلة فإن الإطار القانوني المطبق لا ينحصر في قانون الاحتلال. فقد أكدت محكمة العدل الدولية في فتوى الجدار عام 2004، أنه “قد تكون بعض الحقوق [المتعلقة بإدارة الأراضي المحتلة] من مسائل القانون الإنساني الدولي حصريًا” (الفقرة 106؛ حرفيا، تم استنساخ هذه القاعدة أيضاً في حكم جمهورية الكونغو الديموقراطية ضد أوغندا 2005 الفقرة 216)، لكن بعض القضايا الأخرى يمكن أن تحكمها إطارات قانونية أخرى واجبة التطبيق. ويضيف أن المحكمة كانت تناقش انطباق اتفاقيات القانون الدولي لحقوق الإنسان، لكنها في بعض الفقرات السابقة كانت قد قضت بالفعل بوجود قاعدتين أخريين من القانون الدولي منصوص عليهما في ميثاق الأمم المتحدة وفي القانون الدولي العرفي على حد سواء، وهما حظر استخدام القوة المسلحة ومبدأ تقرير مصير الشعوب، ينطبقان في الأراضي المحتلة (فتوى الجدار، الفقرات 87-88).
يرى لونجوباردو أنه بعد هذه التصريحات ولأسباب مفهومة، استحوذ اهتمام الأكاديميين على النقاش الدائر حول انطباق اتفاقيات القانون الدولي لحقوق الإنسان على الأراضي المحتلة وإمكانية وقوع تضارب معياري محتمل مع قواعد القانون الدولي الإنساني – وهو موضوع لا يمكن شرحه بالتفصيل في هذا المقال (وكان الكاتب قد ناقش هذه المسألة في مقال سابق له هنا من ص 62-82). ومع ذلك، يعتبر لونجوباردو أن السؤال الحقيقي أوسع من ذلك، ويتعلق بقابلية تطبيق قواعد قانون المعاهدات والقانون العرفي في الأراضي المحتلة كمصدر إضافي للالتزامات على سلطة الاحتلال خارج القواعد التي ينظمها قانون الاحتلال. ويشير إلى ما وضحته بعض الدراسات القديمة نسبيًا إلى مقاربة أوسع لهذه المسألة، والتي كان لها تداعيات على عدد من القضايا أبعد من مجرد قانون حقوق الإنسان، بما في ذلك حماية البيئة والحماية من الأوبئة.
لا يوجد في قانون الاحتلال ما يحظر تطبيق قواعد أخرى من القانون الدولي على الأراضي المحتلة، طالما أن تطبيقها لا يؤدي إلى انتهاك قانون الاحتلال نفسه
بالنسبة للونجوباردو فإن نقطة البداية هي أنه لا يوجد في قانون الاحتلال ما يحظر تطبيق قواعد أخرى من القانون الدولي على الأراضي المحتلة، طالما أن تطبيقها لا يؤدي إلى انتهاك قانون الاحتلال نفسه، أو ما لم تكن القاعدة ذات الصلة بحد ذاتها غير قابلة للتطبيق في أوقات النزاع المسلح. لا تنطبق أي من هذه الظروف على الفصل العنصري.
الفصل العنصري كجريمة دولية تنطبق على الأراضي المحتلة
يضيف لونجوباردو أنه وفقًا للاتفاقية الدولية لعام 1973 بشأن قمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها، يُعرف الفصل العنصري أنه “يشمل سياسات وممارسات العزل والتمييز العنصريين المشابهة لتلك التي تمارس في الجنوب الأفريقي، علي الأفعال اللاإنسانية الآتية، المرتكبة لغرض إقامة وإدامة هيمنة فئة عنصرية ما من البشر علي أية فئة عنصرية أخري من البشر واضطهادها إياها بصورة منهجية”. وهكذا، وعلى عكس ما يجادل به بعض الأكاديميين، لا يوجد شيء في القانون الدولي يستبعد تطبيق الفصل العنصري على الأراضي المحتلة. إن حالة الاحتلال ونظام الفصل العنصري ليسا متنافيين. حقيقة أن الفصل العنصري يُنظر إليه عادةً على أنه انتهاك للحق في تقرير المصير الداخلي للشعب (انظر على سبيل المثال كاسيس، 120-121؛ دوغارد، 86؛ سيناراتني، 68)، في حين أن الاحتلال يتعدى على حق تقرير المصير الخارجي (كاسيس، 90-99)، إنما يعكس فقط أشهر حالات الفصل العنصري – حالة جنوب إفريقيا – التي حدثت داخل الدولة نفسها.
لا تذكر اتفاقية الفصل العنصري قابليتها للتطبيق في النزاعات المسلحة، كما أنها لا تحصر قابليتها للتطبيق فقط في أوقات السلم. وبالمثل، فإن الاتفاقية لا توضح النطاق الإقليمي لتطبيقها
ويتابع أنه عند التعامل مع تطبيق معاهدة ما في الأراضي المحتلة يجب الإجابة على سؤالين: ما إذا كانت تلك المعاهدة تنطبق في حالة وجود نزاع مسلح (لأن أي احتلال هو جزء من نزاع مسلح) وما إذا كانت تلك المعاهدة تنطبق خارج الحدود الإقليمية (لأن الأرض المحتلة هي بحكم التعريف جزء من الأرض لا ينتمي إلى سلطة الاحتلال). لا تذكر اتفاقية الفصل العنصري قابليتها للتطبيق في النزاعات المسلحة، كما أنها لا تحصر قابليتها للتطبيق فقط في أوقات السلم. وبالمثل، فإن الاتفاقية لا توضح النطاق الإقليمي لتطبيقها. ويتساءل: هل هذا كافٍ لاعتبار أن الفصل العنصري لا ينطبق على الأراضي المحتلة؟
يجيب: لا أعتقد ذلك. ويفسر: أولاً، تجدر الإشارة إلى أن اتفاقية الفصل العنصري يمكن اعتبارها إما معاهدة لحقوق الإنسان أو معاهدة قانون جنائي دولي. وفي هذا، تشبه الاتفاقية اتفاقية عام 1948 بشأن منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها والاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لعام 2006. في حين توضح هاتان الاتفاقيتان أنهما تنطبقان على النزاع المسلح، فإن عدم وجود نصوص مماثلة في اتفاقية الفصل العنصري ليس قاطعًا في أي اتجاه. وبالنظر إلى اتفاقية الفصل العنصري باعتبارها معاهدة قانون حقوق إنسان، ينبغي للمرء أن يستنتج أنه في حالة عدم وجود أي تقييد، فإنه ينطبق على النزاع المسلح. هذا هو الاستنتاج الذي قدمته محكمة العدل الدولية في فتوى الجدار سالفة الذكر (الفقرة 112) فيما يتعلق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966، والذي لا يتضمن أي حكم بشأن قابلية تطبيقه في النزاع المسلح. وهكذا، أقرت محكمة العدل الدولية انطباق الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري لعام 1965 في النزاعات المسلحة، على الرغم من حقيقة أنه لا يوجد نص يشير إلى انطباقها في حالة النزاع المسلح.
واصل الكاتب بأن افتراض أن تكون اتفاقية القضاء على التمييز العنصري قابلة للتطبيق في النزاع المسلح تتضح أيضاً من خلال عدد من التطبيقات المشتركة بين الدول فيما يتعلق بانتهاكاتها المزعومة في النزاع المسلح، وكذلك من خلال ممارسة لجنة القضاء على التمييز العنصري فيما يتعلق بإسرائيل. هذه النقطة مهمة بشكل خاص فيما يتعلق بالفصل العنصري، بما أن المادة 3 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري تحظر الفصل العنصري على وجه التحديد (“تدين الدول الأطراف بشكل خاص التمييز العنصري والفصل العنصري وتتعهد بمنع وحظر واستئصال جميع الممارسات من هذا النوع في الأراضي الخاضعة لولايتها القضائية”).
ويتابع، الاستنتاج القائل بأن الفصل العنصري بموجب اتفاقية الفصل العنصري واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري ينطبق على النزاع المسلح يتماشى مع رأي لجنة القانون الدولي. فقد أدرجت اللجنة في عملها المتعلق بآثار النزاعات المسلحة على المعاهدات، كون “معاهدات الحماية الدولية لحقوق الإنسان” تقع ضمن قائمة المعاهدات التي يُفترض استمرار تطبيقها في النزاعات المسلحة.
يقول الكاتب أنه يمكن الوصول إلى نفس النتيجة إذا ما اعتبرنا اتفاقية الفصل العنصري معاهدة قانون جنائي دولي. أولاً، البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977، وهو صك من صكوك القانون الدولي الإنساني الذي يحكم النزاع المسلح، يعتبر “ممارسات الفصل العنصري وغيرها من الممارسات اللاإنسانية والمهينة التي تنطوي على اعتداء على الكرامة الشخصية، على أساس التمييز العنصري” من بين تلك الانتهاكات الجسيمة لقانون النزاعات المسلحة. الانتهاكات التي يجب على المتحاربين تجريمها ومحاكمتها باعتبارها جرائم حرب (المادة 85 (4) (ج)). وعلاوة على ذلك، يعتبر الفصل العنصري جريمة ضد الإنسانية، ومن الثابت اليوم أن الجرائم ضد الإنسانية يمكن أن تُرتكب إما في وقت السلم أو في النزاع المسلح، الأمر الذي أكده النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، الذي يذكر الفصل العنصري أيضًا (المادة 7 (1) (ي)).
وكما أوضحت لجنة القانون الدولي، في مسودة موادها لعام 2019 بشأن منع الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية والمعاقبة عليها، أن الجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك الفصل العنصري، يجب أن يُعاقب عليها في النزاعات المسلحة (مسودّة المادة 3). يتماشى هذا الاستنتاج مع نصوص اتفاقية الإبادة الجماعية المذكورة أعلاه واتفاقية الاختفاء القسري، وكذلك مع رأي لجنة القانون الدولي، التي أكدت أن “المعاهدات المتعلقة بالعدالة الجنائية الدولية” لا تزال سارية في النزاعات المسلحة بسبب طبيعة موضوعها (انظرمشروع بنود عن آثار النزاعات المسلحة على المعاهدات2011، المرفق، الفقرة د).
اما فيما يتعلق بما إذا كانت اتفاقية الفصل العنصري واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري تنطبق خارج الحدود الإقليمية للدولة، أي على الأراضي التي تحتلها، فيرى لونجوباردو أن هناك القليل مما يمكن أن يقال بالخصوص. كما تم تلخيصه ومناقشته من خلال الدراسات الوفيرة، فقد أكدت السوابق القضائية الدولية باستمرار أن اتفاقيات القانون الدولي لحقوق الإنسان تنطبق عندما تمارس الدولة ولاية قضائية خارج إقليمها في شكل سيطرة فعالة على جزء من الأراضي – كما هو الحال في حالة الاحتلال. حتى أقل القرارات إقناعاً بشأن عدم قابلية تطبيق اتفاقية حقوق الإنسان في النزاع المسلح، مثل قرار جورجيا ضد روسيا (الثاني) الأخير للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، أكدت أن هذه الاتفاقيات تنطبق في الأراضي المحتلة (جورجيا ضد روسيا (الثاني)، الفقرات 146-175).
ويواصل بأنه: قد يجادل المرء بأن التطبيقات خارج الحدود الإقليمية للاتفاقيات مثل اتفاقية الفصل العنصري أو اتفاقية الإبادة الجماعية تختلف فيما يتعلق بالالتزام محل النظر: على سبيل المثال، الالتزام بمقاضاة الانتهاكات المزعومة لاتفاقية الإبادة الجماعية يخضع لقواعد القانون الدولي العادية التي تحكم ممارسة الولاية القضائية الجنائية للدول إلى جانب القواعد الخاصة بموجب المادة السادسة من الاتفاقية نفسها، في حين أن النطاق الإقليمي لواجب منع الإبادة الجماعية مقيد بـ “القدرة على التأثير بشكل فعال على عمل الأشخاص الذين يحتمل أن يرتكبوا، أو يرتكبون بالفعل، إبادة جماعية”. ومع ذلك، لا يوجد شيء في اتفاقية الفصل العنصري – أو في أي اتفاقية مماثلة – يحد من تطبيق واجب عدم ارتكاب الفصل العنصري (أو، مع مراعاة ما يقتضيه اختلاف الحال، الإبادة الجماعية) بما يتجاوز القواعد المتعلقة بالتطبيق خارج الحدود الإقليمية لمعاهدات حقوق الإنسان. وفي الواقع، أقرت محكمة العدل الدولية ضمنيًا أن الحظر المفروض على الإبادة الجماعية بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية ينطبق خارج الحدود الإقليمية (انظر الحكم الصادر في قضية البوسنة ضد صربيا لعام 2007، مع ذلك، لم يُنظر إلى السلوك ذي الصلة على أنه يُنسب إلى قوات الدولة).
لا يوجد شيء في اتفاقية الفصل العنصري – أو في أي اتفاقية مماثلة – يحد من تطبيق واجب عدم ارتكاب الفصل العنصري
ويجادل، أنه علاوة على ذلك، يجب التأكيد على أن القواعد المتعلقة بالفصل العنصري الواردة في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري تنطبق صراحة على أي إقليم يخضع لولاية الدولة، وليس على أراضيها وحدها، وذلك بالاستناد إلى المادة 3 من الاتفاقية: “تتعهد الدول الأطراف بمنع وحظر واستئصال جميع الممارسات من هذا النوع في الأراضي الخاضعة لولايتها” (التشديد مضاف). وفقًا للجنة القضاء على التمييز العنصري، المادة 3 تشمل “مثل هذه الممارسات … التي تفرضها القوات خارج الدولة”، وكذلك تلك التي تمارسها الدولة مباشرة. كما لاحظ ثورنبيري، المادة 3 تمثل بند الاختصاص القضائي الوحيد في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، وهي تنطبق صراحةً على أي إقليم خاضع لولاية الدولة فيما يتعلق بالفصل العنصري، في حين لم يتم تضمين أي إشارة فيما يتعلق بالمحظورات الأخرى بموجب تلك المعاهدة. وهكذا، فالأرض المحتلة هي بطبيعة الحال أرض خاضعة لولاية دولة الاحتلال.
ومن ثم يخلص الكاتب إلى أنه من الجدير بالذكر أن محكمة العدل الدولية قد رأت أن فكرة الفصل العنصري كانت تنطبق على الأراضي المحتلة فيما يتعلق بناميبيا. على الرغم من أن هذا الاعتبار لا يتعلق باتفاقية الفصل العنصري، التي لم تكن موجودة في عام 1971، فإن استنتاج المحكمة يدعم فكرة أن مفهوم الفصل العنصري ينطبق على الأراضي المحتلة.
خلاصة: كيفية تطبيق الفصل العنصري في الأراضي المحتلة
يبين الكاتب أنه إذا كان قانونا الاحتلال والفصل العنصري ينطبقان على الأراضي المحتلة، فما هي العلاقة بينهما؟ أولاً، من الممكن ألا تتقاطع اتفاقية الفصل العنصري وقانون الاحتلال فيما يتعلق بسلوك معين، بحيث يمكن تطبيقهما بشكل تراكمي دون أي تعارض معياري “normative conflict”. إذا كان هناك تعارض معياري واضح، فيجب تجنبه من خلال التفسير. يمكن العثور على هذا الاستنتاج في فتوى محكمة العدل الدولية لعام 1996 بشأن الأسلحة النووية، والتي أوضحت أنه في حالات التطبيق السياقي للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، يجب تفسير الأخير في ضوء الأول. لقد عكر هذا القول المأثور المياه لعقود من الزمن، منذ أخذت المحكمة بهذه العملية التفسيرية السياقية، والتي تتوافق تمامًا مع المادة 31 (3) (ج) من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969 التي تنص على أن تفسير شروط المعاهدة يجب أن يتم في ضوء أي قواعد أخرى من قواعد القانون الدولي المنطبقة بين الأطراف، وبدلاً من ذلك، وصفت المحكمة هذا المنهج بأنه تطبيق لمبدأ التخصيص lex specialis – وهو أسلوب لحل النزاعات المعيارية [تضارب القوانين]. ويواصل أنه، دون الحديث مطولًا في هذا الموضوع (حيث يحيل إلى مناقشة سابقة له هنا 71-80)، يكفي أن نقول إن استخدام القانون الدولي الإنساني لتفسير القانون الدولي لحقوق الإنسان أمر شائع في الاجتهاد القضائي لمحاكم وآليات حقوق الإنسان الأمريكية والأوروبية.
يرى الكاتب أنه بتطبيق هذا الاستنتاج على الموضوع المطروح، من الممكن القول أنه في السياق المحدد للأراضي المحتلة، يوجه قانون الاحتلال تفسير تعريف الفصل العنصري. فعلى سبيل المثال، مفهوم الاعتقال التعسفي والسجن غير القانوني في المادة 2 (أ) (3) من اتفاقية الفصل العنصري يجب تفسيره في ضوء قواعد قانون الاحتلال التي تسمح لسلطة الاحتلال بتقييد الحرية الشخصية للسكان المحليين (على سبيل المثال، المادة 78 من اتفاقية جنيف الرابعة). وبالمثل، فإن فكرة “التدابير التشريعية وغيرها من التدابير التي تهدف إلى منع جماعة أو مجموعات عرقية من المشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية للبلد” ينبغي تفسيرها في ضوء قواعد قانون الاحتلال المتعلقة بإقصاء أجهزة وموظفي السيادة السابقة (على سبيل المثال، المادة 54 من اتفاقية جنيف الرابعة). وهكذا، من الصعب للغاية تصور أي تعارض بين قانون الاحتلال والفصل العنصري لا يمكن حله من خلال التفسير.
ويختم بقوله أنه بصرف النظر عن واجب تفسير إطار محدد من القانون في ضوء الآخر، لا يوجد في قانون الاحتلال أو القانون الدولي لحقوق الإنسان أو القانون الجنائي الدولي أو فروع القانون الدولي الأخرى ما يمنع تطبيق مفهوم الفصل العنصري على الأراضي المحتلة.