الحملة الأمريكية الإسرائيلية ضد المحكمة الجنائية الدولية
اللغة الأصلية للنص: الإنجليزية
عنوان المقال بالإنجليزية:
The US-Israeli Campaign against the ICC
رابط المقال الأصلي ومصدره بالانجليزية: هنا
تاريخ نشر المقال الأصلي: 25 مايو/ ايار 2020
الكاتب: البروفيسور ايتان جلبوع، وهو مدير كلية الاتصالات ومركز الاتصالات الدولية في جامعة بار إيلان، وباحث مشارك في مركز بيغن السادات للدراسات الاستراتيجية.
ترجمه إلى العربية: نسرين الحلو
ل: القانون من اجل فلسطين
نشر مركز بيزا للدراسات الإستراتيجية، التابع لجامعة بار إيلان مقالة للبروفيسور ايتان جلبوع، حول تصريح وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، حيث كان أصدر تحذيراً شديد اللهجة إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي لمنع المدعية العامة فاتو بنسودة من المضي في التحقيق بجرائم الحرب المزعومة التي ارتكبتها إسرائيل.
وقال الكاتب إن التحقيق أثار قلق إسرائيل، وكذلك الأمر بذات الخطورة ينطبق على الولايات المتحدة بشأن إجراء تحقيق من جانب المحكمة الجنائية الدولية في جرائم حرب مزعومة في أفغانستان، حيث أراد بومبيو عبر تصريحه إرسال رسالة أوسع مفادها، إن أي تحقيق للمحكمة الجنائية الدولية بشأن إسرائيل والولايات المتحدة سيكون خطيراً، ويجب على الحلفاء استخدام جميع الأدوات الدبلوماسية والقانونية المتاحة لهم لمحاربة ونزع الشرعية عن المدعي العام والمحكمة الجنائية.
وأضاف الكاتب إلى تحذير بومبيو ب ” أن المحكمة الجنائية الدولية هيئة سياسية وليست مؤسسة قضائية”، وانتقاده المدعية العامة فاتو بنسودة لرغبتها في التحقيق فيما وصفته بــ “جرائم الحرب” الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية. وأشار إلى أن الفلسطينيين الذي قدموا الشكوى الأصلية، ليس لديهم دولة ذات سيادة” وبالتالي فهم غير مؤهلين للحصول على العضوية الكاملة أو المشاركة كدولة في المنظمات أو الكيانات أو المؤتمرات الدولية”، بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية. وقال بومبيو: “المحكمة التي تحاول ممارسة سلطتها خارج نطاق اختصاصها، وبالتالي هي أداة سياسية تسخّر القانون والإجراءات القانونية الواجبة لتلك الغاية”. محذراً بقوله:” إذا استمرت المحكمة الجنائية الدولية في مسارها الحالي، فسوف نحدد العواقب”.
وهنا يشير الكاتب بأن قرار بنسودا بالتحقيق موضع شك كبير، وبرأيه أن أي هيئة أخرى تابعة للأمم المتحدة ستكون مسيسة للغاية ومنحازة بشدة. وأوضح الكاتب أن المحكمة الجنائية الدولية تأسست في عام 2002 للتحقيق في الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، مثل الإبادة الجماعية، التي ترتكبها دول لا تحقق في جرائم الحرب ضد مواطنيها. وبالتالي الحالة الإسرائيلية لا تستوفي أياً من هذه الشروط الأساسية، حسب الكاتب. وهكذا انتهكت بنسودة قواعد وإجراءات المحكمة الجنائية الدولية لغرض صريح وهو ملاحقة إسرائيل، وهي تفعل ذلك بأمر من الفلسطينيين، حسبما قال. وبسبب هذه الانتقادات، اضطرت المدعية العامة إلى مطالبة هيئة ما قبل المحكمة المكونة من ثلاثة قضاة بتفويض تحقيقها. وهؤلاء القضاة، بيتر كوفاكس من المجر، ورين ألابينى – غانسو من بنين، ومارك بيرين من فرنسا، يتداولون الآن في طلبها.
وخلال زيارة قام بها بومبيو لإسرائيل مؤخرًا، طلب منه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو التصرف بقوة ضد بنسودا والمحكمة، عبر إصدار تحذير للمحكمة. وبدوره، لم يستجيب بومبيو لطلب نتنياهو فحسب، بل تابع أيضاً رسالة أرسلها إليه 69 عضوا في مجلس الشيوخ و 262 نائباً من كلا الجانبين يطلبون منه الدفاع بقوة عن إسرائيل ضد التحقيق المعلق للمحكمة الجنائية الدولية ليس من أجل إسرائيل فقط، بل حتى لا تدخل الولايات المتحدة في هذا الصراع.
وقال الكاتب: في نوفمبر 2017، أعلنت بنسودة أن لديها أدلة كافية للتحقيق في جرائم الحرب الأمريكية المزعومة في أفغانستان، كما فعلت لاحقا في قضية إسرائيل، وأنها طلبت من اللجنة التمهيدية المكونة من ثلاثة قضاة الإذن بالتحقيق. ولذلك انتقدتها الإدارة الأمريكية بشدة، وألغت تأشيرتها إلى الولايات المتحدة، وهددت بمقاضاتها في محكمة أمريكية بالإضافة إلى أي شخص آخر قد يكون متورطاً في القضية، بما في ذلك موظفوها وحتى قضاة المحكمة الجنائية الدولية.
وكان كبار المسؤولين الأمريكيين قالوا أنه إذا تجرأت المحكمة على احتجاز مواطن أمريكي، فإن الولايات المتحدة ستستخدم القوة للإفراج عنه، وقد اتهم الرئيس ترامب وبومبيو وجون بولتون مستشار الأمن القومي آنذاك، المحكمة الجنائية الدولية بأنها سياسية، وفاسدة، وغير مسؤولة، وغير خاضعة للمساءلة، وتفتقر إلى الشفافية، وبالتالي فهي غير شرعية.
وأضاف الكاتب: على ما يبدو، فإن التهديدات الشديدة قد أثرت على قضاة ما قبل المحاكمة، الذين لم يسمحوا لبنسودة بمواصلة تحقيقها في الولايات المتحدة، ومع ذلك استأنفت القرار وفازت، وتم عكس قرار اللجنة التمهيدية الأصلي وهي الآن مخولة لمواصلة التحقيق، وبالتالي، فإن تحذير بومبيو بشأن القضية الإسرائيلية هو أيضا رسالة حول تحقيق المحكمة المعلق.
وذكر الكاتب أن ثماني دول من جميع القارات باستثناء آسيا (ألمانيا، النمسا، المجر، البرازيل، أوغندا، وجمهورية التشيك، أستراليا، وكندا) قدمت اعتراضا رسمياً على خطة بنسودا لمقاضاة إسرائيل. إلا أنه تم استبعاد الاحتجاج الكندي لأسباب فنية.
ومن الجدير ذكره أن اعتراض ألمانيا مهم بشكل خاص، لأنها من أقوى المؤيدين للمحكمة الجنائية الدولية. كما قدمت العشرات من الهيئات غير الحكومية والخبراء اعتراضات. وقد ظهرت على السطح شهادة حول ماضي بنسودة البغيض حسب زعمهم، حيث زعم البعض أنها عندما شغلت منصب وزيرة العدل في غامبيا، كانت جزءً لا يتجزأ من نظام وحشي واستبدادي مذنب بالقمع والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
علاوة على ذلك، كشفت تقارير إخبارية مؤخراً أن بنسودة نصحت المسؤولين الفلسطينيين بكيفية الحصول على قرار من المحكمة بالتحقيق وإدانة إسرائيل، وأنها تعاونت مع المنظمات الفلسطينية أثناء إعداد موجزها لقضاة ما قبل المحكمة، كل هذا السلوك ينتهك قواعد المحكمة الجنائية الدولية.
مضيفًا، إذا سمحت لجنة ما قبل المحاكمة للمدعي العام بفتح تحقيق في إسرائيل، فقد يكون في ذلك تداعيات قانونية خطيرة على السياسيين والمسؤولين الإسرائيليين رفيعي المستوى، حيث أنه من المرجح أن يستدعي المدعي العام العديد منهم للاستجواب. وفي حالة تجاهلهم لأمر الاستدعاء، وهو ما يرجح أن يفعلوه، يمكن للمدعي العام عندئذ إصدار أوامر دولية بالقبض عليهم، وبعد ذلك يتم إلقاء القبض عليهم وتسليمهم إلى المحكمة إذا قامو بزيارة أي من الدول ال 132 التي هي طرف في نظام روما الأساسي.
من الواضح أن هذا ممكن حدوثه في الولايات المتحدة أو أي من الدول الأخرى التي لم تنضم أبداً إلى نظام روما الأساسي أو التي انضمت وانسحبت لاحقا، يضيف الكاتب. ويتابع: ومع ذلك، في ضوء التحيز الواسع النطاق والتسييس المفرط للقانون الدولي، فإن تحقيق المحكمة الجنائية الدولية في جرائم الحرب الإسرائيلية المزعومة يمكن أن يضر بشدة بمكانة إسرائيل وسمعتها في العالم.
في 17 مايو 2020، أثناء تقديم نتنياهو للحكومة الجديدة، أشار إلى جزء من تهم بنسودة التي تصف بناء المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية بجرائم حرب، وقال: “سنحارب محاولة المحكمة الجنائية الدولية اتهام جنود جيش الدفاع الإسرائيلي بارتكاب جرائم حرب، ودولة إسرائيل بارتكاب جريمة مروعة تتعلق ببناء رياض أطفال، يا له من نفاق، ويا له من تحريف للحقيقة، هذه المناطق من البلاد هي مسقط رأس الأمة اليهودية. حان الوقت لتطبيق القانون الإسرائيلي عليهم.”
وأضاف الكاتب أنه يمكن للمحادثات حول التطبيق الأحادي للسيادة الإسرائيلية على غور الأردن و “المستوطنات” اليهودية في الضفة الغربية، على النحو المنصوص عليه في خطة ترامب للسلام الإسرائيلي الفلسطيني، أن تعرقل الجهود الدولية لمنع تحقيق المحكمة الجنائية الدولية. مضيفا أنه “لا يمكن لإسرائيل أن تتعامل بمفردها مع مخاطر التحقيق ولائحة الاتهام المحتملة من قبل مدعٍ عام متحيز و فاسد و محكمة مسيسة للغاية”، وهكذا، بحسب الكاتب، تبدو مساعدة الولايات المتحدة والدول الأخرى أمرا بالغ الأهمية، وليس من المؤكد بأي حال من الأحوال أن ترامب سيفوز بإعادة انتخابه في نوفمبر، وليس لدينا أي فكرة عن التوازن في الكونجرس بين الجمهوريين والديمقراطيين إذا قررت المحكمة التخلي عن خطتها للتحقيق مع الولايات المتحدة، فإن الديمقراطيين الذين تحركوا إلي اليسار في العقد الماضي واشتبكوا مع الحكومة الإسرائيلية قد لا يشعرون بأي حاجة لتبنى سياسة صارمة تجاه المحكمة الجنائية الدولية والدفاع بقوة عن إسرائيل.
إن تحذير بومبيو للمحكمة أمر حازم لهزيمة بنسودا والفلسطينيين الذين يحاولون تقويض مكانة إسرائيل في العالم وحقها في الدفاع عن النفس، لكن هذا لا يكفي، كما يقول الكاتب. بل يجب على إسرائيل أن تشن حملة قوية لا هوادة فيها ضد المحكمة، بكل الوسائل الدبلوماسية والقانونية المتاحة لها.